قطعت الجهود السعودية للحصول على التكنولوجيا النووية، خطوة إلى الأمام بحصول الرياض على موافقات أمريكية سرية، كشفت عنها وثيقة مسربة.

 

وأظهرت الوثيقة أن وزير الطاقة الأمريكي “ريك بيري” وافق على ستة تراخيص سرية تتيح لشركات بيع تكنولوجيا خاصة بالطاقة النووية وتقديم المساعدة للسعودية.

 

وصرح مستشار شؤون الطاقة في السعودية الدكتور “عبد العزيز المقبل”، أن السعودية تسعى وراء تنفيذ خططها المستقبلية، من خلال رؤية 2030، أو ما يحتاجه الوطن من طاقة.

 

وقال إن “البيانات التي صدرت من مركز الطاقة الذرية، ذكرت أن هناك خطة لإنشاء 17 محطة نووية، ستأتي على مراحل، وسيكون لها تأثير جدي”.

وأوضح أن السعودية ستبذل جهدها لضمان الاستقرار في أسواق الطاقة المحلية، ويدفعها ذلك  لاتخاذ قرارات العمل الجاد.

 

واستنكر الإشارات التي تخرج من بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي، بشأن التخوفات من تخصيب اليورانيوم، والتى تعتبر مناورات في داخل الأروقة السياسية لخدمة تيارات بعينها في الداخل الأمريكي، وخاصة أن السعودية ليست الوحيدة التي تسعى لاستخدام الطاقة النووية والذرية.

 

وفيما يخص تخصيب اليورانيوم، ركز “المقبل” على أن الاستخدامات التي تسعى لها السعودية، مبنية على الموثوقية العالية لها، والتزامها بالتعهدات والاتفاقيات الدولية.

 

مجلس الشيوخ

وأعرب مشرعون أمريكيون عن قلقهم حيال احتمال تطوير السعودية أسلحة نووية، حيث طلب العضوان بمجلس الشيوخ الأمريكي الديمقراطي “بوب ميننديز” والجمهوري “ماركو روبيو” من وزير الطاقة “ريك بيري” تقديم توضيحات بشأن موافقة الإدارة الأمريكية على تصاريح لبيع تكنولوجيا الطاقة النووية للرياض.

 

وأبلغ كل من “ميننديز” و”روبيو” وزير الطاقة الأمريكي بأن السعودية تقوم بكثير من الأعمال التي تبعث على القلق الشديد، وتدلي بتصريحات تثير قلق الكونغرس.

 

وأضاف المشرعان الأمريكيان أن الكونغرس سيبدأ إعادة تقييم العلاقات الأمريكية السعودية، وأن واشنطن يجب ألا تقدم تكنولوجيا أو معلومات نووية للسعودية في الوقت الحالي.

 

وذكرا في تقرير، أن كبار معاوني البيت الأبيض تجاهلوا تحذيرات من أنهم قد ينتهكون القانون بعملهم مع مسؤولين أمريكيين سابقين، لوضع خطة لبناء مفاعلات نووية بمليارات الدولارات في الشرق الأوسط، بما في ذلك السعودية.

 

ويشترط قانون الانتشار النووي السعودي موافقة الكونغرس على أي اتفاقات تخول لشركات أمريكية بيع تكنولوجيا خاصة بالطاقة النووية للمملكة.

 

وقال “شيرمان” إن الحكومة التى لا يمكن ائتمانها على منشار العظام، يجب ألا تؤتمن على سلاح نووي.وفي ذلك اشارة لحادثة تقطيع الصحفي جمال خاشقجي بعد مقتله في القنصلية السعودية بإسطنبول.

 

وانضم العديد من رفاق “ترامب” الجمهوريين إلى الديمقراطيين في تحميل ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” المسؤولية عن مقتل الصحفي السعودي “جمال خاشقجي” في قنصلية بلاده في إسطنبول.

 

وقال العضو الديمقراطي “ميركلي” في بيان: “إذا وضعت السعودية يدها على التكنولوجيا النووية، فمن الضروري للغاية أن نلزمها بأشد معايير منع الانتشار النووي”.

 

وأضاف: “ينبغي ألا تساعد أمريكا بشكل غير مقصود في تطوير أسلحة نووية لطرف يتصرف بشكل سيء على الساحة العالمية”.

 

 

تراخيص سرية

 

وصرح وزير الطاقة الأمريكي “ريك بيري” أمام جلسة لمجلس الشيوخ أنه وافق على منح تراخيص لشركات أمريكية لبيع تكنولوجيا أولية تتعلق بالطاقة النووية للمملكة العربية السعودية.

 

ونفى علمه إن كان ذلك قد تم بعد مقتل الصحفي “جمال خاشقجي” في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

 

وقال “بيري” أمام الجلسة إنه قد وافق على هذه التراخيص التي تتعلق ببيع تكنولوجيا أولية تتعلق بالطاقة النووية منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

 

وأشار “بيري” إلى أن وزارة الطاقة قد وافقت على 37 طلبا من بين 65 طلبا تلقتها على الصعيد الدولي منذ عام 2017، لكنه شدد على أن الولايات المتحدة ملتزمة بضمان أن لا يقوم “السعوديون” بإعادة استخدام الوقود النووي لصنع أسلحة نووية.

 

ووفق ذلك، فإن إدارة “ترامب” سعت في هدوء إلى إبرام صفقة مع الرياض بهدف بناء محطتين نوويتين على الأقل بالمملكة.

 

وقالت الإدارة الوطنية للأمن النووي التابعة لوزارة الطاقة الأمريكية بالوثيقة إن الشركات طلبت من إدارة ترامب إبقاء الموافقات سرية، وتتيح الموافقات للشركات العمل التمهيدي قبل الصفقة وليس شحن المعدات المطلوبة لأي محطة نووية، حسب ما ذكره مصدر مطلع على الموافقات.

 

وفي تقرير لصحيفة “ديلي بيست”، كشفت عن موافقة الوزير الأمريكي على ستة تراخيص سرية تتيح لشركات أمريكية بيع تكنولوجيا خاصة تتعلق بالطاقة النووية للسعودية وتقديم المساعدة لها في هذا المجال.

 

 

والثلاثاء الماضي، خلال جلسة استماع، أخبرت رئيسة “اللجنة التنظيمية النووية المستقلة” (إن آر سي)، “كريستين إل سفينيكي”، أعضاء مجلس الشيوخ في لجنة البيئة والأشغال العامة، بأنها لا تعلم إن كان هناك أحد في وكالتها أثار مخاوف حول الجزء 810 المتعلق بتراخيص منح التكنولوجيا النووية.

 

وتسمح تلك التراخيص بتبادل المعلومات التكنولوجية دون المعدات. واعترفت الإدارة الأمريكية، الأسبوع الماضي، بأنها قدمت سبعة موافقات من هذا القبيل للسعودية دون إطلاع الكونغرس.

 

ودافع وزير الطاقة “ريك بيري” عن ذلك قائلا إن الشركات المعنية طلبت الحفاظ على السرية.

 

بينما قال النائب الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا “براد شيرمان” في خطاب لوزير الطاقة الأسبوع الماضي: “أتفهم تماما واحترم حاجة الشركات الأمريكية إلى حماية معلوماتها المتعلقة بالملكية عن المنافسين، لكن يجب في الوقت ذاته تزويد الكونغرس بمعلومات كافية للوفاء بمسؤولياته الرقابية والدستورية”.

 

ويبدي مشرعون حذرهم من اندفاع “ترامب” سرا للموافقة على مشاريع للطاقة النووية المدنية في السعودية، رغم أن المملكة لم تسع لعقد اتفاق حول المادة 123 من قانون الطاقة النووية الأمريكي، والذي بموجبه تتعهد الدول باستخدام سلمي لهذه التقنية.

 

وزاد قلق الكونغرس العام الماضي، بعدما أبلغ ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”، شبكة “سي بي إس” الأمريكية، بأن السعودية لا تريد حيازة قنابل نووية، لكن إذا طورت إيران قنبلة نووية فستحذو المملكة حذوها في أقرب وقت ممكن.

 

“بن سلمان” المتهور

 

ويخشى العديد من المشرعين الأمريكيين أن يؤدي نقل تكنولوجيا نووية للسعودية إلى سباق تسلح نووي بالشرق الأوسط.

 

ووصفت صحيفة “الغارديان” البريطانية  فكرة أن تمكن واشنطن الرياض من تكنولوجيا نووية، بأنها الفكرة “الخطيرة” لتمكن نظام ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” “المتهور” من صنع أسلحة نووية.

 

طموحات عسكرية

 

ورصدت صور بالأقمار الصناعية لمصنع للصواريخ البالستية بالمملكة السعودية العربية، وفقا لصحيفة “واشنطن بوست”.

 

واعتبرت الصحيفة أن ذلك جزءا من الطموحات العسكرية والنووية لـ”محمد بن سلمان”.

 

وذكرت أن المصنع من المتوقع أن يسمح للسعودية بتصنيع صواريخ ذاتية الدفع، وهو ما يغذي المخاوف من حدوث سباق تسلح مع منافِستها الإقليمية، إيران.

 

وقالت “لا تمتلك السعودية حاليا أسلحة نووية، لذا فإنه من المرجح أن تكون هذه المنشأة عنصرا حاسما في أية برنامج سلاح نووي سعودي، وهو ما يتيح للمملكة إنتاج أنظمة التوصيل المستخدمة للرؤوس النووية”.

 

كما ذكر موقع بلومبرغ الأمريكي، بناء على صور التقطتها أقمار اصطناعية، أن السعودية توشك على الانتهاء من بناء أول مفاعل نووي لها جنوب غرب مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا في الرياض.

 

وأوضح الموقع أن هذا الأمر ينذر بإمكانية استخدام المملكة للتكنولوجيا النووية دون الالتزام بالمعايير الدولية، وأن الأمر يثير قلق خبراء الحد من التسلح، لأن السعودية لم توقع بعد على الإطار الدولي للقواعد التي تتبعها القوى النووية الأخرى، لضمان عدم استخدام البرامج النووية المدنية في تصنيع الأسلحة.

 

ونقل الموقع عن المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، “روبرت كيلي”، قوله إن “هناك احتمالا كبيرا للغاية بأن هذه الصور تظهر أول منشأة نووية في السعودية”.

 

ولكن استبعد “جيفري لويس” خبير الأسلحة النووية بمعهد “ميدلبوري” للدراسات الدولية في مونتري، قدرة السعودية على بناء برنامج لإنتاج صواريخ بعيدة المدى أو السعي للحصول على أسلحة نووية.

 

كما اتفق “مايكل اليتمان” و”جوزيف جون”، وهما خبيران صاروخيان، في أن الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية هي لموقع يضم مرافق إنتاج واختبار لمحركات الصواريخ، وربما تستخدم الوقود الصلب.

 

ورفض متحدث باسم السفارة السعودية في واشنطن التعليق على طبيعة المنشأة في قاعدة الصواريخ، كما امتنعت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” ووزارة الخارجية الأمريكية ووكالة الاستخبارات المركزية “CIA” عن التعليق على المصنع.

 

وصرح” بن سلمان” العام الماضي بالقول “من دون شك، إذا طورت إيران قنبلة نووية، فسوف نتبعها في أقرب وقت ممكن”.

 

وفي عام 2015، أعلن وزير الدولة للشؤون الخارجية “عادل الجبير”، (السفير السعودي لدى أمريكا حينها)، أن السعودية “ستبني برنامجها النووي الخاص، وقد تصنع قنبلة نووية لمواجهة برنامج إيران النووي”.

 

كما قال سفير السعودية السابق في بريطانيا، الأمير “محمد بن نواف آل سعود” في مقابلة أجراها مع صحيفة “الغارديان” البريطانية عام 2015: “نأمل أننا حصلنا على التأكيدات التي تضمن بأن إيران لن تسعى للحصول على هذا النوع من الأسلحة، ولكن إن لم يحصل ذلك فإن كل الخيارات مطروحة على الطاولة بالنسبة لنا”.

 

وأكد أن بلاده ستحذو حذو إيران إذا ما امتلكت الأخيرة السلاح النووي.