تمر علينا اليوم الذكرى الأولى لوفاة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، والتي تعيد إلى الأذهان ذكرى ثورة وحرية عاشها الشعب المصري لمدة عامين منذ أحداث يناير 2011 وحتى الانقلاب على مرسى في 2013
مناسبة تذكرنا جميعًا بوفاة رجل أحدث جدلاً بحياته ووفاته، بحياته عندما أمسى أول رئيس مصري منتخب في انتخابات حرة ونزيهة لم تشهد البلاد مثلها من قبل ولا من بعد وسط العديد من التحديات التي واجهها الرجل، وبوفاته التي رفضت أسرة مرسي وجماعة الإخوان الإقرار بأن رحيل الرئيس الأسبق كان إثر “أزمة قلبية” فاجأته أثناء المحاكمة
في الوقت الذي لا يزال هناك هدف لمؤيديه بتحريك تحقيق دولي للكشف عن ملابسات احتجاز ووفاة الرئيس المدني الوحيد في تاريخ مصر.
غير أنه برحيل “مرسي” فقد انقضت القضايا رفض الاعتراف بشرعيتها لأعوام، وانطفأت شمعة جماعة الإخوان في الطريق الذي خطته طوال سنوات المواجهات مع سلطة اعتبرتها “محظورة”.
مع مأساة عاشتها أسرة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، المنتمي لجماعة “الإخوان المسلمين”، منذ احتجازه عقب انقلاب عسكري قاده وزيره دفاعه في عام 2013، لنتقل إلى جواه ربه بعد ما تعرض له من ظلم وعدم حصوله حتى على أبسط حقوقه في محاكمة عادلة أو جنازة تليق به، رحل قبل عام، ليلحق به بعد أشهر، نجله الأصغر عبد الله، ليسيطر الحزن على أسرته.
وفي الذكرى السنوية الأولى لوفاة مرسي، التي عادت بفعاليات متنوعة خارج مصر، عبر سرد ما تم في نحو 6 سنوات من توقيفه صيف 2013، وحتى وفاته في 17 يونيو/ حزيران 2019.
حيث تستمر أزمة حقوق الرئيس الراحل حيا وميتا مع السلطات المصرية قائمة، في سياق يعتبره الكثيرون “حقا لن يسقط بالتقادم”، ويعده النظام “تحريضا وأكاذيب” ضده.
وفي هذا السياق، كانت هذه أبرز ملامح العام ما بين الوفاة والذكرى الأولى في 4 محاور تتمثل في تداعيات تعلقت بالإخوان وأسرة مرسي وقضاياه، فضلا عن أبرز فعاليات ذكراه على النحو التالي:
** الإخوان.. من الشرعية إلى لم الشمل
عقب الإطاحة بمرسي في يوليو/ تموز 2013، حظرت السلطات المصرية الجماعة قبل نهاية العام ذاته، ولاحقتها بتهم تنفيها الجماعة متعلقة بـ”الإرهاب والتحريض على العنف”.
وواجهت الجماعة طوال هذه الفترة ضربات أمنية وخلافات داخلية، غير أنها ترفض ما يذهب إليه مراقبون بأنها في “أضعف حالاتها”.
وخلال عام من وفاة مرسي، مرت الجماعة من مرحلة “التمسك بالشرعية” التي كانت سبب أزمتها مع النظام الحالي، إلى هدف “لم الشمل” سواء داخل الجماعة أو بين حركات المعارضة على النحو التالي:
في 17 يونيو/ حزيران 2019، وصفت الإخوان، في بيان آنذاك، مرسي بـ”الشهيد”، متمسكة بوقوع “جريمة اغتيال”، ومطالبة بتحقيق دولي على خلاف رواية السلطات المصرية التي قالت إنه سقط مغشيا عليه أثناء محاكمته.
وفي 29 يونيو، أكدت الجماعة في بيان تحت عنوان “نجدد عهد الكفاح وندعو الجميع لوحدة الصف”، استمرارها في العمل مع كافة القوى الوطنية بعد وفاة مرسي.
وفي 11 ديسمبر/ كانون الأول، قال المتحدث باسم الجماعة طلعت فهمي، في بيان: “الشعب هو صاحب الحق الأصيل في الشرعية التي منحها للرئيس مرسي، وباستشهاده تعود للشعب، يعطيها لمن شاء من أبنائه عبر انتخابات حرة ونزيهة”.
وفي 31 ديسمبر، قال طلعت فهمي، للأناضول: “الإخوان جزء من المجتمع المصري (..) وستواصل مسيرة الكفاح الوطني مع كل أبناء الوطن الشرفاء دون أن تتقدم عليهم أو تتأخر عنهم”.
وفي 14 يناير/ كانون الثاني 2020، قال الأمين العام للجماعة، محمود حسين، في مقال بعنوان “مواقف مبدئية من صميم دعوة الإخوان”: “لم يكن استشهاد الرئيس محمد مرسي وفاةً للشرعية، كما حاول البعض أن يصوّر ويروّج، بل تعني أنها عادت لصاحبها الأصلي، وهو الشعب”.
وفي 24 أبريل/ نيسان، قال نائب مرشد الإخوان، إبراهيم منير، في رسالة مرئية إن جماعته “أخطأت وأصابت”، داعيا إلى لمّ الشمل داخليا وطلب ممن باعدته الأحداث بالعودة إلى التنظيم.
** أسرة مرسي.. فقد جديد وسجين آخر وإشادات
بعد رحيل مرسي، عانت أسرته بفقد جديد لنجلها الأصغر، وبقاء نجلها الآخر، متحدثها السابق، قيد السجن، وسط إشادات تتلقاها في ذكرى تأبين الرئيس الراحل.
ففي 5 سبتمبر/ أيلول 2019، توفي عبد الله مرسي، النجل الأصغر لمرسي، إثر أزمة قلبية مفاجئة، وفق أسرته ومحاميه.
ولا يزال أسامة مرسي، نجل مرسي، محاميه والمتحدث السابق باسم الأسرة، قيد الحبس، منذ أن تم توقيفه في 8 ديسمبر 2016.
صدر ضد أسامة حكم بالسجن 10 سنوات في القضية المعروفة إعلاميا بـ”فض رابعة” في سبتمبر 2018، وسمحت السلطات بخروجه من سجنه مرتين، لدفن والده، وشقيقه الأصغر.
وصدرت إشادات عديدة بأسرة مرسي منذ وفاته، كان أبرزها في ندوة بإسطنبول بذكرى وفاته، إذ أشاد ياسين أقطاي، مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية التركي، بـ”موقف الأسرة وثباتهم وتضحياتهم”، مفتخرا بـ”مقاومتهم”.
** قضاياه “بلا أثر”
صدرت بحق مرسي 4 أحكام قضائية نهائية، وقضت المحاكم بانقضاء الدعوى لوفاته في قضيتين.
صدر أول حكم عام 2016 (التحريض على العنف/ 20 عاما)، وتلاه حكمان في 2017 (إدراج بقائمة الإرهاب/ 3 سنوات، وقيادة جماعة/25 عاما)، ورابع في 2018 (إهانة السلطات القضائية/ 3 سنوات).
وفي 7 و11 سبتمبر 2019، قضت محكمة جنايات القاهرة بانقضاء الدعوى الجنائية عن مرسي في قضيتي “اقتحام الحدود”، و”التخابر مع حماس” لوفاته، واللتين سبق أن حكما فيهما بالإعدام والسجن 25 عاما.
وفق القانون المصري، تسقط العقوبة عن المتهم حال وفاته، وتنقضي الدعوى الجنائية عن المتهم حال جاء النطق بالحكم وهو مفارق الحياة، ولم يسبق لرئيس سابق في مصر أن مات محبوسا أو تنتهي قضاياه على هذا النحو.
** الذكرى الأولى “إعادة للماضي”
شهدت الذكرى الأولى “زخما” احتفائيا للرئيس السابق الراحل عبر فعاليات عدة أبرزها:
1- “مؤسسة مرسي للديمقراطية”، دشنها مناصرون له الأربعاء في لندن، وهي من أبرز الإعلانات التي تزامنت مع الذكرى الأولى لوفاة مرسي.
والمؤسسة بحسب وكيل المؤسسين المتحدث باسمها محمد هلال، في حديث للأناضول، هي منظمة مجتمع مدني غير ربحية، دولية، تضم شخصيات عامة عربية وغربية، ومن أبرز المنضمين لها، الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي.
ويوضح “هلال” أن المؤسسة لها مجلس شرفي، وتسعى لتخليد ذكرى مرسي على غرار نيسلون مانديلا (الزعيم والمناضل الجنوب إفريقي).
ويوضح أن المؤسسة هي وصية “عبد الله” النجل الأصغر لمرسي، عندما كان يسعى لإنشاء مؤسسة تدافع عن والده وتخلد ذكراه وتحافظ على الديمقراطية.
2- أصدر المركز المصري للإعلام (معارض)، وفق بيان، كتابا رمزيا من 15 فصلا بعنوان “مرسي الرئيس الشهيد.. فارس الحرية ورمز الصمود”، يقدم فيه صورة متكاملة وشاملة عن حياته ومواقفه، وظروف توليه حكم مصر، وما قدمه حتى الإطاحة به ومحاكمته ووفاته.
ويرصد الكتاب تسلسلا معلوماتيا عن انتماء مرسي للإخوان منذ 1977، وانضمامه للقسم السياسي للجماعة عام 1992، وترشحه باسم الجماعة في انتخابات برلمانية فاز في أحدها عام 2000، ومشاركاته في أكثر من جبهة معارضة للنظام آنذاك.
ويعرج الكتاب على انتخاب مرسي كأول رئيس مدني للبلاد في 30 يونيو/ حزيران 2012 قبل أن يطاح به بعد عام، وإيداعه السجن والزيارات الثلاث التي تلقاها خلال سنوات حبسه، ومحاكماته وقضاياه، وإنجازاته وزياراته الخارجية، وموقفه من القضية الفلسطينية.
ويتضمن الكتاب ما سماه “اغتيالا معنويا” لمرسي عبر حملة إعلامية ضخمة، بـ”أقوال وأفعال وممارسات نالت من شخصه وحزبه وجماعته”، بجانب فصل يبرز شهادات من مختلف الدول بحق الرئيس السابق الراحل.
وبجانب المؤسسة والكتاب، عجت الذكرى الأولى بمؤتمرات ووقفات خارج مصر، لإحياء ذكراه، أبرزها ندوة الموقع الإلكتروني الخاص “عربي 21” الثلاثاء، ومؤتمر قناة “وطن” التابعة لجماعة الإخوان الأربعاء، بجانب مهرجان غنائي الخميس، بجانب ندوة لبرلمانيين سابقين السبت.
وهي فعاليات شهدت حضورا لافتا شمل عبر دوائر تلفزيونية أكثر من 100 شخصية عامة من مختلف بلدان العالم.
وبذلك تمر الذكرى الأولى لمرسي، كأنها فصل جديد عما عرفته مصر في نحو 6 سنوات من توقيفه حتى وفاته، إذ كانت جميع الفعاليات خارج البلاد تبني على دروس حياته ووفاته.
شاهد أيضاً: هكذا هو الفرق بين الرئيس الشهيد محمد مرسي و المخلوع حسني مبارك
اضف تعليقا