على مدار الأسابيع الماضية، كان الشغل الشاغل للصحافة الإسرائيلية الترويج لفكرة اقتراب تطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية، خاصة في ظل تكثيف الجهود الأمريكية كي يتم هذا الأمر، وارتفعت الآمال في التوصل إلى اتفاق في أوائل مايو/أيار عندما أعلن كبير مستشاري بايدن جيك سوليفان أن التطبيع بين السعودية وإسرائيل يصب في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة.
حتى الآن لم يُحسم الجدل بعد، لم يخرج أي مسؤول سعودي ينفي هذه الأخبار، فيما لا تزال النبرة الإسرائيلية متفائلة عند الحديث عن هذا الأمر، وباستمرار، كما أن المسؤولين الأمريكيين يؤكدون في مناسبات عدة أنهم يسعون لإتمام الصفقة، ومؤخرًا صدر تقرير عن أكسيوس يفيد بأن البيت الأبيض كان يهدف إلى إبرام صفقة في غضون 6-7 أشهر، قبل الانتخابات الأمريكية المقبلة.
قال يوئيل جوزانسكي ، الخبير في شؤون الخليج في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، لموقع Middle East Eye: ” “هذه هي المرة الأولى التي تضع فيها إدارة بايدن التطبيع علنًا كأولوية، ربما لم يحدث تقدم ملحوظ بعد، لكن الأكيد أن الخطاب بدأ يأخذ منحنى أكثر عملية”.
أعلنت الخارجية الأمريكية يوم الجمعة أن وزير الخارجية أنطوني بلينكين سيتوجه إلى المملكة العربية السعودية الأسبوع المقبل لإجراء محادثات بشأن التعاون الاستراتيجي المتوقع أن يشمل التطبيع، وقال مسؤول أمريكي كبير إن الإدارة ستواصل الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق بينما تسعى في الوقت نفسه إلى إحراز تقدم “دون التطبيع الدبلوماسي الرسمي”.
من جانبه، رأى عزيز الغشيان، المقيم في الرياض وزميل في سيباد مع التركيز البحثي على العلاقات بين إسرائيل والسعودية، أن إسرائيل تبالغ في الحديث عن اقتراب التطبيع مع السعودية، مشيرًا “لكي تبقى هذه الحكومة الإسرائيلية على قيد الحياة، عليهم أن يحافظوا على الرواية القائلة بأن التطبيع مع المملكة العربية السعودية وشيك بشكل لا يصدق، في حين أنه ليس كذلك”.
من المؤكد أن المملكة العربية السعودية وإسرائيل أقرب الآن من أي وقت مضى في التاريخ، وبالرغم من أن السعودية لم تكن طرفًا في اتفاقات إبراهيم لعام 2020 التي شهدت تطبيع الإمارات والمغرب والبحرين مع إسرائيل، لكنها تأثرت بشكل أو بآخر وباتت علاقاتها معها أقوى.
يتعاون الطرفان بهدوء في مجال الأمن والاستخبارات للوقف ضد إيران، كما أدى التحرك الأمريكي لوضع إسرائيل في القيادة العسكرية الأمريكية للشرق الأوسط إلى توسيع نطاق تلك الروابط الدفاعية.
في العام الماضي، انضمت المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان علنًا إلى إسرائيل في مناورات بحرية بقيادة الولايات المتحدة لأول مرة.
هذا الشهر، تحدث نتنياهو ووزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين عبر الهاتف مرتين إلى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في غضون يوم واحد كجزء من المفاوضات للسماح برحلات تجارية مباشرة إلى المملكة للمسلمين من إسرائيل لأداء فريضة الحج.
تعليقًا على هذا التقارب، قال آرون ديفيد ميلر، مستشار سابق في وزارة الخارجية، وهو الآن زميل أقدم في مؤسسة كارنيجي الدولية السلام: “ليس هناك شك في أننا أقرب من أي وقت مضى إلى عقد صفقة تطبيع بين الجانبين… قبل بضع سنوات فقط كان التعاون والتقارب= صفر!”
من جانبها، تتطلع إدارة بايدن إلى إصلاح العلاقات مع الرياض التي تتعرض لضغوط بسبب حقوق الإنسان وإنتاج النفط، خاصة وأن قرار المملكة في مارس/آذار بإعادة العلاقات مع إيران في صفقة توسطت فيها الصين كان إشارة إلى ابتعاد السعودية عن واشنطن.
حول هذا قال ميللر “لم يعد هناك حديث عن الرياض باعتبارها منبوذة من قبل إدارة بايدن… إنهم يبحثون عن طريقة لتقوية العلاقة”.
ومن شأن اتفاق التطبيع أن يبرز الثقل الدبلوماسي للولايات المتحدة في المنطقة عندما يشكو الحلفاء من تضاؤل الاهتمام. كما سيكون انتصارًا لنتنياهو، الذي عاد إلى منصبه العام الماضي بتعهده بتوسيع اتفاقات إبراهيم، لكنه اضطر إلى التركيز على التحديات المحلية بعد رد الفعل العنيف على إصلاحه القضائي المثير للجدل.
وحسب محللون وخبراء فإن بايدن يريد ذلك أكثر من أي وقت مضى، بيبي يريدها أكثر من أي وقت مضى، لكن محمد بن سلمان يتريث في اتخاذ هذه الخطوة لأنه يبحث عن بنود أكثر تميزًا خاصة وأنه في وجهة نظره في موضع قوة الآن.
على عكس اتفاقات أبراهام لعام 2020، حيث أجريت المحادثات بين الدول العربية وإسرائيل سرًا، تم تسريب مطالب المملكة العربية السعودية لإتمام صفقة التطبيع، وحسب ما وُرد، في مقابل تطبيع العلاقات، فإن المملكة الخليجية تريد ضمانات أمنية من الولايات المتحدة، والمساعدة في تطوير برنامج نووي مدني، وتقليل القيود على مبيعات الأسلحة.
قال ميلر “العقبة تتلخص في إمكانية تلبية المطالب السعودية… والسعر الذي يريدونه مرتفع للغاية.”
وحول موقف السعودية من القضية الفلسطينية، قال جوزانسكي إن المطالب السعودية بإقامة دولة فلسطينية مستقلة هي على الأرجح موقف تفاوضي، لكن “قائمة أمنيات الرياض للتطبيع تتضمن بالتأكيد شيئًا ما في الساحة الفلسطينية، قد يتم التنازل عن شرط إقامة دولة مستقلة، لكن يجب معالجتها وليس من الواضح أن هذه الحكومة الإسرائيلية قد توافق على هذا الشرط”.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا