قال مركز أبحاث إسرائيلي إن تفجر الهبات الشعبية المطالبة بالتحول الديموقراطي يدلل على أن الصراع على المستقبل في العالم العربي، الذي تفجر عام 2011 لم يحسم بعد، موضحا أن المتظاهرين اكتسبوا وعيا جديدا يقضي بعدم الثقة كليا بالمؤسسات العسكرية.

ويرى “مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية”، التابع لجامعة “بارإيلان” أن الموارد الكبيرة والجهود الهائلة التي استثمرتها السعودية والإمارات في دعم النظم القديمة والنخب العسكرية لم تفلح في وقف التحولات التي بدأت مع اندلاع الثورات العربية في عام 2011.

وفي تقدير موقف كتبه الباحث جيمس دوسري، ونشره موقعه اليوم، لفت المركز إلى أن الهَبّات الشعبية التي تشهدها حاليا منطقة شمال أفريقيا والسودان تدلل على أن قوى التغيير في العالم العربي تعلمت درسا مهما من تجربة 2011 يتمثل في عدم الثقة بالقيادات العسكرية حتى عندما تتظاهر بأنها تؤيد مطالب الثوار.

وأضاف: “لقد تعلم المتظاهرون الدرس، فهم قرروا عدم التنازل عن التظاهر في الشارع حتى تتم الاستجابة لمطالبهم بالكامل”.

ولفت إلى أن ما يعكس انعدام الثقة بالقيادات العسكرية أن المتظاهرين السودانيين يتجنبون ترديد شعار “الشعب والجيش يد واحدة”، والتركيز بدلا من ذلك على الشعارات التي تؤكد الحق في الحرية والرهان على الثورة.

وأشار المركز إلى أن الهبتين الشعبيتين في كل من السودان والجزائر “دخلتا حاليا الدائرة الحرجة، على اعتبار أن القيادات العسكرية في البلدين باتت تخشى أن تتم محاسبتها على سنين طويلة من الفساد وسوء إدارة الموارد العامة والقمع”.

وأوضح أن النجاح الأولي الذي حققته الهبتان في كل من الجزائر والسودان، والمتمثل في التخلص من رأس النظام أفضى إلى المرحلة الصعبة من المواجهة بين الشارع والقيادات العسكرية في البلدين، المرتبطة بعلاقات وثيقة بكل من السعودية والإمارات.

وأشار إلى أن ما يدلل على طابع العلاقة بين الرياض وأبوظبي بالقيادات العسكرية في السودان أن رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان أثنى على “العلاقات الخاصة” التي تربط العسكر بكل من السعودية والإمارات.

وبحسب المركز، فإن نظام الحكم السعودي يضبط تدخله في الشأن السوداني لضمان عدم نجاح عملية التحول الديمقراطي التي تفضي إلى تحول هذه الدولة إلى رمز لسيادة الإرادة الشعبية ولهزيمة الاستبداد.

وبحسب المركز، فإن القيادات العسكرية في كل من الجزائر والسودان باتت تعي أن قواعد اللعبة التي اعتادت عليها لم تعد قادرة على توفير النتائج المطلوبة، مستدركا أن المتظاهرين والقيادات العسكرية عاجزون عن إدارة الأمور في المنعطف الذي علقوا فيه حاليا.

وشدد على أن عملية التحول السياسي التي تشق طريقها في العالم العربي لا تزال في بدايتها، مشيرا إلى أن تواصل “الحرب الأهلية المدمرة” في سورية لم يؤثر على الدافعية التي تحرك الشعوب نحو التغيير.

ولفت المركز إلى أنه على الرغم من الانقلاب الذي قاده عبد الفتاح السيسي في مصر، والذي أحبط التحولات التي جاءت بها ثورة 25 يناير، إلا أن الرغبة في التغيير لا تزال قوية.

وتابع أن نظام السيسي عاجز عن قمع النقد الواسع ضد تمرير التعديلات الدستورية، التي تضمن إطالة حكم الرئيس.

وأشار إلى أن تفجر الهبات الشعبية في كل من الجزائر والسودان يقود إلى استنتاج واحد مفاده بأن الأوضاع في المنطقة مرشحة للانفجار.

وبحسب المركز، فإن لدى العسكر وداعميهم رغبة كبيرة في إفشال أي مسار يقود إلى سيادة الإرادة الشعبية في العالم العربي، مشددا على أن الدعم الذي يحظى به الجنرال المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا من بعض الدول الخليجية ونظام السيسي يدلل على طابع الصراع القائم في العالم العربي.

وأشار إلى أن أزمة نقص الوقود في سورية وما كشفت عنه من مظاهر فساد، دفعت إلى حركة احتجاج واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي حتى في مناطق تقع تحت السيطرة الكاملة لنظام عائلة بشار الأسد.

وخلص المركز إلى استنتاج مفاده بأن مصير المواجهة بين قوى التغيير في العالم العربي، والنظم القديمة والعسكر المدعومين من السعودية والإمارات يتوقف على قدرة الطرفين على الصمود، مشيرا إلى أن المتظاهرين في العالم العربي باتوا يعون أن الرهان على العسكر يمثل وصفة للهزيمة