اللعبة المعتادة

في موسم الحج.. السعودية حلال لـ”الإيرانيين” وحرام على “العرب”.. السعودية تصد عن “البيت الحرام”

كتب- باسم الشجاعي”

يأتي موسم “الحج” كل عام لدى المسلمين حول العالم لإشباع رغبة روحانية عندهم، لكن الأمر يختلف عند “القطريين والسوريين واليمنيين” في الأونة الأخيرة.

فللعام الثاني على التوالي، تواصل السعودية التلويح في وجه خصومها وخاصة قطر، بورقة الحج مستغلة العاطفة الدينية تجاه الأراضي المقدسة للضغط عليها.

وعلى الرغم من بدء موسم الحج لعام 2018، إلا أن الحجاج القطريين لم ولن يصلوا الأراضي المقدسة وذلك رغم وصول أكثر من نصف مليون حاج من جميع أنحاء العالم للأراضي الحجازية للشروع في المناسك المقدسة، وذلك بحسب ما كشفت المديرية العامة للجوازات في المملكة العربية.

ومن المتوقع أن يغيب نحو 1200 حاج قطري، -حصة قطر السنوية من الحجاج-، عن أداء هذه المناسك، للعام الثاني على التوالي.

وكانت “السعودية والإمارات والبحرين ومصر” قطعت علاقاتها مع قطر، في 5 يونيو 2017، ثم فرضت تلك الدول على الدوحة حصارًا بدعوى “دعمها للإرهاب”، وهو ما تنفيه الدوحة، وتتّهم الرباعي بالسعي إلى “فرض الوصاية على قرارها الوطني”.

وفي هذا الصدد، نفت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية، أن تكون الدوحة قد منعت أيٍّ من مواطنيها من التوجه إلى السعودية لأداء فريضة الحج، واصفة ما يثار في ذلك الصدد باستغلال الشعائر لأغراض سياسية.

“الوزارة”، قالت –في بيان لها صدر نهاية الأسبوع المنصرم- إن السعودية لم تقم بأي إجراء ملموس للقضاء على العراقيل التي تعترض سفر الحجاج القطريين، الذين أقرت الرياض بعدم وصول أيٍّ منهم؛ في ظل استمرار الحصار على بلادهم، ولا توجود آلية واضحةٍ بشأن استخراج تأشيرات الحج للمقيمين في الدوحة”.

ورصدت “الوزارة” عشرات الانتهاكات المتعلقة بحقوق القطريين والمقيمين على أرض دولة قطر أثناء أداء العمرة خلال الفترة الماضية، ومنع الكثير منهم من دخول الأراضي السعودية، وقد وصل الأمر حد إعادة بعضهم بعد وصولهم إلى مطار جدة، “مما يؤكد على الانتقائية وضبابية الإجراءات التي تخضع أحيانا لمزاج الأفراد”.

وسبق أن شددت المملكة العربية السعودية من إجراءاتها على سفر الحجاج القطريين إلى الديار المقدسة؛ حيث تشترط مغادرة القطريين الراغبين في أداء مناسك الحج لهذا العام، عبر مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، وعن طريق أيّ من شركات الطيران، ما عدا الخطوط الجوية القطرية، ما يعني عدم تمكن الحاج القطري من السفر مباشرة جوًا من الدوحة إلى جدة، وعدم التمكن أيضًا من السفر برًّا إلى مكة، نظرًا لإغلاق السعودية للمعبر البري مع قطر.

ولعل البعض يتبادر إلى ذهنه، سؤالا لماذا لا يسافر الحجاج القطريين عن طريق مطار الكويت أو سلطنة عمان، كما تطالب السعودية، علميا الأمر في غاية الصعوية؛ حيث إنه لا يمكن لأي حاج السفر دون بعثة رسمية تخدمه.

وما هو الحل إذا، الحل هنا أن تثبت السعودية حسن نواياها بفتح المجال الجوي أمام الطيران القطري لنقل الحجاج  وتيسير الأمور أمام البعثة القطرية لضمان تسهيل أداء المناسك، كما فعلت مع الإيرانيين، مؤخرا.

الكيل بمكيالين

فبالرغم من قطع المملكة السعودية علاقاتها مع طهران منذ نحو أكثر من عام واتهامها لها بأنها راعية الإرهاب في العالم، إلا أن أول دفعة من الحجاج الإيرانيين، وصلت إلى المدينة المنورة، منتصف الشهر الماضي، ويبلغ عددهم 300 حاج، من بين قرابة 86 ألف حاج لهذا العام، ويأتي ذلك في الوقت الذي يمنع فيه القطريين للعام الثاني والسوريين للعام السابع، واليمنيين للعام الثالث.

وكانت توصَّلت السعودية وإيران، في 16 مارس 2017، إلى اتفاق بشأن موسم الحج، بعد مفاوضات استمرَّت عدة أيام في مدينة جدة، وافقت حينها وزارة الحج السعودية على رفع حصة إيران من 60 ألف حاج إلى 86 ألفًا للموسم المقبل.

وكانت طهران تصرّ في مفاوضاتها مع الرياض على 3 أمور، قبلت بها الرياض، وهي وجود مشرفين من وزارة الخارجية الإيرانية للإشراف على شؤون الحجاج الإيرانيين، وضمان أمن الحجاج الإيرانيين وكرامتهم، وثالثًا أن يكون سفر الحجاج الإيرانيين انطلاقًا من الأراضي الإيرانية مباشرة إلى الأراضي السعودية وليس عبر دولة ثالثة.

دائرة المنع تتسع

ولأن السعودية هي من تتحكم في أعداد الحجيج وأماكن سكناهم وغير ذلك، لم يكن الحجيج القطري هو الممنوع الأول من أداء فريضة الحج بقرار سياسي من السلطات السعودية، فقد سبقه في القائمة قطاعات واسعة من السوريين واليمنيين.

وفي أحدث بيان للهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين، فإن السلطات السعودية رفضت منح تأشيرات حج أو عمرة للمواطنين السوريين من أداء فريضة الحج، للسنة السابعة على التوالي والقطريين للسنة الثانية وذلك لأسباب سياسية.

واتهمت “الهيئة” -في بيانات سابقة- السعودية بأنها تمارس الابتزاز السياسي ضد الدول الإسلامية؛ حيث تستغل الحج لتصفية حساباتها مع الدول التي تعارضها سياسيًا ولفرض أجندتها السياسية على جميع الدول.

مخالفة للقانون الدولي

ما تقوم به السعودية من حرمان مواطني بعض الشعوب من أداء فريضة الحج هذا العام، يخالف نص المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي تنص في فقرتها الأولى على أنه “لكل إنسان الحق في حرية الفكر والوجدان والدين ، ويشمل ذلك حريته في اختيار دينه، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم بمفرده أو مع جماعة ، وأمام الملأ أو على حدة”.

كما تشير المادة 30 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، في فقرتها الثانية أنه “لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده أو ممارسة شعائره الدينية إلا للقيود التي ينص عليها القانون ، والتي تكون ضرورية في مجتمع متسامح يحترم الحريات وحقوق الإنسان ، لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية”.