أكدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الحكومة الأميركية لم تخفِ شكوكها في القدرة على كسب الحرب في أفغانستان كما اتهمتها صحيفة “واشنطن بوست” مؤخرا بعد تحقيق واسع.

ورفض وزير الدفاع الأميركي مارك اسبر ورئيس الأركان الجنرال مارك مايلي ما ورد في تحقيق للصحيفة يؤكد أن المسؤولين العسكريين والمدنيين الأميركيين يعلنون منذ 2002 أنهم يحققون تقدما في مواجهة المتمردين في أفغانستان، ويعترفون في جلساتهم الخاصة بعكس ذلك.

وقال اسبر في مؤتمر صحافي “الأمر كان شفافا للغاية وليس كما يبدو أن الحرب تخفي شيئا ما”.

من جهته، صرح الجنرال مايلي في المؤتمر الصحافي نفسه “أعرف أن هناك حديثا عن كذب منسق منذ 18 عاما… أعتقد أنه تفسير سيء”.

وأضاف الجنرال في سلاح البر الذي قاتل ثلاث مرات في أفغانستان “أعرف أنني مثل كثيرين غيري، قدمت آراء استنادا إلى المعلومات التي بحوزتي”، موضحا أنها “آراء صادقة لم يكن هدفها يوما خداع الكونغرس أو الشعب الأميركي”.

وبدأت صحيفة “واشنطن بوست” الأسبوع الماضي نشر ما أسمته “وثائق أفغانستان”، وهي مجموعة من الوثائق الحكومية الداخلية تشير إلى الإخفاق في دحر حركة طالبان وتعزيز الحكومة الأفغانية.

وقالت الصحيفة إن الوثائق “تتناقض مع التصريحات العلنية التي صدرت لفترة طويلة عن الرؤساء الأميركيين والقادة العسكريين والدبلوماسيين الذين طمأنوا الأميركيين على مر السنين أنهم يحققون تقدما في أفغانستان وأن الأمر كان يستحق خوض الحرب”.

صحافة “جيدة جدا” –

وصف مايلي تحقيق “واشنطن بوست” بأنه “نص استقصائي جيدا جدا للصحافة”. لكنه شدد على أن الوثائق هي “نظرة إلى الماضي” من مقابلات وتقارير وضعت لمراجعة التجربة الأميركية وليس لإغفالها — خلافا ل”وثائق البنتاغون” التي نشرت في 1971 وكشفت تلاعب الحكومة في مسألة حرب فيتنام.

وأوضح أن القوات الأميركية نجحت في القضاء على تنظيم القاعدة الذي كان يتمركز في افغانستان وتبنى اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، وكذلك في معاقبة حماته في حركة طالبان.

وقال الجنرال الأميركي إن “الهدف الأساسي للذهاب إلى أفغانستان في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2001 كان منع أفغانستان من أن تصبح مجددا منصة لإطلاق هجمات” ضد الولايات المتحدة. وأضاف “هذا ما قمنا به وحتى الآن حققنا نجاحا”.

وتابع “كررنا لسنوات بوضوح أنه لن تكون هناك فرصة منطقية ومعقولة لتحقيق نصر عسكري ضد طالبان أو التمرد”، مشيرا إلى أن الرئيس الأسبق جورج بوش الابن “قال ذلك في وقت مبكر، قبل عيد الميلاد في العام 2001 والأمر ما زال صحيحًا حتى اليوم”.

المهمة الأميركية لم تكتمل

بوجود 13 ألف جندي أميركي حتى الآن، وصف الجنرال مايلي الوضع بأنه “جمود استراتيجي” لا يمكن حلحلته بدون تسوية تفاوضية بين طالبان وحكومة كابول.

أشار إلى أن الولايات المتحدة “لديها مصلحة حيوية ترتبط بالأمن القومي” في البقاء في أفغانستان، مؤكدا أن أن “جنودنا وبحارتنا وطيارينا ومشاة البحرية لم يضحوا بحياتهم في أفغانستان بلا جدوى”.

من جهته، أكد وزير الدفاع الأميركي أن البنتاغون لديه سبب مهم للوجود في أفغانستان. وقال “لدينا مهمة في أفغانستان تتلخص في التأكد من أنها لن تتحول مجددا إلى ملاذ آمن للإرهابيين”.

وأضاف “لذلك وإلى أن نصبح متأكدين أن المهمة اكتملت، سنحافظ على وجود لنا هناك لتحقيق ذلك”.

وأشار إلى أن الحرب في افغانستان يراقبها عن كثب عدد من وفود الكونغرس وتحقيقات “هيئة التفتيش العامة الخاصة لإعادة الإعمار في أفغانستان” (سيغار) والعديد من الصحافيين.

وأضاف “لذلك ومع كل الذين تابعوا هذا النزاع على مر السنين، الإيحاء بوجود هذا النوع من المؤامرة، أمر مثير للضحك في نظري”.

واعتمد التحقيق الذين نشرته “واشنطن بوست” الأسبوع الماضي، على آلاف الوثائق الصادرة عن “سيغار” الهيئة التي أنشئت في 2008 للتحقيق في النفقات المفرطة المرتبطة بالتدخل الأميركي في أفغانستان.

وتشير المقابلات التي أجريت مع مسؤولين مشاركين في جهود الحرب وإعادة الإعمار إلى إنفاق في الميزانية بلا رقابة في بلد لا تديره حكومة مركزية قوية، مما غذى انتشار الفساد ودفع السكان إلى رفض التحالف الدولي والالتفات إلى حركة طالبان.