العدسة – معتز أشرف

بعد مادلين أولبرايت، وهيلاري كلينتون، ظهرت “بلياتشو ترامب” بحسب وصف البعض، أو “عين ترامب” بحسب البعض الآخر، لكنها وصفت عن نفسها بالشرطية في الأمم المتحدة، إنها السفيرة الأمريكية المتصهينة نيكي هيلي التي أثارت غضب الجميع في الفترات السابقة، ما عدا دولة الاحتلال الصهيوني، لكن كان الجمعة يومًا فاصلًا في التصعيد الفلسطيني ضدها تحت سقف الأمم المتحدة، نرصد أبعاد الغضب الفلسطيني، وسبب دعمها للاحتلال الصهيوني الذي كشفته دموعها!

غضب فلسطيني

مراقب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور، لم يتحمل كم الاستفزاز المتصهين والأكاذيب المستمرة من المندوبة الأمريكية الدائمة لدى المنظمة الدولية السفيرة نيكي هيلي، ووصفها بـ”السفيرة الكذابة”، وقال في تصريحات للصحفيين بمقر الأمم المتحدة في نيويورك مساء الجمعة: إن البيان الذي ألقته السفيرة هيلي، الخميس، في قاعة مجلس الأمن الدولي “جاء منافيًا للذوق، وفاقدًا للمصداقية، وخلق موجة ازدراء هائلة بين الفلسطينيين”.

وأضاف منصور، أن “نيكي هيلي، لم تشر ولو بكلمة واحدة للمعاناة والقتل الذي يُلاقيه الأطفال وأبناء الشعب الفلسطيني على يد قوات الاحتلال، وإذا كانت صادقة في كلماتها بأنّ حماس تستخدم الأطفال كدروع بشرية، عليها أن توافق على تشكيل لجنة تقصّي حقائق لكي نعرف من هو المجرم ومن هو الضحية”، فيما تابع بغضب أقواله: “إننا نفكر حاليًا في الوضع الملائم الذي يتيح لمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، زيد بن رعد الحسين، ورئيس معهد بيتسالم الإسرائيلي، الذي طالب مجلس الأمن بوقف قتل الفلسطينيين علي يد جيش إسرائيل، ومقرري الأمم المتحدة المستقلين، لكي يجتمعوا جميعًا بهدف وقف المذبحة الإسرائيلية المتواصلة ضد أبناء شعبنا في غزة والأراضي المحتلة”.

والخميس، جددت هيلي، في إفادة لها أمام جلسة لمجلس الأمن، ادعاءات بلادها بأن حركة “حماس” الفلسطينية “تستخدم المدنيين دروعًا بشرية”، وتجاهلت المندوبة الأمريكية في إفادتها، أي إشارة إلى الانتهاكات الإسرائيلية بحق المتظاهرين الفلسطينيين في غزة، رغم أنه ومنذ 30 مارس الماضي قتلت إسرائيل في قطاع غزة 45 فلسطينيًا وأصابت ما يزيد عن خمسة آلاف، بينهم أكثر من 230 طفلًا، خلال مشاركتهم في مسيرات سلمية قرب حدود القطاع تطالب بعودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم التي هُجِّروا منها قسرًا عام 1948 فيما ارتقى ثلاثة فلسطينيين وأصيب 1037 آخرون، الجمعة، جراء استهداف الجيش الإسرائيلي لمتظاهرين في مسيرات “العودة” السلمية قرب حدود قطاع غزة الشرقية، وخلال مواجهات بين شبان وقوات إسرائيلية بمناطق متفرقة من الضفة الغربية.

شهادات أممية

انفعال رياض منصور ضد السفيرة الأمريكية، يأتي متوازيًا مع انفعالات متعددة وبيانات ساخنة من المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة زيد بن رعد الحسين وزملائه في الأمم المتحدة؛ حيث أصدر الجمعة بيانًا شديد اللهجة طالب فيه الاحتلال الإسرائيلي بأن يضع حدًا لاستخدام قواته الأمنية للقوة المفرطة في قطاع غزة، وأن يحاسب المسؤولين عن سقوط العدد الكبير من الشهداء والمصابين الفلسطينيين خلال الشهر الأخير، وقال الأمير زيد في بيان إنه خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة استشهد 42 فلسطينيًا، وأصيب أكثر من 5500 على طول السياج الحدودي في غزة في الوقت الذي لم ترد فيه تقارير عن سقوط قتلى أو مصابين من الجانب الإسرائيلي، وأضاف زيد «فقد الأرواح أمر يستحق الشجب وعدد الإصابات الصادم جراء الذخيرة الحية يؤكّد الانطباع باستخدام القوة المفرطة مع هؤلاء المتظاهرين.. ليس مرة أو اثنتين بل مرارًا وتكرارًا».

كما أدن خبراء حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة في وقت سابق استمرار استخدام الأسلحة النارية، بما في ذلك الذخيرة الحية، من جانب قوات الأمن الإسرائيلية ضد المتظاهرين والمراقبين الفلسطينيين وجددوا نداءهم إلى المجتمع الدولي، من خلال الأمم المتحدة، لإنشاء لجنة مستقلة للتحقيق، وإنهاء فوري للحصار الشامل الذي دام 11 عامًا على غزة، وقالوا في بيان في 19 أبريل الجاري: “نعبر عن غضبنا إزاء عمليات إطلاق النار هذه التي ربما تكون قد أسفرت عن عمليات قتل غير قانونية والعدد الكبير من الإصابات التي لا يمكن استيعابها.”

صهيونية أكثر

نيكي هيلي، بحسب المعلومات المتواترة، هي ابنةٌ لأٓبويْن مهاجريْن هنديين من السيخ واسمها الحقيقي نيمراتا، وكانت من أشد المنتقدين لسلوك ترامب خلال حملته الانتخابية، لكنه بعدما عيّنها سفيرة للولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة في 23 نوفمبر 2016، تحسنت العلاقة بينهما حتى قيل فيها بعض الأقاويل!.

ظهرت صهيونيتها بارزة في مجلس الأمن عند قرار ترامب الأهوج حول القدس؛ حيث اعتبرت أنّ التصويت لصالح القدس من قبل 14 دولة هو “إهانة لن تنساها الولايات المتحدة، وهددت بعجرفة الدول 193 الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة في حال التصويت ضد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، واستفزّت مشاعر العرب والمسلمين عندما علقت على القرار بقولها المسيء للدين الاسلامي وفق البعض: “إن السماء لم تسقط بعد قرارنا إذن نحن سنمضي”.

وصفها كاتب الاحتلال الإسرائيلي اليساري المعارض جدعون ليفي في مقالة له في شهر أبريل بصحيفة “هآرتس” العبرية بأنها “سفيرة إسرائيل في الأمم المتحدة”، وأنها إسرائيلية أكثر من اليمين المتشدد في إسرائيل، وأنها أداة لـ”دعاية الكذب”، فيما وصْف الكاتب الإسرائيلي لها صدقته الأحداث على الأرض؛ فقد قادت هيلي حملة الأمم المتحدة فبراير الماضي لرفض تعيين رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض مبعوثًا للأمم المتحدة إلى ليبيا، وقالت صراحة: إن سبب الرفض أنه “فلسطيني”، كما تسببت في دفع رئيسة اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) التابعة للأمم المتحدة للاستقالة بعد أن أصدرت اللجنة تقريرًا في مارس الماضي وصف الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بأنها تمييز عنصري “أبارتهايد”.

وفي أواخر العام الماضي زارت هيلي مناطق الاحتلال الإسرائيلي وسط ترحاب صهيوني فاضح، وبصلف شديد وفي كلمة أمام مؤتمر اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للعلاقات العامة (إيباك)، قالت هايلي: إن ”أيام توجيه التهم والإدانة لإسرائيل قد انتهت.على كل من يقول إنك لا تستطيع تحقيق شيء في الأمم المتحدة، فإنهم بحاجة إلى معرفة أنّ هناك شرطيًا جديدًا في المدينة، أنا أنتعل حذاء بكعب عالٍ، ليس من أجل الموضة، ولكن لركل أي شخص يرتكب خطأ في المرة القادمة”، وهو ما أسماه مراقبون بدبلوماسية الحذاء.

وقبل تعيينها سفيرة لدى مجلس الأمن، كانت هيلي قد وقعت على تشريع حكومي لإجهاض حملة مناصرة للفلسطينيين ضد الاستثمار في إسرائيل، تعرف باسم ” مقاطعة وفضح وعقاب”، الأمر الذي جعل إسرائيل أول من ترحِّب بترشيحها لهذا المنصب، وسبق أن دعت هيلي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، للتدخل وعرقلة تصويت مقترح على وضع مدينة الخليل المحتلة، يقول إنها في خطر بسبب الممارسات الإسرائيلية والتهويدية.

وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية شنّت هجومًا حادا ضدها في نفس الإطار متهمة إياها باتخاذ مواقف داعمة للاحتلال الإسرائيلى ومدافعة عن جرائمه وانتهاكاته، ومعادية بشكل سافر للشعب الفلسطينى وقضيته وحقوقه، موضحة في بيان مطلع أبريل الجاري: “في ذات الوقت تحرص هيلى على تسويق انحيازها الأعمى لإسرائيل وجرائمها، عبر جملة من المواقف الكاذبة والتضليلية، فى مقدمتها محاولاتها تحميل الطرف الفلسطينى المسؤولية عن عدم استئناف المفاوضات، عبر لجوئها إلى كيل الاتهامات للرئيس محمود عباس والتحريض عليه”، كما اتهمتها حنان عشراوي عضوة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بشنّ حملة “ترهيب” ضد الشعب الفلسطيني بشكل فردي وجماعي.

دموع السفيرة الأمريكية نيكي هالي في أحد الأماكن الأكثر أهمية في القدس، كشفتها وانحيازاتها بوضوح، وهو ما وثّقته السفارة الأمريكية في إسرائيل عبر مقطع فيديو أثناء زيارتها لمتحف ما يسمى “الهولوكوست” الإسرائيلي “ياد فاشيم” في القدس، وقالت تقارير إعلامية عديدة: “بدت هالي في الفيديو متأثرة خلال الجولة، حتى إنها تذرف الدموع عدّة مرات خلال الزيارة التي أثرت فيها بشدة”.