كتب- باسم الشجاعي

منذ الأزمة الخليجية التي دخلت عامها الثاني ضد دولة قطر من قِبَل دول الرباعي العربي “السعودية والإمارات ومصر والبحريين”، وتستغل الرياض الأماكن المقدسة للمسلمين كأوراق ضغط سياسية.

ويحاول إعلام دول الحصار المفروض على قطر تصوير الباطل حقًا والحق باطلًا، حتى لو كان الأمر يتعلق بالركن الخامس من أركان الإسلام.

فمؤخرًا، تداول مغردون مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، قيل إنه لمواطن قطري وهو يؤدي مناسك العمرة.

ونفى المواطن القطري- الذي أكّد نشطاء قطريون أنه سعودي- وفقًا لمقطع الفيديو الذي اطلع عليه موقع “العدسة” منع السلطات السعودية للقطريين من أداء العمرة.

ولم يوضح المعتمر القطري المثار حوله الخلاف كيف وصل للسعودية، فيما نشر الإعلامي “ناصر حبتر”، مقدم برنامج “من الحرم”، فيديو خاصًا بالمعتمر يبرز فيه هويته الخاصة، والذي لم يتسنَّ لنا التأكد من صحتها.

أما السلطات القطرية- حتى كتابة تلك السطور- لم تصدر أي توضيح بخصوص هذا الفيديو المتداول.

وقال الناشط الإماراتي “يعقوب الريسي”، الذي عرض الفيديو عبر حسابه على تويتر: “أوصلوا المقطع لقناة الجزيرة”.

وتعمد “الريسي” سؤال الأخير عن منع السلطات السعودية القطريين من الحج، ليجيبه صديقه بأن هذا لم يحدث وهو يعتمر الآن.

وأثار المقطع غضب القطريين الذين وصفوا هذا المشهد بـ”الكذب والتدليس”، مؤكدين أنهم ممنوعون من الحج ودخول السعودية إلى الآن، وأن الرجل الذي ظهر في الفيديو سعودي، كما نشروا العديد من الصور ، تدلّل على صحة حديثهم.

وغرد مبارك بن زايد ال شهوان” ، قائلًا: “ولازال الكذابون يستمرون في الكذب، وغصب يخلونا ان حنا اعتمرنا “الرجال سعودي وانت وياه تكذبون” (بحسب وصفه).. والعمره ممنوعين منها جعل إلي منعنا يضيق عليه قبره”.

أما عادل المغيران”،   فكتب: “فى المقطع يقوله مرحبا يابو سعيد وصورة الجوواز اسم الرجال سعيد كيف تجي..؟!).

وقبل أشهر، قامت السلطات السعودية بترحيل مجموعة من المواطنين القطريين من مطار جدة وإعادتهم إلى دولة الكويت بينما كانوا في طريقهم لأداء العمرة.

فيما طالبت “اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان” السعودية، مرارًا، بعدم الزج بالشعائر الدينية في الخلافات السياسية القائمة أو استعمالها كأداة للضغط السياسي.

المنع يطال المتضامنين مع قطر

وفي السنوات الأخيرة استخدمت السعودية ورقة الحج والعمرة عدة مرات لصالحها؛ حيث لم يقتصر المنع على القطريين وحسب، فسبق وكشف، “محمد غلام الحاج”، نائب رئيس الجمعية الوطنية الموريتانية، الشهر الجاري، أن “سفارة المملكة العربية السعودية في نواكشوط لم تمنحه تأشيرة أداء العمرة في العشر الأواخر من شهر رمضان”.

وكتب “غلام” على صفحته تدوينة مطولة ضمنها أشواقه للأراضي المقدسة، وقال في آخرها “في كل شهر رمضان يتجدد الشوق وتشرئب النفس، فتذلل الأشواق، عقبات الطريق إلى العمرة”.

ولكن في هذه السنة، يضيف “محمد غلام “حصل ما لم يكن متوقعًا؛ فوكالات العمرة خاف أهلها من استلام جواز سفري، فذكروني بأن أمثالي من حملة الجواز الأحمر يتعاملون مباشرة مع السفارة، فكان أن أعطيت جواز سفري للجهة المختصة في مجلس النواب وقامت بكل الإجراءات الرسمية عبر وزارة الخارجية، فقدمت الطلب من المجلس إلى السفارة السعودية التي ردت بالرفض، رغم أنها توزع تأشيرات المجاملات على الخاصة والعامة ذكورًا وإناثًا معتمرين ومصطافين، ورغم أنني لا أحمل للمملكة العربية للسعودية غير الود والمحبة”.

وعن أسباب هذا المنع، أضاف النائب “غلام” مستدركًا: “إلا أنني في الفترة الأخيرة وقفت في البرلمان ضد قطع العلاقة مع قطر ومازلت أعتبر حصارها ظلمًا من ذوي القربى؛ وقلت لعادل الجبير مرة، لقد ذهبت بعيدًا عندما تحدثت عن إرهاب “حماس”، وهي شامة الأمة ورمز المقاومة وخلاصة أهل السنة اليوم، ولو أحسنت التخطيط لدبلوماسية السعودية لكنت مستندًا لـ”حماس” لا لغيرها، فهي سندك والظهير الذي لا يخون، لكني أقول أكثر من هذا لفرنسا وتمنحني التأشيرة ومثلها بقية دول العالم المتحضر، التي لا تعاقب لمجرد رأي يخالف صاحبه موقفًا من مواقفها، فما بالك بالحرمان من البلاد المقدسة ومشاعرها التي حكم الله بسوية العاكف فيها والبادي”.

“الحاج” ليس الضحية الأخيرة، فقد كشفت الفنانة لطيفة التونسية أنها منعت من أداء مناسك العمرة، وقالت إنها أُجبرت على مغادرة السعودية بعد وصولها إلى المطار، وإنها محرومة من زيارة البلاد لأداء العمرة.

و قالت، خلال استضافتها عبر شاشة mbc السعودية ، إنها دخلت المطار في السعودية سنة 2011، ومرّت كل الإجراءات من دون مشاكل، وغادرت باب المطار لتتفاجأ بمنعها بعد ذلك.

وأضافت وهي تذرف الدموع، إن أحد موظفي المطار استدعاها إلى داخل المطار بعدما غادرته إلى سيارتها، وأخبرها بأن دخولها إلى السعودية غير مسموح به، ما اضطرها إلى أخذ الطائرة والمغادرة إلى دبي.

“لطيفة” أشارت إلى أن هذا الحادث جعلها محرومة من دخول السعودية طيلة السنوات السبع، وأنها كانت تأمل في أداء مناسك العمرة، في شهور رمضان الماضية، لكن لم تكن تجرؤ على التقدم بطلب الفيزا من السلطات السعودية.

قطر: “العراقيل مستمرة”

وبالعودة لقصة المعتمر القطري المزعوم، تعد هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها السعودية السماح للمقيمين في قطر بأداء العمرة وفق “شروط”، منذ بدء الأزمة الخليجية قبل عام.

وقبل أشهر، قامت السلطات السعودية بترحيل مجموعة من المواطنين القطريين من مطار جدة وإعادتهم إلى دولة الكويت بينما كانوا في طريقهم لأداء العمرة.

لكن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في قطر، عادت وأكدت استمرار العراقيل والإجراءات التعسفية السعودية بحق المواطنين والمقيمين في دولة قطر في ممارسة الشعائر الإسلامية.

ونفت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، “الثلاثاء” الماضي، في بيان لها، الادعاء بعدم تمكين دولة قطر المواطنين والمقيمين فيها من الحج والعمرة، مؤكدة استمرار العراقيل والإجراءات التعسفية التي تفرضها المملكة على قاطني دولة قطر جملةً ودون غيرهم من مسلمي العالم.

وتابعت قائلة: “شواهد هذه الإجراءات عديدة، فباب العمرة والحجّ عن طريق البرّ ما زال مغلقًا تمامًا، والتوجه من مدينة الدوحة إلى مدينة جدةّ مباشرة أيضًا غير متاح، مما يحمّل المعتمرين والحجاج من كبار السن وأصحاب الأمراض مشقّة مضاعفة”.

هذا فضلًا عن خضوع مسألة السماح للمواطنين والمقيمين في دولة قطر بدخول الأراضي السعودية إلى أهواء الموظفين المعنيين”.

ويأتي بيان وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية، رداً- كما يبدو- على اتهام وزارة الحج والعمرة السعودية، السلطات القطرية، “بالتعنت تجاه عدم تمكين المواطنين والمقيمين في قطر من أداء مناسك الحج والعمرة”.

وقالت الوزارة، في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية، في وقت سابق من “الثلاثاء”: إنها “ترحب بقدوم الأشقاء القطريين لأداء مناسك العمرة بعد استكمال تسجيل بياناتهم النظامية حال وصولهم إلى مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة”، وأن يكون “قدومهم جوًا عبر مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، وعن طريق شركات الطيران عدا الخطوط الجوية القطرية، وذلك خلال شهر رمضان المبارك من هذا العام.

فيما دعت المقيمين في قطر الراغبين في أداء العمرة إلى تسجيل بياناتهم في موقع الوزارة الإلكتروني، واستكمال إجراءات التعاقد إلكترونيًا مع شركات العمرة السعودية المصرح لها بتقديم الخدمات للمعتمرين، وأن يكون قدومهم جوًا وعن طريق شركات الطيران عدا الخطوط القطرية أيضًا”.

خسائر بالملايين

وتعتبر السعودية الخاسر الأول من هذا القرار؛ حيث تقدر خسائر حملات الحج والعمرة البالغ عددها 20 حملة مرخصة (15 لفئة الجو، و10 لفئة البر)، بنحو 300 مليون ريال (82 مليون دولار) لموسمي الحج والعمرة منذ بداية الحصار، وفقًا لأصحاب الحملات، الذين أكدوا أنهم لجأوا لإغلاق مكاتبهم وتسريح العمالة لوقف النزيف المادي المتواصل منذ عام دون أن يقابله أي دخل، مع عدم وجود بوادر تشي بسماح السلطات السعودية للقطريين أو المقيمين في الفترة القريبة بأداء فريضة الحج أو مناسك العمرة.

وتضررت جميع المكاتب العاملة المختصة بتسهيل إجراءات التأشيرات وتوفير حجوزات الطيران والفنادق للحجاج بشكل كبير، وبلغت الخسائر 30.5 مليون ريال (8.4 ملايين دولار)، لثماني حملات من بين 25 حملة، وجاءت حملة الفرقان في المركز الأول بإجمالي خسائر بلغت 7 ملايين ريال، وخسرت حملة الركن الخامس 4 ملايين ريال، وحملة لبيك 6 ملايين ريال، وحملة القدس بإجمالي 3 ملايين ريال، وحملة الهدى 2.7 مليون ريال، وحملة التوبة 2.7 مليون ريال، وحملة حاتم 2.700 مليون ريال، وحملة قطر 400 ألف ريال، بينما خسرت حملة الحمادي البرية مليوني ريال، وفقًا لتقرير “انتهاكات الحق في ممارسة الشعائر الدينية” الصادر عن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في نهاية أغسطس الماضي.