العدسة – أحمد عبد العزيز
باتت السعودية تحت قيادتها الحالية، لا تجد أي حرج في إقامة علاقات دبلوماسية كاملة وعلنية مع الكيان الصهيوني، حتى ولو كان ذلك على حساب القضية الفلسطينية التي طالما تشدق المسؤولون السعوديون بالدفاع عنها، طالما أن ذلك يصب في مصلحة ضرب عدوها الوحيد الذي لم تعد تنشغل بغيره هذه الأيام، وهو إيران.
فقد نقلت صحيفة “تليجراف” البريطانية، عن مستشار الأمن القومي السابق لرئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، ياكوف ناجيل، قوله: إن السعودية باتت حريصة على إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، ولديها الرغبة في التوقيع على أي اتفاقيات سلام إسرائيلية فلسطينية، حتى ولو كانت هذه الاتفاقيات لا تصب في المصلحة الفلسطينية على الإطلاق.
وأوضح الرجل الذي غادر منصبه مطلع العام الجاري، أن السعودية تسعى لبدء تعاون كامل مع إسرائيل ضد إيران، بغض النظر عن أي اتفاقيات قد تتم بين الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية، وبصرف النظر عن المصلحة الفلسطينية.
وأكد أن السعودية تريد فقط أن يكون هناك مجرد اتفاق بين إسرائيل وفلسطين، أيا كان قيمته أو أهميته، المهم أن يسوقوا لدى وسائل الإعلام المحلية أن هناك مصالحة تمت بين الطرفين، ومن ثم تجد المبرر للانطلاق إلى الخطوة التالية في العلاقات مع إسرائيل.
وأوضحت “التليجراف” أن تصريحات “ياكوف”، تأتي في وقت يشهد ظهور إشارات على ارتفاع مستوى العلاقات والتعاون بين إسرائيل والسعودية، بالتزامن مع ارتفاع حدة الخلاف والمواجهة والتوتر بين طهران والرياض.
وقالت إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أغضب طهران بشدة، عندما شبه المرشد الأعلى الإيراني “آية الله خامنئي” بـ”هتلر جديد للشرق الأوسط”، وهو ما دفع إيران للرد على هذه التصريحات بالقول إن ولي العهد السعودي “غير ناضج وضعيف العقل”.
وترى “التليجراف” أن السعودية كانت دائما بعيدة عن التطبيع الرسمي مع إسرائيل، خوفا من ردة الفعل العنيفة في الشارع السعودي، وكذلك في مختلف البلدان العربية، والتي لن يتقبل مواطنوها أن تقيم بلاد الحرمين الشريفين علاقات رسمية مع إسرائيل، حيث لا يزال ينظر إلى إسرائيل في الوطن العربي على أنها العدو الأول وربما الأوحد.
وتضيف أن ذلك كان في الماضي، ولكن بالنظر إلى تصريحات “ياكوف”، فإن القيادة الحالية للسعودية، تحت إمرة ولي العهد محمد بن سلمان، باتت تبحث عن أي نوع من أنواع اتفاقات السلام الإسرائيلي الفلسطيني؛ حتى تجد الغطاء السياسي الذي يسمح لها بإقامة العلاقات العلنية والتطبيع الكامل مع الكيان الصهيوني.
وترجح الصحيفة البريطانية، أنه لو صحت تصريحات “ياكوف”، فإن القيادة السعودية الحالية قد تجبر السلطة الفلسطينية على قبول صفقة سلام مع الكيان الصهيوني، حتى ولو لم تكن في صالح الفلسطينيين، وذلك عندما يضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقترحات السلام المتوقعة في مطلع العام المقبل، والتي سيتم عرضها على الجانبين للنظر في شأن الموافقة عليها من عدمه.
وأضافت أن تقارير إعلامية غير مؤكدة، أشارت إلى أن محمد بن سلمان بدأ بالفعل الضغط على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لقبول اتفاق سلام بوساطة أمريكية.
ونقلت الصحيفة عن ياكوف قوله إنه لا يعلم إن كانت السعودية لديها النفوذ والقدرة لإجبار الفلسطينيين على قبول باتفاق سلام، مضيفا “آمل ذلك، لست متأكدا”، فيما أشارت الصحيفة إلى أن مسؤولين فلسطينيين أكدوا أنهم سيقاومون أي ضغوط من الرياض لقبول صفقة غير مواتية، رغم أن السعودية تعد مانحا رئيسيا للسلطة الفلسطينية.
وترى “تليجراف” أن تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل سيمثل أحد أكبر التحولات السياسية في الشرق الأوسط منذ عقود، تلك المنطقة التي سيشهد قيام الكيان الصهيوني والسعودية بالتحالف رسميا ضد عدوهما المشترك (إيران).
وتشير إلى أن التحالف المتوقع بين السعودية وإسرائيل، سيجد هوى لدى الإدارة الأمريكية، التي سترى فيه جبهة موحدة قادرة على مواجهة طهران، وسبق للرئيس الأمريكي- عند زيارته للرياض في فبراير الماضي- أن ألمح إلى هذا التعاون، عندما قال إن القيادة السعودية “إيجابية جدا” تجاه إسرائيل.
وكشف وزير إسرائيلي في وقت لاحق هذا الأسبوع، أن مسؤولين من الجانبين السعودي والإسرائيلي اجتمعوا مؤخرا لمناقشة عدد من أوجه التعاون، إلا أن تلك الاجتماعات ظلت سرية، بناء على طلب الرياض.
وعندما سألت “تليجراف” “ياكوف”، هل التقى بمسؤولين سعوديين خلال فترة وجوده في منصبه كمستشار لنتنياهو، كانت إجابته “لن أقول نعم، ولن أقول لا”.
وبالرغم من ذلك، سبق لعادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، أن صرح في وقت سابق بأنه لا يوجد تغيير في موقف الرياض تجاه إسرائيل، مؤكدا أن بلاده لن تقيم علاقات مع تل أبيب، إلا إذا انسحب الإسرائيليون من جميع الأراضي المحتلة عام 1967 وسمحوا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
وأضاف “الجبير” حينها بقوله: “إلى أن يحدث ذلك، ليس لدينا علاقات مع إسرائيل”.
وترى الصحيفة البريطانية، أن الشروط المعلنة التي وضعها “الجبير” لإقامة علاقات مع إسرائيل، هي شروط لن تقبلها حكومة الائتلاف اليمينية التي يقودها نتنياهو حاليا، مما يعرقل عملية التطبيع الكامل بين البلدين، إلا أن السياسة الحالية للسعودية، تشير إلى أنها قد تغير موقفها في أية لحظة دون أي اعتبارات للقضية الفلسطينية، وهو ما ستكشفه الأيام المقبلة.
اضف تعليقا