العدسة – جلال إدريس
من اليوم فصاعدًا، أصبح الحصول على الجنسية الأردنية أمرا سهلا على المستثمرين الأجانب، حيث أعلنت الحكومة الأردنية، الاثنين 19 فبراير 2018، أنها قررت منح الجنسية أو الإقامة الدائمة لنحو 500 مستثمر سنويًّا، في إجراء يهدف إلى تشجيع الاستثمار في المملكة.
الحكومة الأردنية أكدت أنه سيتم منح الجنسية الإردنية للمستثمر “في حال وضع وديعة بقيمة 1.5 مليون دولار لدى البنك المركزي دون فائدة، ولمدة 5 سنوات، أو في حال شراء سندات خزينة بقيمة 1.5 مليون دولار، ولمدة 10 سنوات، وبفائدة يحددها البنك المركزي؛ أو في حال شراء أسهم بشركات أردنية بمبلغ 1.5 مليون دولار، أو الاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة بمبلغ مليون دولار، ولمدة لا تقل عن 5 سنوات”.
كما أعلنت الحكومة منح الجنسية الأردنية للمستثمر الذي “يقوم بإنشاء أو تسجيل مشروع استثماري في أي من القطاعات الإنتاجية برأسمال لا يقل عن 1.5 مليون دولار خارج العاصمة، و2 مليون في العاصمة، شريطة توفير ما لا يقل عن 20 فرصة عمل حقيقية للأردنيين، وأن تكون مسجلة في مؤسسة الضمان الاجتماعي، وأن يكون التشغيل الفعلي للمشروع لمدة لا تقل عن 3 سنوات”.
إقامة دائمة
وإلى جانب منح الجنسية قدمت الحكومة الأردنية عرضا آخر للمستثمرين يضمن لهم الحصول على إقامة دائمة بالأردن، وذلك عند شراء المستثمر عقاراً لا تقل قيمته عن 200 ألف دينار (نحو 282 ألف دولار)، والاحتفاظ به لمدة لا تقل عن 10 سنوات”.
وسيتم منح زوجة المستثمر وبناته العزباوات والأرامل والمطلقات اللاتي يعشن في كنفه، وأولاده الذين لا تتجاوز أعمارهم 18 سنة، ووالديه اللذين يعولهما، الجنسية الأردنية أو الإقامة الدائمة وحسب مقتضى الحاجة”.
ووفقا لوزير الدولة لشؤون الإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، فإنه “سيتم تطبيق الأسس أعلاه، لحد أعلى، على 500 مستثمر سنوياً، بعد إجراء التدقيق الأمني”، مشيراً إلى أنه في حال “أي إخلال بهذه الشروط، يتم سحب الجنسية أو الإقامة”.
لماذا أقدمت الأردن على تلك الخطوة؟
وفقا لمراقبين، فإن الحكومة الأردنية أقدمت على خطوة منح المستثمرين “الجنسية الأردنية” مقابل ودائع بنكية؛ جاءت بسبب حاجة الحكومة إلى إيداعات دولارية ضخمة لمواجهة الأزمات والمشاكل الاقتصادية التي تواجهها مؤخرا.
ويحذر خبراء اقتصاديون من خطورة الوضع الاقتصادي الذي يمر به الأردن، واحتمالية العودة إلى سيناريو عام 1989، الذي شهد أزمة حقيقية في الاقتصاد الأردني عندما تعرض الدينار إلى انخفاض فعلي بنسبة 40%.
وحمل الخبراء مسؤولية خطورة الوضع الاقتصادي في المملكة للحكومة الأردنية وسياسيات الملك وفريقه الاقتصادي، التي أرهقت المواطنين الأردنيين وزادت من أوضاع البلاد سوءا.
فيما ربط بعض الخبراء الأزمة الاقتصادية في الأردن بالأزمة السياسية المرتبطة بالنار الملتهبة في الإقليم، والضغوط التي تتعرض لها الأردن للموافقة على “صفقة القرن” التي تتبناها الولايات المتحدة الأمريكية.
الأزمات الاقتصادية والضغوط الخارجية دفعت الأردن للبحث عن مصادر إنعاش لاقتصادها، ومصادر تحصل منها على سيولة دولارية كبيرة، فلجأت إلى بيع جنسيتها لمن يدفع أكثر.
أرقام اقتصادية صادمة
وشهدت الأردن العام الماضي أرقامًا اقتصادية صادمة، أدت لتردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد بشكل كبير؛ حيث ارتفع العجز في الميزان التجاري الأردني بنسبة 11.2 % على أساس سنوي، مقارنة بعام 2016.
وبحسب البيانات الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة الأردنية، فقد بلغت قيمة العجز حتى نهاية سبتمبر الماضي نحو 6.7 مليارات دينار، تساوي نحو 9.44 مليارات دولار، فيما كان إجمالي العجز التجاري، 6.03 مليارات دينار، بما يعادل 8.5 مليار دولار خلال عام 2016.
كما أظهرت البيانات انخفاض قيمة الصادرات الكلية للأردن العام الماضي، بنسبة 2.8 % إلى 3.8 مليارات دينار، وهو ما يساوي نحو 5.3 مليار دولار.
أيضا فإن معدل التضخم في الأردن قد ارتفع بنسبة 3.2% خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الماضي، بسبب الزيادة التي طرأت على أسعار الكثير من السلع وأجور النقل والخدمات.
وزادت مديونية الأفراد بنحو 1.41 مليار دولار العام الماضي، كقروض استهلاكية وسكنية، وسط ثبات الرواتب، وفق بيانات حديثة صادرة عن البنك المركزي.
ضرائب وغلاء ومظاهرات غضب
ومطلع الشهر الجاري عمت مظاهرات احتجاجية ضد ارتفاع الأسعار، المملكة الأردنية الهاشمية، وجابت التظاهرات شوارع وسط البلد عمان ومدن الكرك والطفيلة ومادبا والزرقاء.
وطالب المتظاهرون برحيل حكومة رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي، وإسقاط مجلس النواب بوصفه “شريكا” في تمرير القرارات الاقتصادية.
ويأتي ذلك بعد أن فرضت الحكومة الأردنية الضرائب والرسوم على قائمة طويلة من سلع وخدمات، شملت مواد غذائية أساسية؛ بغية توفير إيرادات لخزينة الدولة بما يقارب مليار دينار أردني، موزعة على 540 مليون دينار، من ضريبة مبيعات و376 مليون دينار، ضرائب ورسوم أخرى، إلى جانب رفع الدعم عن مادة الخبز، البالغ 170 مليون دينار.
وكانت الحكومة الأردنية، قد قررت “الثلاثاء” 16 يناير، رفع أسعار عدد كبير من السلع والخدمات الأساسية.
وتأتي قرارات الحكومة، في إطار اتفاق الأردن مع صندوق النقد الدولي، ضمن برنامج الإصلاح المالي والاقتصادي الذي تنفذه المملكة.
وقررت الحكومة خفض إعفاء الضريبة العامة على المبيعات، لفئات “المعفى والخاضع، بنسبة الصفر، ونسبة 4 %”، لتصبح نسبة موحّدة عند 10%.
وتبلغ نسبة ضريبة المبيعات –وهي تختلف عن ضريبة القيمة المضافة- في السوق الأردنية 16%، وفقا للقانون نفسه.
وتزامنا مع قرارها، قررت الحكومة صرف دعم نقدي للأسر الأردنية التي لا يزيد مجموع دخل أفرادها عن 12 ألف دينار (16.92 ألف دولار) سنويا، وللأفراد الذين لا يزيد دخلهم السنوي عن 6 آلاف دينار أردني (8.46 آلاف دولار) سنويا.
ودخل القرار حيز التنفيذ الشهر الجاري، حيث رفع الدعم عن الخبز، بوضع سقوف سعرية جديدة لأصنافه الشعبية في البلاد، وبزيادات وصلت إلى 100%.
أزمات اللاجئين
وإلى جانب الأزمات السابقة فقد تأثَّر اقتصاد المملكة بشدةٍ جراء النزاع في العراق وسوريا، مع اقتراب الدَّين العام من 35 مليار دولار.
ويستورد الأردن، الذي يعاني شحًّا في المياه والموارد الطبيعية، 98% من احتياجاته من الطاقة.
وتُؤوي المملكة نحو 680 ألف لاجئ سوري، فرُّوا من الحرب في بلدهم، منذ مارس 2011، يُضاف إليهم -بحسب الحكومة- نحو 700 ألف سوري دخلوا الأردن قبل اندلاع النزاع.
وبحسب مراقبين فإن تلك الخطوة التي أقدمت عليها الأردن، تستهدف إغراء اللاجئين الأجانب على أراضيها بشراء جنسيات أردنية، عن طريق وضع ودائع دولارية في بنوك الأردن.
اضف تعليقا