العدسة – معتز أشرف 

“لن نلتقى ثانية”.. بهذه الجملة سطر ميخائيل جورباتشوف السكرتير العام للحزب الشيوعي بالاتحاد السوفييتي السابق موقف بلاده بعد فشل التوصل إلى اتفاق حول نزع السلاح النووي بين القوتين العظميين، خلال حقبة الحرب الباردة إلى الرئيس الأمريكي رونالد ريجان خلال اجتماعه به في مدينة ريكيافيك الآيسلندية في 11 أكتوبر  1986، وهي الجملة الدستور التي تسيطر على روسيا حتى هذه الايام، التي تشهد تصاعدًا في اللغة الخشنة بين الدب الروسي والعم سام، وسط توقعات متكررة بنشوب الحرب العالمية الثالثة قد تضع العالم على حافة الهاوية وتسطّر نهايته كما يقول البعض.

الخصمان اللدودان!

اشتعلت الحرب الدبلوماسية بين روسيا وأمريكا مبكرًا في أواخر العام الماضي عقب قرار واشنطن إغلاق القنصلية الروسية في سان فرانسيسكو، واستمرت الجولات بين الخصمين اللدودين في شدّ وجذب وحرب باردة، حتي جاء مؤتمر ميونيخ للأمن التابع لحلف شمال الأطلسي (الناتو) بتصريح بالغ الأهمية لرئيس المؤتمر السفير الألماني السابق لدى واشنطن وولفغانغ ايشينجر؛ حيث قال بوضوح على منصة المؤتمر الإعلامية الرسمية: “إن العالم اقترب– أقرب بكثير- إلى حافة الحرب الكبرى بين الولايات، ونحن بحاجة إلى خطوات بعيدًا عن حافة الهاوية”، ليرد الاتحاد الروسي، في مؤتمر فالداي بقوة علي لسان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف : “أدعو زملاءنا الأمريكيين مرة أخرى لتجنب اللعب بالنار، وتحديد خطواتهم “..

ويأتي مؤتمر مجلس حقوق الانسان في انعقاده الدوري رقم 37، ليشهد صراعًا حادًا بين أمريكا وروسيا، اتهمت فيه الأخيرة مندوبي البيت الأبيض بالالتفاف على الآليات الدولية وتمرير جلسة نقاش عاجل لمجازر الغوطة الشرقية، فيما جاء الرد سريعًا من  المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين الذي أكد في بيان أممي تصعيدي أن “الغارات الجوية السورية والروسية في المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة في سوريا قد تشكل أيضًا “جرائم حرب”، فيما أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن قلق موسكو من المواقف الأمريكية الجديدة في استراتيجيتها النووية وخاصة رفع دور الأسلحة النووية وخطط نشر صواريخ القدرة التدميرية المحدودة، قائلا في كلمة ألقاه في مؤتمر نزع السلاح في جنيف في نهاية فبراير الماضي: ” يثير قلقنا التغير الجذري للمواقف الأمريكية في ضوء استراتيجيتها النووية المحدثة التي تقضي برفع دور الأسلحة النووية، بما في ذلك عن طريق إنتاج ونشر صواريخ القدرة التدميرية المحدودة، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض الحد الأدنى لاستخدام الأسلحة النووية”.

روسيا تستعد!

مجلةنيوزويكالأمريكية أكدت أن تحركات الرئيس الروسي فلاديمر بوتين تشير إلى أنه يستعد لاندلاع الحرب العالمية الثالثة، متسائلة عما إذا كان الرئيس دونالد ترامب يفعل الأمر نفسه، مؤكدة في تقرير لها أن روسيا المحاطة بالأعداء، تستعد لخوض حرب ملحمية من أجل البقاء، وهذا على الأقل ما يريد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أن يعتقده مواطنو بلاده، وفى كل صباح يبث التلفزيون الرسمي في روسيا مقاطع فيديو لطائرات روسية تحلق فوق سوريا تتخللها صور لدبابات الناتو وقواته قرب حدود روسيا. وفى أغلب الدعاية الروسية، يزعم الكرملين أن البلاد في حرب قائمة على أساس الحقيقة.

والجانب الأكثر إثارة للقلق في لهجة الكرملين، كما تقول نيوزويك هو أنه مقتنع أن الحرب وشيكة، ففي عام 2013، وقبل بدء الصراع في أوكرانيا، توقعت الخطة السنوية الاستراتيجية لوزارة الدفاع الروسية أن يكون هناك صراع إقليم أو عالمي خطير تشارك فيه روسيا قبل عام 2023، ونقلت عن أندرو مكونجان، الخبير في أكسفورد وكلية دفاع الناتو في روما أن كبار المسئولين الروس يتحدثون ليس عن “ماذا لو” ولكن “متى ستكون الحرب الكبرى، بالتزامن مع طلب الرئيس الروسي بوتين شركات الصناعة بالتحول إلى إنتاج الحرب والعودة إلى نظرية الدفاع في العهد السوفيتي بأن كل مصنع يجب أن يكون مستعدًا لإنتاج الدبابات والرصاصات والطائرات.

المثير أن وكالةسبوتنيكالروسية علي موقعها باللغة العربية نشرت تقريرًا في مطلع العام نقل عما أسمتهم العرافين- وهم غالبا أدوات لأجهزة المخابرات-  الذين لا يستبعدون أن يشهد عام 2018 إمكانية اندلاع حرب عالمية ثالثة، ووفقًا لموقع “روسيسكي ديالوج” إن العراف البافاري، أليوس إيرلماير الذي توقع العديد من أحداث القرن العشرين وحتى موعد وفاته في يوليو عام 1957، قال إنه في عام 2018 ستبدأ الحرب العالمية الثالثة، والأحداث الأصعب ستكون في أوروبا الغربية، وبالإضافة إلى ذلك سوف تستخدم في هذه الحرب الرهيبة أسلحة بكتريولوجية وكيميائية غير مسبوقة، وستؤدي الأحداث المذكورة إلى ثورات أهلية ستجري في ألمانيا وإيطاليا وفرنسا.

نهاية العالم!

وفي مطلع مارس الجاري حذر خبير روسي من أن الولايات المتحدة بتدريبها حلفاءها الأوروبيين على استخدام أسلحتها النووية، والدفع بحرب نووية ضد روسيا، إنما تحرض على دمار البشرية عن بكرة أبيها.

وقال الجنرال المتقاعد والمختص في الأمن الدولي يفغيني بوجينسكي: “واشنطن باعتمادها تدريب حلفائها الأوروبيين على استخدام الأسلحة النووية ضد روسيا ستحرض على نهاية البشرية.. الأمريكيون يركزون على استخدام النووي في أوروبا إلا أنهم نسوا أن ذلك في حال حدوثه فإنه لن يترك كائنًا حيًا على وجه الأرض، لا أحد يستطيع أن يتخيل مدى خطورة هذا التهديد. الجيش الروسي يستعد والجيش الأمريكي يفعل الشيء نفسه… وعلى السياسيين أن يحذروا العامة من استمرار هذه الاستعدادات ومدى خطورة الوضع”.

وأوضح أنه في حال وجهت واشنطن ضربة نووية لروسيا فإن الأخيرة سترد بضربة مضادة فورًا، وتابع: “نحن موجودون في المنطقة الأوراسية التي تعطينا ميزة دفاعية، أما بالنسبة لقارة أمريكا الشمالية، فمن المؤكد أنها ستتعرض لتصدع نتيجة للضربة النووية الروسية المضادة، وعندها ستكون نهاية الحضارة دون أدنى شك، فيما أكد بوجينسكي أن روسيا مستعدة لأي ضربات نووية محتملة من الولايات المتحدة  “قواتنا المسلحة مستعدة لكل شيء وتحدث الرئيس فلاديمير بوتين عن ذلك في مناسبات عديدة والجميع على دراية بالأمر”.

3 دول أخرى!

المراقبون يرون أن هناك 3 دول أخرى بجانب روسيا تستعد لشن الحرب العالمية الثالثة على الولايات المتحدة الأمريكية، ونقلت صحيفة “الديلي إكسبريس” البريطانية عن خبير في شأن شرق آسيا، غوردن تشانغ، قوله إن المواجهة مع الولايات المتحدة يبدو أنها ستتصاعد في الفترة المقبلة، من كوريا الشمالية، والصين وإيران”، فيما أوضح مؤلف كتاب “المواجهة النووية” أن “آسيا” ستكون المسرح الحقيقي للحرب العالمية الثالثة، التي يمكن أن تسفر عن تدمير العالم أجمع، خاصة وأن دولتين من الدول الثلاث على الأقل يمتلكون أسلحة نووية، مشيرًا  إلى أن احتمالات نشوب حرب نووية وشيكة، حيث إن الصين أظهرت بالفعل علامات “عدم الامتثال” لعقوبات الأمم المتحدة تجاه كوريا الشمالية، رغم تعهدها.

أما مجلةناشونال إنترستالأمريكية رسمت خارطة الحرب المتوقعة في 5 مناطق وقالت : ” إن عام 2017 مرّ دون وقوع صراع كارثي، ولكن ما تزال هناك صراعات تواجه صعوبة في إيجاد مخرج سلمي لها، وبالتالي يمكن لـ”خمسة مناطق حول العالم” أن تشكل نواة لانطلاق شرارة الحرب العالمية الثالثة”، ومن بينها مناطق في الخليج وكوريا الشمالية والشطر الجنوبي لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، مضيفة أن الارتباك الدبلوماسي في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلق حالة من عدم اليقين حول العالم فيما يتعلق بنوايا الولايات المتحدة وقدراتها، متوقعاً أن تؤدي سوء التقدير في الأزمات الدولية إلى نشوب صراع عالمي تتعارض فيه مصالح القوى الغربية برمتها، فيما قال الكاتب روبرت فارلي : ” الأوضاع في العالم تبقى مشتعلة، حيث إن الخلط الدبلوماسي لدى إدارة ترمب يفاقم هذا الخطر، الأمر الذي أدى إلى حالة من عدم اليقين التي تزيد معها فرص سوء التقدير في حال الأزمات.

الأمر تجاوز فكرة حدوث الحرب العالمية الثالثة، وامتد لدى المراقبين إلى البحث عن الدول الأكثر أمنًا في حالة وقوع حرب عالمية ثالثة، وبحسب صحيفة “ذا صن” فإن اللائحة التي تصدرها  مؤسسة مؤشر السلام العالمي لأكثر دول العالم أمنا واستقرارا، وأقلها عرضة للنزاعات والحروب. هي اللائحة المناسبة للانتقال اليها في حال وقوع حرب عالمية ثالثة، وهي آيسلندا ونيوزيلندا والبرتغال والنمسا والدنمارك وجمهورية التشيك وسلوفينيا وكندا و سويسرا التي لم تدخل أي حرب منذ معاهدة باريس عام 1815 بجانب جمهورية إيرلندا.