استمر المتظاهرون السودانيون في اعتصامهم أمام مقر الجيش بالعاصمة الخرطوم، وتدفق الآلاف في الساعات الأولى من فجر اليوم الاثنين نحو الاعتصام، للانضمام إلى المعتصمين، بعد انتشار تسريبات عن نية الحكومة بفض اعتصام المتظاهرين بالقوة.
وعبر المتظاهرون الجسور التي تفصل العاصمة عن مدن بحري وأم درمان للانضمام إلى المعتصمين ومساندتهم، ورددوا الهتافات المطالبة بإسقاط النظام.
وأكد المتظاهرون أن اعتصامهم مستمر إلى أن يسقط ” عمرالبشير”، متمسكين بسلمية حراكهم.
وشهاد عيان أن الجيش السوداني اشتبك مع قوة من الأمن حاولت فض اعتصام المتظاهرين من أمام مقر قيادة الجيش.
ووقعت إصابات بالرصاص الحي وسط المتظاهرين دون تحديد أرقام، وقال شهود عيان “إن الجيش تصدى لقوة كبيرة من الأمن هاجمت مقر الاعتصام وأطلقت القنابل الصوتية والرصاص الحي والغاز المسيل للدموع على المتظاهرين”.
وأكد الشهود أن قوات أمن على شاحنات صغيرة قامت بإطلاق الغاز المسيل للدموع بكثافة على المتظاهريين بالاعتصام.
وصرح مجلس الدفاع والأمن الوطني في السودان إن المحتجين يمثلون شريحة من المجتمع يجب الاستماع إليها، وجاء ذلك عقب اجتماع للمجلس برئاسة “البشير”.
بيان الجيش
وكشف مجلس الدفاع عن اتخاذ حزمة من التدابير لتعزيز السلام والاستقرار في البلاد ، مؤكدا أهمية جمع الصف الوطني وتحقيق السلام فضلا للاحتكام لصوت العقل لتجنيب البلاد الانزلاق نحو الفتن.
وعقد مجلس الدفاع والأمن اجتماعا طارئا أمس برئاسة “البشير” بمقر بيت الضيافة حيث يعتصم المحتجون.
وقالت مصادر من الجيش السوداني، إن الاجتماع يعد امتدادا لاجتماع عقده البشير أول أمس السبت مع نفس الأطراف .
وفي سياق متصل، شدد البيان على أن المحتجين يمثلون شريحة من شرائح المجتمع التي يجب الاستماع إلى رؤيتها ومطالبها. ولفت إلى حرص الحكومة على الاستمرار في الحوار مع كافة الفئات بما يحقق التراضي الوطني.
ويفسر البعض بيان مجلس الدفاع الوطني، أنه يمثل تراجعا فعليا في موقف النظام فرضه الضغط الشعبي المتواصل، وأنه محاولة لاحتواء الحراك وامتصاص غضب الشارع.
ويتوقع أنه وسط استمرار تدفق المتظاهرين للاعتصام أمام مقر الجيش، يضطر “البشير” البحث عن طريق لخروج آمن من السلطة، وهو الملاحق من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور (غرب ).
ويتعرض البشير لانتقادات تتعلق بانتهاكات لحقوق الإنسان، تتهمه المحكمة الجنائية الدولية فى 2009 و 2010 بـارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وقالت مصادر”إن البشير بات أقرب لتنفيذ الخطة باء المتعلقة بتسليم السلطة إلى الجيش السوداني، بعد الاتفاق على ضمانات محددة تتصل بالوضع في البلاد وأخرى تتصل بملف الجنائية الدولية”، حسب جريدة العرب اللندنية.
ويتواصل تدفق المئات من السودانيين إلى مقر القيادة العامة للجيش السوداني في الخرطوم للإنضمام لعشرات الآلاف من المعتصمين مع استمرار المحاولات الشرطية والأمنية لتفريق المعتصمين بالغاز المسيل للدموع وبإطلاق الرصاص الحي.
وقال شهود عيان “إن الجيش فتح مقر هيئة الأركان المشتركة أمام المتظاهرين بمنطقة القيادة العامة لحمايتهم من الشرطة والأمن”.
وكانت لجنة الأطباء المركزية غير الحكومية، أعلنت عن مقتل أربعة متظاهرين بالرصاص الحي، على أيدي القوات النظامية السودانية.
وكثف تجمع المهنيين السودانيين الدعوات للسكان في الخرطوم، للتدفق أمام مقر القيادة العامة في قلب العاصمة للحد من تفريق التظاهرات.
انطلاقت المظاهرات السودانية في ديسمبر/ كانون الأول الماضى، وطالب المتظاهرون بتنحي الرئيس السوداني، وبالحرية والعدالة.
كما طالبوا الجيش بدعمهم وبالانحياز لمطالبهم، وسحب ثقته من “البشير” ونظامه، والقيام بمهامه الدستورية في حماية البلاد وشعبها.
ويذكر أن هذه المظاهرات جاءت تزامنا مع ذكرى انقلاب أطاح بحكم الرئيس السابق “جعفر نميري” فى6 إبريل/نيسان عام 1985 بعد احتجاجات حاشدة على حكمه.
تعامل البشير مع مظاهرات السودانيين التى بدأت من أربعة شهور، وكأن البشير على وشك الاستجابة لمطالب المتظاهرين، إلا أنه أعلن حالة الطوارئ.
وزاد بطش قوات الأمن، واستخدمت قنابل الغاز في الشوارع بشكل عشوائي، واستخدامت العنف بشكل متكرر، وممارسة الاعتقالات من صفوف المتظاهريين.
وتتهم السلطات السودانية بإلقاء القبض على نشطاء بارزين واستهداف مسعفين.
وتقول السلطات إن 31 شخصا قتلوا خلال العنف المرتبط بالتظاهرات، إلا أن منظمة “هيومن رايتس ووتش” تشير إلى أن حصيلة القتلى تصل إلى 51 شخصا.
ويقول حقوقيون إن لديهم أدلة على وقوع جرائم قتل وملاحقة قضائية وعمليات تعذيب بحق المتظاهرين السلميين والمسعفين الذين كانوا يتولون علاجهم.
ويذكر أن التظاهرات انطلقت في البداية احتجاجا على ارتفاع تكاليف المعيشة، ولم يكن لها مطالب باسقاط “البشير”، إلا أن سقف المطالب ارتفع وانتقد المتظاهرون حكم “البشير” الموجود في السلطة منذ نحو 30 عاما.
والجدير بالذكر، أن الاقتصاد السوداني يعانى منذ فرض العقوبات الأمريكية عليه قبل أكثر من 20 عاما إثر اتهامات للخرطوم بتمويل جماعات إرهابية.
ورفعت الحكومة السودانية أسعار الوقود والخبز في 19 ديسمبر/كانون الأول 2018. وجاء ذلك بعد ارتفاع معدلات التضخم، وتراجع قيمة الجنيه السوداني بنسبة كبيرة.
ودعت السفارة السعودية في السودان رعايها المقيمين بالسودان، بالحيطة والحذر نظرا للوضع الحرج الذي تعيشه البلاد.
وقالت السفارة في تغريدة لها على “تويتر”: ” تأمل السفارة من جميع السعوديين الزائرين والمقيمين بجمهورية السودان أخذ الحيطة والحذر والبعد عن مواقع المظاهرات مع الحرص على حمل إثبات الهوية لإبرازها إذا دعت الحاجة لذلك”.
https://twitter.com/KSAembassySD/status/1114746212299812864
اضف تعليقا