في خطوة ربما يراها البعض غير مبررة وافق مجلس الوزراء المصري، الأسبوع الماضي على تعديل بعض أحكام القانون الخاص بتنظيم إجراءات منح وسحب الجنسية المصرية، وذلك بإضافة حالة جديدة إلى حالات سحب الجنسية….
القرار أثار ردود أفعال كثيرة استهجنت الطريقة التي يتعامل بها النظام المصري مع معارضيه، لكن وبعيدا عما أثاره القرار فإن القانون نفسه يحمل تناقضا كبيرا وثغرات يمكن من خلالها النفاذ إلى تقويض هذا القانون تقويضا كاملا. حسب قانونيين وحقوقيين..
نص القانون
وينص القانون رقم 26 لسنة 1975، على:
- حالات إسقاط الجنسية تحددها المواد من 15 إلى 17
- تضم عدة حالات بينها : كل من اكتسبها عن طريق الغش، أو بناءً على أقوال كاذبة، أو بصدور حكم بالإدانة في جريمة مُضرة بأمن الدولة في الداخل أو الخارج، أو إذا قبل دخول الخدمة العسكرية لإحدى الدول الأجنبية دون ترخيص سابق من وزير الحربية المصري
- نص التعديل الجديد : سحب الجنسية من كل من صدر بحقه حكم قضائي يُثبت انضمامه إلى أي جماعة، أو جمعية، أو جهة، أو منظمة، أو عصابة، أو أي كيان، أياً كانت طبيعته، أو شكله القانوني أو الفعلي، سواء كان مقرها داخل البلاد، أو خارجها، وتهدف إلى المساس بالنظام العام للدولة، أو تقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي لها بالقوة، أو بأية وسيلة من الوسائل غير المشروعة”.
- وضم التعديل : زيادة المدة التي يجوز خلالها سحب الجنسية المصرية من الأجنبي الذي اكتسبها بالتجنس أو بالزواج، لتصل إلى عشر سنوات بدلاً من خمس سنوات، وزيادة المدة التي يكتسب بعدها الأجنبي الجنسية المصرية تبعاً لوالدته، لتكون سنتين بدلاً من سنة واحدة، وحذف اكتساب الأولاد البالغين للجنسية تبعاً لذلك، والاكتفاء بالأبناء القصر.
خلفيات سابقة
في يناير 2017 رفضت الحكومة المصرية مشروع قانون مقدم من مصطفى بكري، و60 نائباً آخرين، بشأن إسقاط الجنسية المصرية عن المتورطين في القضايا المتعلقة بالإرهاب.
وقالت الحكومة : مشروع القانون به عوار دستوري واضح، بسبب التمييز بين مرتكبي الجرائم، المتساوين أمام القانون وفق حديث ممثل وزارة العدل، المستشار هيثم البقري، والذي أوضح أن هناك جرائم في قانون العقوبات أشد في العقوبة من الواردة بقانون الإرهاب، ولم ينص على إسقاط الجنسية.
وقالت الحكومة: لا يجوز التمييز بين مجرم ومجرم، فالقانون حدد سبعة أحوال لإسقاط الجنسية عن المواطنين، والمادة (53) من الدستور أقرت بأن المواطنين أمام القانون سواء.
والسؤال هنا: ما الذي تغير ودفع مجلس الوزراء لتبني القانون والعودة إلى القانون مرة أخرى :
وفقا لتقارير صحفية فإن القانون قدمه مصطفى بكري إلا أن السيسي ودوائره القانونية رأوا أن صدور القرار من البرلمان المصري سوف يفتح باب الطعون أمام القضاء ومن الممكن أن يحصل أحد ضحايا هذا القانون على حكم بعودة جنسيته مرة ثانية وهو ما سوف يطعن في القانون بشكل كامل…
ولذلك رأت الدائرة القانونية المقربة من السيسي نقل سلطة إصدار القرار إلى مجلس الوزراء، باعتبارها سلطة تقديرية يراقبها القضاء، وفي الوقت نفسه تملك الحكومة بموجبها أن تسقط الجنسية عن المدانين بحكم نافذ أو حكم بات.
ثغرات
أثار عدد من القانونيون والحقوقيون عدة نقاط لم يستطع القانون أن يتعامل معها، بما يؤكد أنها ثغرات يمكن النفاذ منها للطعن عليه…
فمثلا يتجاهل قانون إسقاط الجنسية عن المعارضين السياسيين عدداً من العقبات الواقعية أمام تطبيقه مثل:
- إسقاط الجنسية عن الأشخاص المحبوسين في السجون المصرية سوف يدفع ببطلان استمرارهم في محبسهم. وهو ما يسمح بتدخل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين للإفراج عنهم لأنهم بلا جنسية.
- يصبح من حق السجين، أو بعض السجناء، نيل حق التقدم بطلب اللجوء السياسي إلى أي دولة ملتزمة بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان..
- بالإضافة إلى أن إسقاط الجنسية عن المتهمين المطلوبين والموجودين خارج البلاد، سوف يؤدي تلقائياً إلى سقوط حق مصر في المطالبة بملاحقتهم كمواطنين مصريين مطلوبين لمحاكم مصرية.
متبرعون بالدعاوى
وبعيدا عن هذه الثغرات فإن بعض المحسوبين على النظام كانوا يتبرعون برفع دعاوى قضائية تطالب بإسقاط الجنسية عن كثيرين من المعارضين السياسيين..
ولعل أشهر من قام بذلك هو المحامي المصري سمير صبري المقرب من السلطة، والذي رفع عشرات القضايا لإسقاط الجنسية عن عشرات المعارضين السياسيين من الإخوان.
وعلق ساعتها سمير صبري بقوله إن : الشخصيات الإخوانية تنطبق عليهم عدة حالات من المنصوص عليها في المادة 16 من قانون الجنسية المصري، والتي تنص على جواز إسقاط الجنسية المصرية بقرار من مجلس الوزراء في 10 حالات، منها أن يكون المصري مقيمًا في الخارج وصدر حكم بإدانته في جناية من الجنايات المضرة بأمن الدولة من جهة الخارج، وإذا كانت إقامته عادية في الخارج وانضم إلى هيئة أجنبية .
وشملت دعاوى إسقاط الجنسية كل من: د. محمود عزت، د. جمال حشمت، أشرف بدر الدين، د. محمد محسوب، د. عمرو دراج، طارق الزمر، عمرو عبد الهادي، د. علاء صادق، خالد عبد الله، ود. ثروت نافع.
اضف تعليقا