مع استمرار الموجة الثانية من التظاهرات في السودان، رفضا لتعيين وزير الدفاع السوداني الفريق “عوض بن عوف” رئيس المجلس العسكري للفترة الانتقالية، بعد الإطاحة بـ”عمر البشير”

 

استقال “بن عوف” أمس بعد يوم واحد فقط له في المنصب، مع مطالبة المحتجين بتغيير سياسي أسرع، وتشكيل حكومة مدنية.

 

وبعد ساعات من سعي المجلس العسكري لتهدئة الغضب الشعبي بتعهده بأن تكون الحكومة الجديدة مدنية، قال “بن عوف” في خطاب بثه التلفزيون الرسمي أمس “إن الفريق أول “عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن” سيتولى رئاسة المجلس العسكري الانتقالي، وأعفاء “الماحي” من منصبه كنائب لرئيس المجلس العسكري.

 

وأضاف “بن عوف” حرصا على تماسك المنظومة الأمنية والقوات المسلحة بصفة خاصة، من الشروخ والفتن، وتوكلا على الله لنبدأ مسيرة التغيير هذه، قد تعين على اجتياز المراحل الصعبة.

 

تلقى الشارع السوداني خبر استقالة “بن عوف” ونائبه، بالاحتفلات، مرددين “سقط التاني” قاصدين “بن عوف” بعد أن سقط الأول “البشير”.

 

وعلق “الرشيد سعيد” المتحدث باسم تجمع المهنيين “ما حدث هو خطوة في الطريق الصحيح وهو رضوخ لرغبة الجماهير وقد اقتربنا من النصر”.

 

وأكد على تمسكهم بالمطالب التي قدمنها التجمع المهنى للجيش، ودعا الجماهير للبقاء في الشوارع لحين تحقيق كل المطالب.

 

وقال المجلس العسكري في وقت سابق إنه يتوقع أن تستمر الفترة الانتقالية عامين كحد أقصى لكنها قد تنتهي خلال فترة أقل بكثير إذا تمت إدارة الأمر دون فوضى.

 

وفي نفس السياق، أكد الفريق “عمر زين العابدين” رئيس اللجنة السياسية المكلفة من المجلس العسكري بأن المجلس سيعقد حوارا مع الكيانات السياسية.

 

وقال “إن الجيش غير طامع بالسلطة، وإن ما تم ليس انقلابا بل استجابة لمطالب الشعب”.

وصرح “زين” بأن وزير الدفاع “بن عوف” ومدير المخابرات “صلاح قوش” وقادة المنظمة الأمنية والدفاعية هم قادة التغيير الذي حدث، وأنهم تواصلوا مع القوى السياسية سابقا وكانت الآفاق مسدودة لأن المراد كان التغيير فقط.

 

ووعد أن تكون الحكومة الجديدة مدنية تماما، وألا يتدخل المجلس في عمل الحكومة، لكنه أوضح أن المجلس سيحتفظ بوزارتي الدفاع والداخلية.

 

وقال “إن تحديد مدة عامين للفترة الانتقالية حد أقصى، وإنه يمكن تقصيرها”.

 

وأوضح أنه إذا سمحت الظروف الأمنية وتم التوصل إلى اتفاق مع القوى السياسية فإنه يمكن أن تختصر هذه المدة حتى إلى شهر واحد.

 

وأكد” زين” أن المجلس العسكري لا يملك  حلولا للأزمة، والحلول تأتي من المحتجين. مضيفا أن المجلس مع مطالب المتظاهرين.

 

وأوضح أن المجلس سيدير حوارا مع الكيانات السياسية لتهيئة مناخ الحوار، وأن حزب المؤتمر الوطني وهو الحزب الحاكم غير مدعو للحوار.

 

باعتبار أنه المسؤول عما حدث، لكنه أكد أن المجلس لن يقصي أحدا، والمؤتمر الوطني مرحب به باسمه أو بأي اسم آخر.

 

وفي سياق متصل، طالبت قوات الدعم السريع من المجلس العسكري الانتقالي في السودان بضرورة إجراء حوار مع القوى السياسية كافة في البلاد.

 

وطالبت في بيان إلي “وضع خطة واضحة للفترة الانتقالية التي يجب أن تكون لمدة ستة أشهر كحد أقصى”.

 

كما اقترحت أن تكون الحكومة الانتقالية مكونة من مدنيين وعسكريين متفق عليها من قبل تجمع المهنيين والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني

 

ويبدوا أن إعلان المجلس العسكري عن تشكيل حكومة مدنية مستقبلية -الذي لم يدخل في إطار التنفيذ- ما هو إلا وسيلة لتهدئة المتظاهرين الذين نزلوا إلى الشوارع لرفض حكم الجيش بعد الإطاحة بـ”البشير”.

 

وفي تحد واضح للمجلس العسكري، ظل بضعة آلاف من المحتجين أمام مجمع وزارة الدفاع وفي أجزاء أخرى من العاصمة مع بدء ساعات حظر التجول أثناء الليل الذي فرضه المجلس العسكري.

 

من هو عبدالفتاح برهان؟

تردد اسم المفتش العام للقوات المسلحة السودانية “عبد الفتاح برهان”، خلال الأيام الماضية، قبل أن يخرج “بن عوف”، ليعلن تنازله عن منصبه، واختيار “البرهان” خلفا له.

كان قائدا للقوات البرية، لمع نجمه مع القرارات التي أصدرها “البشير”، بإجراء تعديلات في قيادة الجيش عقب تصاعد الاحتجاجات الشعبية في فبراير/ شباط الماضي.

 

وعين “برهان”  البالغ من العمر 60 عاما، مفتشا عاما للقوات المسلحة، بعد ترقيته من رتبه فريق إلى فريق أول.

 

وظهر “برهان” في ميدان الاعتصام أمام مقر القوات المسلحة، وانتشرت صورته على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يتحدث إلى رئيس حزب المؤتمر السوداني السابق “إبراهيم الشيخ” الذي كان يهتف مع المعتصمين بسقوط النظام.

 

ويذكر أن “برهان” ليس له ارتباط بأي تنظيم سياسي، ما يعزز من فرص نجاحه في الوقت الراهن.

 

كما أن سيرة الرجل العسكرية، تشير إلى أنه أشرف على القوات السودانية في اليمن، وقضي الفترة الأخيرة متنقلا بين اليمن والإمارات.

 

ويقول أحد ضباط الجيش حسب وكالة  الأناضول، “إن برهان رجل صارم في التزامه عسكري، وخاض عمليات كثيرة، حين كان ضابطا في سلاح المشاة”.

 

ويضيف: “من الصعوبة بمكان أن نقول هو رجل المرحلة، لأنها مرحلة حرجة في تاريخ البلاد، وتحتاج إلى شخصية ذات قدرات خاصة، فميزات الرجل العسكرية ليست كافية لقيادة البلاد”.

 

وأكد أنه قد يجد قبولا من القوى السياسة المختلفة، بوصفه رجلا معتدلا، كما أشار إلى أن “برهان” لا ينتمي للتيار الإسلامي.

 

ترجع أصول “برهان” لمنطقة قندتو غرب مدينة شندي بالولاية الشمالية، وتخرج من الكلية الحربية الدفعة الـ 31، وخاض معارك عسكرية أيام حرب الجنوب، قبيل انفصال جنوب السودان عن الأم السودان في 2011.

 

وعلى الطرف الآخر، قال تجمع المهنيين السودانيين “إنه يرفض وعود المجلس العسكري الانتقالي بأن الحكومة الجديدة ستكون مدنية وبأنه سيسلم السلطة إلى رئيس منتخب خلال عامين”.

 

وجاء في بيان للتجمع، قالا فيه “إن مطالبنا واضحة وعادلة ومشروعة، إلا أن الانقلابيين بطبيعتهم القديمة والجديدة ليسوا أهلا لصنع التغيير، ولا يراعون في سبيل البقاء في السلطة سلامة البلاد واستقرارها، ناهيك عن تحقيق المطالب السلمية المتمثلة في تسليم السلطة فورا لحكومة مدنية انتقالية كأحد الشروط الواجبة النفاذ”.

 

ويذكر أن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، طالب السلطات  السودانية إلى التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لتنفيذ مذكرة الاعتقال الصادرة بحق “البشير”.

رفض المجلس العسكري الانتقالي الطلب، مؤكدا أنه لن يسلم “البشير”.

 

وقال الفريق “زين العابدين” “لن نسلم البشير للخارج ،نحاكمه وفق قيمنا، لكن لا نسلمه”، مؤكدا أن “البشير” متحفظ عليه الآن لكنه لم يذكر أي تفاصيل.

 

يواجه البشير اتهامات من الجنائية الدولية في “لاهاي”لارتكاب جرائم إبادة جماعية في إقليم دارفور.

وذلك أثناء تمرد بدأ في عام 2003 وأودى بحياة ما يقدر بنحو 300 ألف شخص.

 

يأتي هذا بعدما أعلنت قيادة الجيش الإطاحة بـ”البشير” واعتقاله والتحفظ عليه في مكان آمن وتعطيل الدستور، وتشكيل مجلس عسكري يتولى إدارة شؤون الحكم لفترة انتقالية مدتها عامان.

 

يذكر أن وزير الدفاع “بن عوف”  واحد من بضعة قادة سودانيين تفرض واشنطن عقوبات عليهم بتهمة الضلوع في جرائم ارتكبت خلال صراع دارفور.

 

بدأت المظاهرات في السودان منذ ديسمبر/ كانون الأول، تفجرت بسبب رفع الحكومية لأسعار الخبز والوقود وتدهور الوضع الاقتصادي، وتطورت طلبات المحتجين بعد تعامل البشير بعنف أمنى معهم، للإطاحة به.

 

تصاعدت الأزمة الأخيرة في مطلع هذا الأسبوع، بعدما بدأ آلاف المحتجين الاعتصام أمام مجمع وزارة الدفاع حيث مقر إقامة البشير.