العدسة – باسم الشجاعي

في قرار مفاجئ، أصدر الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسى”، “الخميس” 18 يناير، قرارًا جمهوريًاـ بتكليف مدير مكتبه، اللواء “عباس كامل”، بتسيير أعمال جهاز المخابرات العامة لحين تعيين رئيس جديد للجهاز.

ويأتي ذلك بعد أيام، من أجراء “السيسي”، عملية تغييرات واسعة في جهاز المخابرات العامة، شملت إقالة رئيس الجهاز “خالد فوزي”، وعدد آخر من قيادات وضباط، دون الكشف عن الأسباب.

البعض ربط بين قرار الإقال والتسريبات الأخيرة التي نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، وبثتها قناة “مكملين” الفضائية، وتظهر أحد ضباط جهاز المخابرات الحربية خلال إعطائه تعليمات لإعلاميين بالتحريض ضد قطر والكويت، وإقناع الرأي العام المصري بالتنازل عن القدس.

لكن من الواضح أن الأمر مختلف، خاصة وأن “عباس كامل”، يرتبط اسمه بأول تسريبات خرجت في عهد “السيسي” في 2014.

فبعض التقديرات تشير إلى أن الرئيس المصري، يريد إحكام سيطرته على الوضع في مصر خلال الفترة المقلبلة، لضمان فوزه في الانتخابات الرئاسية المزمعة في مارس المقبل، وخاصة مع إمكانية خوض رئيس أركان الجيش المصري “سابقا”، “سامي عنان”، غمار المنافسة، مما يشكل تهديدا حقيقيا له، بعد انسحاب الفريق “أحمد شفيق”.

ودأب “السيسي”، منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013، الذي أطاح بالرئيس “الأسبق، “محمد مرسي”، على إجراء تعديلات واسعة في أجهز الإستخبارات من حين لآخر.

ففي آخر 3 سنوات، أقال “السيسي” 119 مسؤولا من جهاز المخابرات العامة، بينهم قيادات رفيعة، كان آخرها، في ديسمبر 2014؛ حيث أقال رئيس المخابرات العامة اللواء “محمد فريد التهامي” إلى التقاعد بعد أكثر من عام على توليه منصبه، وعين بدلا منه “خالد فوزي”، الذي ظل في المنصب نحو 3 سنوات فقط.

من هو “عباس كامل”

لم يكن أحد يهتم باللواء “عباس كامل”،  الذي كان ظلًا لـ”السيسي” يتبعه أينما تحرك، ويجلس إلى جواره على كافة طاولات المشاورات واللقاءات الرسمية في مصر والعواصم العالمية.

إلا أن اسمه تردد بقوة، للمرة الأولى في 2014، عندما تم تسريب التسجيل الصوتي لحوار رئيس تحرير صحيفة “المصري اليوم” (الخاصة)، الكاتب “ياسر رزق”، مع “عبد الفتاح السيسي”، الذي كان حينها وزيراً للدفاع.

إذ وجّه “رزق” سؤالاً لـ”السيسي” بشأن عدد ضحايا فض اعتصام ميدان رابعة العدوية، الذي كان أقامه مؤيدو الرئيس الأسبق “محمد مرسي”، بعد انقلاب 3 يوليو 2013، فقال له الرئيس المصري الحالي: “اسألوا عباس”.

في البداية كان “عباس كامل”، مجرد مدير مكتب “السيسي”، حينما مديرًا لجهاز المخابرات الحربية، ولم يترك الأخير رجله الأقرب حين تم تعيينه وزيراً للدفاع، فاصطحبه معه.

ومع استعداد “عبد الفتاح السيسي” للانتقال إلى قصر الاتحادية، لتولي مهام رئيس الجمهورية بعد انتخابات 2014، كان أول قراراته الجديدة، إعادة تشكيل مؤسسة الرئاسة، والتي كانت أبرز خطواتها تولي “عباس كامل” منصب مدير مكتب الرئيس، والذي لا تمر ورقة أو قرار إلا من تحت يديه.

وبرز اسم “كامل” أيضا في بعض الملفات التي أدارها النظام المصري بعد الانقلاب، وخاصة فيما يعرف إعلاميا بـ “قضية التخابر مع قطر”، المتهم فيها الرئيس الأسبق “محمد مرسي” وآخرون.

كما أن السلطات الإيطالية طلبت رسميا من مصر تسليم “كامل” للأمن روما، لتورطه في قضية مقتل الطالب الإيطالي “جوليو ريجيني”، وهو التورط الذي كشفت عنه الصحيفة الإيطالية “لاريبوبليكا” في تقرير سابق لها.

ورغم قلة المعلومات عن الرجل، لكونه كان يعمل في جهاز المخابرات الحربية ثم مدير مكتب “السيسي”، منذ أن كان رئيس الجهاز قبل أن يكون وزير دفاع ثم رئيس مصر، فإن التسريبات أظهرت دوره المحوري في إدارة كل تفاصيل الدولة بعد الانقلاب العسكري على الرئيس الأسبق “محمد مرسي”، في الثالث من يوليو 2013.

لماذا “كامل”؟

تكليف “السيسي” بتولي جهاز المخابرات العامة المصرية، له العديد من الدلالات السياسية، على رأسها أن الرئيس المصري، يريد أن يأتي برجل “ثقة” خاصة في الفترة المقبلة، مع اقتراب انتخابات الرئاسة المزمعة في مارس المقبل، وخاصة بعد تردد أنباء عن دعم بعض الجهات السيادية للفريق “سامي عنان”، رئيس أركان الجيش المصري “سابقا”، بعد تراجع الفريق “أحمد شفيق”، عن خوض الانتخابات أمام “السيسي” بعد مساوته والضغط عليه.

ومن الطبيعي أن لا يثق “السيسي”، سوى في “عباس كامل” الذي يرافقه دائما؛ حيث يعرف عن الأخير أنه الرجل الأقوى داخل مؤسسة الرئاسة، وأن أحداً لا يستطيع الحديث مع “السيسي” ومناقشته في أي أمر سوى ظله “عباس كامل”.

كما أن “عباس كامل”، خلال فترة الانتخابات الرئاسية في 2014، يمسك بزمام كافة التحركات في هذه المهمة، بدأ من حملات السوشال ميديا، والتنسيق مع رجال الأعمال لحشد البسطاء، والتنسيق مع الإعلاميين، في حين كانت كافة الشخصيات الأخرى في حملة السيسي مجرد مناصب على ورق فقط”.

كما أن “السيسي”، يريد إعادة النظر في الخريطة الإعلامية ووسائل الإعلام التي يمتلكها الجهاز وتحديد مدى الاستفادة من كل وسيلة على حدة، وخاصة مع قرب الانتخابات الرئاسية، وهذه المهمة تعتبر بسيطة لخبرة “عباس كامل” في هذا الملف، فقد سبق، وأن أذيع تسريب له، وهو يوجه دفة الإعلام المصري الخاص كما يحلو له.