العدسة – ياسين وجدي:

بينما يتعارك رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري وأمين عام حزب الله حسن نصر الله ، تواصل دولة الكيان الصهيوني المحتل خروقاتها وعبثها بسيادة لبنان بطريقة غير مسبوقة.

وبات السؤال الأبرز في المشهد اللبناني : من أولا : “الحريري ونصر الله”أم لبنان؟ ، ولكن وفق مجريات الأحداث باتت الإجابة غائبة وإن كانت المؤشرات تقول أن أجواء التصعيد الميداني التي جرت في العام  2005 تهب على لبنان وأن الانقسام سيظل مطروحا حتى بعد تشكيل الحكومة في ظل مخاوف من عراك داخلي وتراشق بعد تشكيلها ، وهو ما يضع لبنان على حافة الهاوية.

وطن معلق !

باتت لبنان معلقة في الهواء في انتظار انتهاء لعبة إيران والسعودية ، التي باتت تحكم المشهد ، فرئيس الوزراء المكلف سعد الحريري يرمي بالكرة في ملعب حزب الله وإيران تحديدا ، والأخيرين يرفضا هذه المبررات ويؤكدان أن السعودية وراء كل مشاكل لبنان .

 

 

 

الحريري​” يرفض تماما نواب ” سنة حزب الله ” كما يسميهم ، وبات يردّد بحسب “الأخبار” اللبنانية في مجالسه أن “مسألة العرقلة هي أبعد من توزير هؤلاء السنّة، وأنه بات يشك في أن العرقلة سببها ضغوطات خارجية” بل تحدث صراحة إلى الفرنسيين، محاولا إقناعهم بأن إيران هي من تعرقل ​تشكيل الحكومة​ مهددا بعدم تشكيل الحكومة واصفا مجموعة النواب الستة السُنّة الذين يصر حزب الله على جعل أحدهم وزيرا، بأنهم “حصان طروادة” وأنه جرى حشدهم في كتلة نيابية اصطُنعت مؤخرا بإيعاز من حزب الله بقصد عرقلة تشكيل الحكومة.

وفي المقابل أعلن الأمين العام لـ(حزب الله) حسن نصر الله أن الحزب لن يقدم أسماء مرشحيه لشغل الوزارات الثلاث المحددة له، ولن يسمح بتشكيل الحكومة إلا بعد أن يتمثل حلفاؤه عن الطائفة السُنّية من فريق (8 آذار) خصما من الحصة الوزارية لتيار المستقبل (الممثل السياسي الأكبر للطائفة السُنّية في لبنان) الذي يتزعمه سعد الحريري.

 

ودخلت ورقة التهديد في المشهد مؤخرا بين” الحريري ” و”نصر الله” ، حيث هدد الأول بأخذ قرار جديد على الساحة اللبنانية وتشكيل الحكومة بسياسية الأمر الواقع ، حيث اعتبر تشكيل الحكومة “ضرورة وطنية وأمنية واقتصادية، والدستور اللبناني يمنح حق تأليف الحكومة لرئيس الجمهورية والرئيس المكلّف ” مضيفا قوله : “ونقطة على السطر”، وهو ما فسر بأنه اتجاه لاتخاذ قرار بالأمر الواقع ، لكن “نصر الله “ ذهب إلى أبعد من ذلك في إطار حرب المنابر ، ولوح بوقف السير في تشكيل الحكومة -حتى ولو استغرق الأمر سنوات- والتصعيد ميدانيا على غرار ما جرى في شهر مارس عام 2005.

انقسام شرس !

وفي ظل لعبة القط والفار بين الحريري ونصر الله ، لازال الانقسام سيد الموقف ، وباتت لبنان في مهب الريح، وهو ما ظهر جليا في خطابات المعسكرات المتنافرة في الأيام الأخيرة.

عدد من القوى السياسية  في لبنان دخل في مواجهة حادة وخشنة مع حزب الله  واعتبر ما تقوم به بمثابة استقواء بقوة السلاح من جانب الحزب على الدستور ومقدرات الدولة اللبنانية وتنفيذ لانقلاب على الدستور واتفاق الطائف، فيما اعتبره أنصار “حزب الله “ مبررا في إطار أن ” منع تشكيل الحكومة هو عمل تقوم به جهة معروفة من أجل دفع لبنان إلى التوتر والاضطراب” في إشارة إلى السعودية.

 

 

لكن تكتل “​لبنان​ القوي” يرى في خطاب أخير مشكلة أكبر من تشكيل الحكومة التي باتت “عقدة” بحسب وصفه ، حيث أكد أن المخاوف ليس في تأخير تشكيل الحكومة من عدمه ، بل باتت في إنتاج حكومة تقوم على التناقض وتعطل بعضها.
العقدة ليست في تشكيل الحكومة كذلك بحسب البعض ومنهم النائب في تكتل “لبنان القوي” ​جورج عطالله​  الذي يرى العقدة في استحضار الصراع تحت لافتة “سنية-شيعية” ، موضحا أن العديد يحاول إخراجها من هذا الإطار والتعاطي معها كعقدة وطنية يتوجب حلها، لكنه يرى أن الأمر قد يستلزم أياما أو أسبوعا أو اثنين.

رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق ​وديع الخازن​ كان أكثر تشاؤما ، وأعرب صراحة عن خشيته وخوفه من عدم تأليف الحكومة، وهو الحديث الذي يلقى قبولا طبقا لمنطق الأحداث ، لكن الخازن يرى أن التالي هو خسارة الثقة المعقودة على قيامة ​لبنان​ ، مشددا على مصير لبنان في خطر بعد أن صرح  ​رئيس الجمهورية​، بأن أزمة تأليف الحكومة لم تعد أزمة صغيرة لأنها كبُرت.

“لا لليأس” ، هو شعار الجماعة الاسلامية المحسوبة على “الإخوان المسلمين” في لبنان ، مؤكدة في بيان موقف حديث أن الهيمنة الخارجية تريد أن تظل متحكمة بمصير ومستقبل البلد وأن الذي يجري يأتي كأنه في سياق مدروس الهدف منه الوصول بأبناء البلد، أو بشريحة أساسية فيه، إلى حالة من اليأس والإحباط وتكريس أعراف جديدة في البلد تفرض منطق الغالب والمغلوب، تنقلب على منطق الشراكة الفعلية الحقيقية التي كرسها اتفاق الطائف.

 

 

 

رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية بسام حمود في حديث لـ”إذاعة الفجر” كان أكثر وضوحا وأكد أنّ عقدة ما يسمى بالنواب السنة الستة هي عقدة مفتعلة، هدفها وقف تشكيل الحكومة مضيفاً أنه لو وجد حل لهذه العقدة لافتُعِلت عقدة أخرى!!.

استباحة صهيونية !!

وفي ظل الجدال اللبناني العقيم حول تشكيل الحكومة وفي ظل غياب المواقف الرسمية اللبنانية ، تكررت الخروقات الصهيونية للسيادة اللبنانية برا وبحرا وجوا من قبل الكيان الصهيوني الذي يضرب بعرض الحائط القوانين الدولية لا سيما القرار 1701، وقد تصاعدت تلك الخروقات في الآونة الأخيرة بحسب المراقبين .

في أغسطس الماضي ، أعلن الجيش اللبناني، اختراق 3 طائرات استطلاع صهيونية الأجواء اللبنانية من جهة الجنوب اللبناني، وتنفيذها طيرانا دائريا فوق العديد من المناطق والبلدات الجنوبية، وكذلك العاصمة بيروت وضواحيها، فضلا عن اختراق زورق حربي صهيوني المياه الإقليمية اللبنانية مقابل منطقة (رأس الناقورة) الجنوبية، والغريب أنه لم يتصدى للخروقات موضحا أنه سيتم متابعة حالات الخروقات الصهيونية للحدود البحرية اللبنانية بالتنسيق مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة فى لبنان!!.

 

 

ووفق إحصائيات شبه رسمية فإن عدد الاعتداءات الصهيونية خلال عام 2018 حتى النصف الأول من شهر نوفمبر بلغ أكثر من 1226 خرقاً توزعت على الشكل التالي، طائرات تجسس عدد الخرقات : 441، و طائرات حربية عدد الخرقات:  365، وزوارق حربية عدد الخرقات: 224، وتوغل بري عدد الخروقات: 196.

وأرجعت التقارير تصاعد الخروقات الصهيونية إلى خدمة المراقبة وعمليات الكيان الصهيوني العسكرية في سوريا، وإعطاء طياري الكيان الصهيوني نوع من الثقة بأنهم لا تزال لديهم القدرة على التحليق خارج فلسطين المحتلة خاصة بعد الأحداث الأخيرة التي حصلت، وللتعويض عن فقدان الفضاء السوري والأزمات الداخلية التي عطلت مؤسسات الدولة اللبنانية، وخاصة الأزمة الحكومية التي تقول فيما يبدو للكيان الصهيوني وفق البعض : “هل من مزيد؟!”.

 

 

وفي المقابل لا يجد الكيان الصهيوني إلا تهديدات كلامية رائجة لدى حزب الله الذي حذر في آخر خطابات أمينه العام “حسن نصر الله ” الكيان الصهيوني من مغبة الهجوم على لبنان وتعهد بعدم السماح لها باستباحة البلاد، مؤكدا أن الحزب سيرد حتما على أي قصف أو اعتداء صهيوني يستهدف لبنان، وهو كلام متكرر يضعه البعض في سلة المناكفات السياسية الدائرة في ظل تصاعد الخروقات دون رد.