يكثر الحديث هذه الآونة عن اقتراب السعودية من تطبيع العلاقات بصورة رسمية مع إسرائيل، لتسير على خطى الإمارات والبحرين والمغرب، مع اختلاف النمط الذي تتبعه السعودية في مفاوضاتها، من جهة فإنها غير حريصة على إبقاء المفاوضات سرية، ومن جهة أخرى فإنها تتمسك بعدة مطالبات تشترط على الولايات المتحدة تنفيذها أولًا قبل إبرام الصفقة.

وحسبما وُرد، فإن المملكة الخليجية تريد ضمانات أمنية من الولايات المتحدة، والمساعدة في تطوير برنامج نووي مدني، وتقليل القيود على مبيعات الأسلحة.

تتطلب مطالب السعودية ممارسة ضغط كبير في الكونجرس نيابة عن إدارة بايدن، في وقت يريد فيه أعضاء من حزب الرئيس تقليص العلاقة بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، كما أعرب العديد من المشرعين عن عدم ارتياحهم لطموحات السعودية النووية.

يوم الأربعاء، انتزع السناتور الأمريكي كريس مورفي تعهدًا علنيًا من ليف، أكبر مسؤول في وزارة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، بأن الإدارة لن تقدم ضمانات أمنية للسعودية دون السعي للحصول على موافقة الكونجرس أولًا.

وقال آرون ديفيد ميلر، مستشار سابق في وزارة الخارجية، وهو الآن زميل أقدم في مؤسسة كارنيجي الدولية السلام، إن إدارة بايدن لا تريد الدخول في حرب مع أعضاء الحزب الديمقراطي من أجل هذه الصفقة.

من جهة أخرى، فإن الحصول على إجماع من الكونجرس على هذه المطالبات أصبح أكثر صعوبة الآن بعد أن وصلت العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل إلى رقعة صعبة، إذ يقود نتنياهو حكومة مكونة من نواب يمينيون متطرفين، وأصبح إصلاحه القضائي مسألة صاعقة داخل الحزب الديمقراطي، لدرجة أنه لم تتم دعوة الزعيم الإسرائيلي إلى البيت الأبيض حتى الآن.

من جانبها، لم تعلن إسرائيل عن موقفها من مطالبات السعودية النووية، وتعليقًا على هذه النقطة قال هنغبي، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، إن الملف يجب أن يمر عبر اللوائح الأمريكية لمكافحة الانتشار أولاً، لكن لن يتم التوصل إلى اتفاق نهائي دون استشارة إسرائيل، حيث يحتدم الجدل حول كيفية معالجة طموحات الرياض النووية.

من جانبه حذر يوئيل جوزانسكي، الخبير في شؤون الخليج في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، من هذه الخطوة إذ قال “من يدري ما الذي سيفعله محمد بن سلمان في غضون خمس سنوات أو حتى العام المقبل بهذه البطاقة”، في إشارة إلى البرنامج النووي السعودي.

تطلب الولايات المتحدة من الدول التي تتطلع للتعاون في مجال التكنولوجيا النووية التوقيع على اتفاقية 123، التي تحظر عليها تخصيب اليورانيوم وبيعه – وهو هدف سعودي.

“بن سلمان يريد شيئًا مميزًا”

حاولت الإدارة الأمريكية قطع أشرعة الرياض من خلال التأكيد على الفوائد السياسية للاتفاق، بل إن السناتور الجمهوري ليندسي جراهام أخبر السعوديين أن التطبيع خلال فترة ولاية بايدن يمكن أن يساعدهم في بناء النوايا الحسنة في واشنطن.

قال بريم كومار، المستشار السابق للرئيس أوباما لشؤون الشرق الأوسط والذي يعمل الآن في شركة الاستشارات العالمية، مجموعة أولبرايت ستونبريدج ، لموقع Middle East Eye: “هذه حجة استوعبها السعوديون”.

وأضاف: “إنهم يدركون أنهم إذا أبرموا هذه الصفقة مع رئيس جمهوري، فإن ذلك سيعزز فقط فكرة أن المملكة العربية السعودية لاعب حزبي في واشنطن”.

يعتقد عبد الله بعبود، الباحث غير المقيم في مركز مالكولم إتش كير كارنيجي للشرق الأوسط، أن هذه البطاقة مبالغ فيها في مؤسسة العاصمة.

وقال “لقد رأينا ما فعله السعوديون بعد زيارة بايدن في يوليو/تموز 2022، لم تمر أسابيع قليلة إلا وأصدر بن سلمان قرارات حول النفط غير تلك التي كان يطمح بها بايدن…ينتهج ولي العهد السعودي سياسة خارجية أكثر استقلالية عن واشنطن”.

وتابع “إنه يزيد من أسعار النفط بصورة جنونية عززت خزائن الدولة وأعادت المملكة إلى مركز اهتمامات أمن الطاقة العالمي…. يشعر محمد بن سلمان بأنه في وضع قوي للغاية ولا يتعين عليه الاستسلام لأي شخص… محمد بن سلمان يريد شيئًا مميزًا في مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل”.

لقد أفسحت التدخلات العسكرية المكلفة في النقاط الساخنة مثل اليمن التي حددت الحكم المبكر لولي العهد الطريق أمام الجهود المبذولة لوضع الرياض كوسيط، وإلى جانب استعادة العلاقات مع إيران، رحب بعودة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الصف العربي واستضاف وفد حماس إلى جانب ممثلين عن السلطة الفلسطينية.

لكن كومار يعتقد أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل يتناسب مع محور السياسة الخارجية.

وقال لموقع Middle East Eye: “من المحتمل أن يُظهر ذلك أن المملكة العربية السعودية يمكن أن تكون لها علاقة قوية مع كل من إيران وإسرائيل… لن تتمكن أي دولة عربية أخرى من جمع الأمرين معًا”.

كما أن حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة والتوترات في الضفة الغربية المحتلة، وخاصة في مجمع المسجد الأقصى في القدس الشرقية، تفسد المعادلة مع السعودية.

“أعتقد أنها خطوة محفوفة بالمخاطر للغاية بالنسبة للسعودية وهي تحاول أن تكون زعيمة للعالم العربي… وقال بعبود “قد تضر هذه الخطوة بمكانة السعودية إقليميًا”.

لم يُعلن بعد عن الوقت المحتمل لتطبيع العلاقات خاصة وأنه في الوقت الحالي، تتمتع المملكة العربية السعودية بفوائد التعاون الأمني مع إسرائيل، دون الحاجة إلى الدفاع عن هذه العلاقات علنًا.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا