قالت وزارة خارجية حكومة الوفاق الليبية، إن المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودة، أكدت للوزير محمد الطاهر سيالة، في اتصال هاتفي قبل أسبوعين، أنها باشرت إجراءات التحقيق في الجرائم التي ارتكبتها قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، في البلاد.
جاء ذلك في مقابلة أجرتها وكالة الأناضول، مع محمد الهادي القبلاوي، المتحدث بسام خارجية الوفاق (المعترف بها دوليًا)، خلال زيارته إلى العاصمة التركية أنقرة.
واعتبر قبلاوي، مباشرة المحكمة الجنائية التحقيق في جرائم قوات حفتر، نقطة لابد من الاستناد إليها، لأن توجيه التهمة لابد له من أدلة وإثباتات تورط هذه القوات.
ويشير في هذا الصدد، إلى أن خارجية الوفاق قدمت للجنائية الدولية، كل الملفات التي تثبت ارتكاب قوات حفتر لجرائم، من خلال مقاطع مصورة واعترافات الناطق باسم قوات حفتر (أحمد المسماري) شخصيا، بقصف مركز إيواء المهاجرين غير النظاميين في تاجوراء (الضاحية الشرقية للعاصمة طرابلس)، وحي “القلعة” بمدينة مرزق (أقصى جنوب الغرب).
والإثنين الماضي، اتهمت حكومة الوفاق، طيران حفتر بقصف حي “القلعة” مخلفا 45 قتيلًا و40 جريحا، وسبقها مقتل 53 شخصا ونحو 130 جريحا، في غارة على مركز لإيواء المهاجرين غير النظاميين بتاجوراء، في 2 يوليو/ تموز الماضي.
ويلفت القبلاوي، إلى أنه فور وقوع جريمة مرزق، استنكر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، المعترف بها دوليا، هذا القصف، وسارعت وزارة الخارجية بالاتصال بالجهات الدولية والحقوقية، وأرسل سيالة، رسالة إلى المدعية العامة للجنائية الدولية، ناشدها فيه اتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاكمة مرتكبي الجريمة.
ويستطرد: “طالبت وزارة الخارجية البعثة الأممية في ليبيا ومجلس الأمن الدولي، بتحمل مسؤولياتهما تجاه هذه الجريمة، لحماية المدنيين”.
ويضيف: “هناك العديد من الجرائم التي ارتكبتها قوات حفتر، والتي ترتقي إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، في انتهاك واضح للقانون الدولي ولقوانين حقوق الإنسان التي تطالب بحماية المدنيين”.
الموقف الفرنسي حول ليبيا “متناقض”
وعن الموقف الفرنسي تجاه الوضع في ليبيا، يقول المتحدث باسم الخارجية، إنه “متناقض”، ويتهم باريس بعرقلة صدور قرارات من مجلس الأمن الدولي تدين قوات حفتر.
ويقول في هذا السياق: “هناك انقسام دولي حول الأزمة الليبية، وهذا من شأنه تعقيدها، كما يعطي لبعض الأطراف المجال لمساندة حفتر، وعرقلة قرارات مجلس الأمن”.
ويوضح: “ليس هناك إدانة واضحة من مجلس الأمن لحفتر بسبب اعتراض بعض الدول وعلى رأسها فرنسا، التي تعطي الغطاء الدولي له”.
ويشير قبلاوي، إلى صواريخ “جافلين” التي تعود ملكيتها لفرنسا، والتي عثر عليها الجيش التابع للوفاق، عند تحريره مدينة غريان (مركز قيادة قوات حفتر جنوب طرابلس)، في 26 يونيو/ حزيران الماضي.
وبهذا الخصوص، يكشف عن تلقي الخارجية الليبية توضيحات من وزير الخارجية الفرنسي (جان إيف لودريان)، ووزيرة الجيوش الفرنسية (فلورانس بارلي) سواء من خلال الرسائل الموجهة مباشرة أو عبر وسائل الإعلام.
ويشير القبلاوي، أن عنوان الردود الفرنسية والمبررات التي ساقتها باريس هو “التناقض” في التصريحات، مبينًا أن الفرنسيين “من جهة يقولون إن الأسلحة معطوبة، ومن جهة أخرى يقولون إنها لحماية مفرزة من القوات الفرنسية التي تحارب الإرهاب”.
ويشدد على أن الحكومة الفرنسية تعلم ان حكومة الوفاق، عضو أساسي في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ونحن في تنسيق كامل مع واشنطن لاستهداف الجماعات الإرهابية داخل الأراضي الليبية، وهناك العديد من الضربات التي قامت بها الولايات المتحدة وكلها بالتنسيق مع حكومة الوفاق.
ويتساءل القبلاوي مستنكرا: “فكيف تدعي فرنسا مكافحة الإرهاب وليس هناك أي تنسيق مع عضو في هذا التحالف الدولي، رغم انها تعترف بحكومة الوفاق!”.
ويتابع: “فرنسا من جهة تقول إنها تدعم حكومة الوفاق، ومن جهة أخرى تدعم حفتر وتعطيه الغطاء السياسي، ومن هنا يجب أن توضع أمام مسؤولياتها (..) فلا يمكنها أن تعطي الغطاء السياسي لحفتر لارتكاب جرائمه وتكرارها”.
على أتم الاستعداد للتعاون مع لجنة تحقيق برلمانية فرنسية
وأعلن المتحدث باسم خارجية الوفاق، استعداد حكومته للتعاون التام مع لجنة تحقيق فرنسية شكلتها الجمعية الوطنية (البرلمان) لإثبات تورط الحكومة الفرنسية في دعم حفتر.
ويلفت إلى أنه قبل تشكيل هذه اللجنة، كان هناك زيارة لنواب ليبيين إلى فرنسا، التقوا بمسؤول الملف الليبي في لجنة الخارجية بالبرلمان الفرنسي، وتم إيضاح الصورة الحقيقية لما يجري في طرابلس، من قصف للمدنيين وانقلاب على الشرعية.
ويضيف أن التواصل مستمر بين مجلس النواب في طرابلس ونظيره في فرنسا.
تحرير غريان مكسب لحكومة الوفاق
ويعتبر القبلاوي، تحرير غريان (100 كلم جنوب طرابلس) من الناحية السياسية مكسب للحكومة، لأنه “أثبت أنها قادرة على صد العدوان، وقادرة على إرجاع قوات حفتر من حيث أتت بل وتحرير كل المدن”.
ويضيف: “جارٍالتعامل مع ما تبقى من قوات حفتر جنوب طرابلس، ونأمل في القريب العاجل أن تعود مدينة ترهونة (90 كلم جنوب شرق طرابلس) إلى الشرعية، لتنتهي قصة حفتر في الغرب، ومن ثم تنتقل الحكومة إلى المرحلة الثانية المتعلقة بتحرير الجنوب”.
وبالنسبة لرفض رئيس المجلس الرئاسي للحكومة، فائز السراج، أن يكون حفتر طرفا في حوار مستقبلا، يبيّن القبلاوي، أن السراج كان واضحا في رؤيته المستقبلية لما بعد الحرب، بأن هناك معطيات وأطراف جديدة على الأرض ولا بد من تغيير معادلة المفاوضات بان لا تشمل فقط حفتر.
ويشير في هذا السياق، إلى دعوة نخب سياسية وأكاديمية في الشرق الليبي، لإبراز شخصيات من شأنها أن تتفاوض عن حقوق المنطقة الشرقية.
وأوضح انه بعد 4 أبريل/نيسان الماضي (هجوم حفتر على طرابلس)، تغيرت المعطيات وتغير اللاعبون أيضا، لذلك لا بد من إقحام أطراف أخرى، وما تشكيل الهيئة البرقاوية، من 15 عضوا، المناوئة لحفتر، إلا خطوة أولى لإبراز النخب في الشرق.
قيادات عسكرية في الشرق تحاول تغيير المعادلة العسكرية
ويكشف القبلاوي، أن هناك قيادات عسكرية في الشرق تحاول تكوين تصور جديد للمنطقة الشرقية، وإذا نجحت في ذلك فستتغير المعادلة ككل حتى على المستوى العسكري في الشرق وليس فقط في الغرب والجنوب.
ويصف القبلاوي، الموقف التركي من الوضع في ليبيا، بـ”المتطور”، وأشار إلى تثمين وزارة الخارجية بحكومة الوفاق، للموقف الذي اتخذه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تجاه بلادهم.
ولفت إلى توقيع الجانبين التركي والليبي على الاتفاقية الاقتصادية بقيمة 22 مليار دولار، وأن هناك ما يفوق 100 مليار دولار مشاريع تركية في ليبيا قبل 2011.
وشدد من جهة أخرى على أن اتفاق الصخيرات الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي، طالب كل الدول بإسناد حكومة الوفاق الليبية عسكريا لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، “والآن نحن ندافع عن أنفسنا وعن هذه الشرعية التي اعترف بها مجلس الأمن، لذلك نطالب كل دول العالم بمساعدة حكومة الوفاق على كل الأصعدة”.
اضف تعليقا