عادة ما تشير أصابع الاتهام عند الحديث عن أسباب السمنة تحديدًا إلى نمط الحياة الثقيل الذي يفتقد إلى الحركة، ويعتمد أكثر على الاستقرار في المكان والجلوس لفترات طويلة، خاصة بعد أن فرض هذا النمط من الحياة على البعض إجباريًا، حيث تتطلب طبيعة العمل أحيانًا الجلوس لفترة لا تقل عن 8 ساعات، إضافة إلى عدة ساعات إضافية تقضى في وسائل المواصلات، وأخيرًا الاسترخاء أمام شاشة التليفزيون أو الكمبيوتر أو ما إلى ذلك ..ولكن هل هذا هو السبب الحقيقي وراء مرض العصر “السمنة” أم هناك أسباب أخرى؟

عكفت دراسة نيوزلندية من جامعة أوتاجو على مراجعة نتائج 23 دراسة أخرى لاختبار صحة تأثير الجلوس طويلًا على زيادة الوزن لدى البالغين وتوصلت من خلال ذلك إلى حساب دقيق لمعدل الزيادة الحقيقة خلال الجلوس لساعات طويلة  وتوصلت في النهاية إلى أنّ كل الزيادة التى تحدث نتيجة الجلوس طويلًا لا تزيد عن معدل 0.02 ملم في محيط الخصر مقابل الجلوس ساعة يوميًا لمدة 5 سنوات، ويالتأكيد فهي زيادة لا تذكر.

 

الوفاة المبكرة

وقد ذكرت منظمة الصحة العالمية أنّ الخمول البدني يأتي رابع أخطر العوامل التي تؤدى للوفيات فى جميع أنحاء العالم، فحوالي 3.2 مليون شخص يموتون سنويًا لأنهم ليسوا نشطاء بما فيه الكفاية.

في حين أشارت دراسة حديثة نشرها موقع Health Day News أنّ باحثين كنديين كشفوا عن ارتباط الجلوس لفترات طويلة يوميًا بارتفاع احتمالات الإصابة بأمراض القلب والسكري والسرطان والموت بنسبة كبيرة.

وذكرت الدراسة التي استخلصت نتائج 47 دراسة سابقة أخرى أنّ ممارسة التمارين الرياضية بانتظام لا تمنع فرص التعرض للمرض أو الوفاة المبكرة التي تأتي من الجلوس كثيرًا كل يوم.

كما أكّد الباحث أفيروب بيسواس، وهو حاصل على الدكتوراة، في تورونتو، أن حالة الجسم عند الوقوف تجعل عضلات معينة في الجسم تعمل جاهدة لإبقائنا في وضع مستقيم، وبمجرد التخلي عن هذا الوضع والاستسلام للحصول على فترات جلوس طويلة يحدث خلل في نظام الأيض لدينا، ولا يتوقف الأمر عند هذ الحد فالخمول يرتبط بالكثير من الآثار السلبية الأخرى.

وبالرغم من إيضاح الباحثين أنّ من مارسوا الرياضة بانتظام من المشاركين في الدراسة لا تظهر النتائج الصحية لديهم أحسن كثيرًا من أولئك الذين جلسوا لفترات طويلة، إلا أن أولئك الذين لم يمارسوا الرياضة سوى القليل لا يواجهون مخاطر صحية أعلى من الذين جلسوا لفترات طويلة.

 

السكري

وأوضحت الدراسة أنّ ساعات الجلوس الطويلة تؤثر بالفعل على الوزن لكن ليس كما نعتقد، فأضرار الجلوس طويلًا لا تقتصر على مجرد زيادة الوزن التى ثبت حتى أنها برئية منه، ولكنها فعليًا تتسبب في بارتفاع نسبة السكر وزيادة نسبة الدهون الثلاثية بالدم.

فقد اتضح أنّ قدرة الجسم تتأثر بالاستجابة للأنسولين فى حالة الجلوس ليوم واحد فترة طويلة، وهو ما يتسبب في جعل البنكرياس يضطر لإنتاج كميات متزايدة من الأنسولين، ولذا فقد يؤدي هذا إلى الاصابة بمرض السكري.

ولهذا فالدراسة لا تقلل من خطر الجلوس لفترات طويلة، ولكنها تشير إلى عدم التركيز فقط على تقليل الوزن وتدعو إلى الوقاية من مرض السكري والأمراض الأخرى بتقليل ساعات الجلوس.

 

سرطان القولون

وقد ظهر كذلك أن الزيادة في إنتاج الأنسولين التى تحدث بسبب الجلوس طويلًا قد تشجع على نمو الخلايا السرطانية، وتحديدًا فهى قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون والثدي وسرطان بطانة الرحم.

 

القلب

كما كشفت الأبحاث المنشورة في مجلة الكلية الأمريكية لأمراض القلب أنّ الأشخاص الذين يجلسون لمدة 10 ساعات أو أكثر يوميًا، قد يتعرضون لخطر الإصابة بأمراض القلب أكثر بكثير من أولئك الذين يجلسون لمدة خمس ساعات أو أقل وأوضحت أن حالة الدم عند الجلوس تبدأ في التدفق بصورة أبطأ وتتعثر فى حرق دهون العضلات، مما يجعل من الأسهل للأحماض الدهنية سد القلب.

 

الهضم

ويتسبب كذلك الجلوس لفترات طويلة في إبطاء الهضم، حيث إنّ هئية الجسم أثناء الجلوس تؤدي إلى الضغط على محتويات البطن، والذي يمكن أن يؤدي بدوره إلى التشنج، والانتفاخ، والحرقة، والإمساك، وهذه الحالة تسببها الاختلالات الميكروبية في الجسم.

 

تلف في المخ

ولم يبعد نمط الحياة الذي يعتمد على الجلوس طويلًا عن الاتهام بالتسبب في تلف خلايا المخ وعدم القدرة على التركيز فقد يتسبب ذلك في تقليل وصول الأكسجين والدم إلى المخ فيؤدي إلى هذه النتائج الخطيرة

 

ارتفاع ضغط الدم

ولا يبعد احتمال الإصابة بارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول كذلك بسبب الجلوس طويلًا فالأشخاص الذين لا يتحركون كثيرًا هم أكثر عرضة لهذه الأمراض وربما الأكثر من ذلك.