تقدم ميداني للجيش السوداني واستعادة مناطق استراتيجية

يحقق الجيش السوداني تقدمًا متسارعًا في معاركه ضد ميليشيات الدعم السريع، حيث أعلن المتحدث الرسمي باسم الجيش، العميد نبيل عبد الله، عن استعادة السيطرة على منطقة المسعودية في ولاية الجزيرة، والتي تشكل بوابةً محورية نحو العاصمة الخرطوم. وتعد هذه الخطوة تطورًا استراتيجيًا مهمًا، إذ تقع المسعودية على بعد 50 كيلومترًا فقط جنوب شرق الخرطوم، ما يزيد الضغط العسكري على قوات الدعم السريع داخل العاصمة.

وفي إطار توسيع نطاق السيطرة، تمكن الجيش أيضًا من بسط نفوذه على مدينة أبو قوتة شمال غرب الجزيرة، ومناطق في شرق النيل وحي كافوري بمدينة بحري. وتشير مصادر عسكرية إلى أن القوات المسلحة تحاصر ميليشيات الدعم السريع من ثلاث جهات رئيسية: الشمال الشرقي، الشرق، والجنوب، في خطوة تهدف إلى تقطيع خطوط الإمداد وتقليص نطاق تحرك الميليشيات داخل الخرطوم.

ضربات جوية قاصمة واستهداف قيادات الدعم السريع المدعومين إماراتيًا

بالتوازي مع العمليات البرية، شنت الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني غارات جوية مكثفة على مدينة الفاشر، معقل الدعم السريع في شمال دارفور، ما أسفر عن مقتل العشرات من مقاتلي الميليشيا، من بينهم قيادي يحمل الجنسية الليبية، في مؤشر على تزايد التدخلات الأجنبية لصالح قوات الدعم السريع.

وفي تطور لافت، أكدت مصادر عسكرية إسقاط طائرة مسيّرة تتبع للدعم السريع، يُعتقد أنها من طراز إماراتي، كانت تحلق في سماء الفاشر لدعم الميليشيات. كما دمرت القوات السودانية سبع مركبات قتالية شمال شرقي المدينة، بينما فرّت 12 مركبة أخرى تقل جنودًا من الدعم السريع بعيدًا عن محاور القتال.

هذه المعطيات تفتح الباب أمام تساؤلات متزايدة حول دور الإمارات في تأجيج الصراع، حيث تشير تقارير عدة إلى أن أبوظبي زوّدت الدعم السريع بطائرات مسيّرة، وعربات مدرعة، وأسلحة متطورة، ما ساهم في إطالة أمد الحرب وتعزيز قدرات الميليشيا على مواصلة القتال.

تصاعد الانتهاكات الإنسانية ودور الدعم الإماراتي في تأجيج الفوضى

في خضم العمليات العسكرية، تتزايد التقارير التي توثق جرائم قوات الدعم السريع ضد المدنيين، حيث كشف “نداء الوسط”، وهو كيان مدني يعنى برصد الانتهاكات، عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في هجمات نفذتها الميليشيات في ولايتي الخرطوم والنيل الأبيض.

وأشار التقرير إلى أن الهجوم على قرية ود جار النبي، الواقعة جنوب مدينة جبل الأولياء، أسفر عن مقتل 11 مدنيًا وإصابة أكثر من 40 آخرين. وتأتي هذه الجرائم في ظل استمرار سيطرة الدعم السريع على جبل الأولياء، التي تعد البوابة الجنوبية الغربية للخرطوم، ما يجعلها نقطة استراتيجية يحاول الجيش استعادتها لحسم المعركة داخل العاصمة.

وتشير التقارير الأممية إلى أن قوات الدعم السريع تحصل على دعم مالي ولوجستي من الإمارات، ما مكّنها من مواصلة جرائمها ضد المدنيين ونهب القرى، في ظل تعثر الجهود الدولية لفرض حل سلمي للأزمة.

نزوح جماعي وسط أزمة إنسانية متفاقمة بسبب استمرار القتال

على وقع تصاعد المعارك، بدأت موجات جديدة من عودة النازحين إلى المناطق التي استعادها الجيش السوداني، حيث غادر الفوج الثاني من النازحين مدينة بورتسودان متجهًا إلى ولاية الجزيرة بعد تحريرها من قبضة الدعم السريع في يناير الماضي.

ويُذكر أن ولاية الجزيرة كانت قد شهدت نزوح أكثر من 6 ملايين شخص عقب اجتياح ميليشيات الدعم السريع لمساحات واسعة منها، وسط تقارير تؤكد أن العديد من النازحين هربوا بسبب الفظائع التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، المدعومة من الإمارات، من قتل ونهب وتهجير قسري.

الحرب المستمرة: هل يسعى نتنياهو سوداني لإطالة أمد الصراع؟

وسط تصاعد الاشتباكات، تتزايد التحليلات التي تشير إلى أن الدعم الإماراتي لقوات الدعم السريع يأتي في سياق توظيف الحرب السودانية لخدمة أجندات إقليمية، تهدف إلى إضعاف الجيش السوداني وتقويض الاستقرار في البلاد، لضمان وجود ميليشيا تابعة يمكن التحكم بها مستقبلاً.

ويؤكد محللون أن قائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، الذي تربطه علاقات قوية مع الإمارات، يستخدم السلاح والتمويل الإماراتي لإطالة أمد الحرب، وهو ما يدفع السودان نحو مزيد من الانهيار الأمني والاقتصادي.

وفي ظل هذه التطورات، يتساءل مراقبون: هل يستطيع الجيش السوداني إنهاء التمرد المدعوم إماراتيًا؟ أم أن الأيادي الخارجية ستواصل تأجيج الصراع لتحقيق مكاسب جيوسياسية على حساب الشعب السوداني؟