“بكتة و20 جنيه وشريط ترامادول”… هكذا أثار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الجدل مجددًا عبر تصريحات صادمة خلال كلمته بجلسة المشروعات القومية والبنية التحتية ضمن فعاليات مؤتمر حكاية وطن “بين الرؤية والإنجاز”، والذي تعقده الحكومة المصرية في العاصمة الإدارية الجديدة وممتد لعدة أيام.

خلال تلك الجلسة قال السيسي أن بإمكانه تدمير مصر بدلًا من عمرانها وهذا سيكلفه مبلغ “بسيط” مقارنة بالمبالغ التي ينفقها على الإصلاحات ولا يرى الناس كم الجهود التي يبذلها من أجلهم وبدلًا من شكره والاعتراف بفضل ما يفعله، توجد أبواق كاذبة تحاول زعزعة ثقة الشعب به.

وأوضح السيسي أنه يمكن أن يستغل عدد من المواطنين الذين بحاجة إلى المال ويعطيهم مواد مخدرة ومبلغ مالي بسيط والدفع بهم في الشوارع لمدة 10 أسابيع في كافة أنحاء الجمهورية من أجل إشاعة الفوضى وإثارة البلبلة وزعزعة الأمن، مضيفًا أن هذا لن يكلفه سوى مليار جنيه مصري أي حوالي 30 مليون دولار أمريكي، وهو مبلغ يراه بسيطًا ينفقه البعض في حفلات خاصة.

وقال السيسي أنه تحدث إلى عدد من المسؤولين في مجلس القضاء الأعلى وقال لهم المصرية “تخيلوا أنا ممكن أهد مصر بـ2 مليار جنيه، وهم استغربوا جدًا، قلت لهم أدي باكتة (بانجو أو سجائر) و20 جنيه وشريط ترامادول لـ100 ألف إنسان ظروفه صعبة (يقصد حالته المادية غير مستقرة، أنزله يعمل حالة (يقصد اضطرابات) لمدة 10 أسابيع”.

ثم قال إنه وبسبب الظروف المعيشية الصعبة وغلاء الأسعار سيعطي كل مواطن من الـ100 ألف شخص مبلغ 1000 جنيه، لكنه وبعد حسبة بسيطة مع حضور المؤتمر اكتشف أنه سيضطر لإنفاق 7 مليار جنيه فغير رأيه وقال أنه سيعطي كل شخص 100 جنيه فقط، على ما يبدو فإنه مرتبط بميزانية محددة للتدمير لا يريد أن يتجاوزها.

ثم اختتم هذا التصريح قائلًا “أهد بلد فيها 100 مليون أو 105 مليون بمليار جنيه، يعني 30 مليون دولار، فيه ناس بتصرفهم في حفلة”.

تتزامن هذه التصريحات المثيرة للجدل مع موعد اقتراب الانتخابات الرئاسية المصرية، في وقت يشهد فيه الشارع المصري حالة نادرة من إقبال المواطنين على المشاركة في عمل التوكيلات لمساعدة المرشح المحتمل أحمد الطنطاوي للترشح ضد السيسي بسبب غضبهم من أدائه ومن الحالة الاقتصادية المتدهورة التي تعاني منها البلاد منذ وصوله للحكم، فضلًا عن حالة القمع المتزايدة التي تمارسها الأجهزة السيادية والأمنية ضد المواطنين.

تصريحات السيسي حملت رسالة ضمنية يحذر فيها الشعب من محاولة تغييره، خاصة وأنه في تصريحات أخرى في ذات المؤتمر طالب الشعب بتحمل الجوع والفقر من أجل مساعدة البلاد على الازدهار والتقدم، مشيرًا بشكل غير مباشر إلى أن محاولة تغييره سيكون لها عواقب سيئة وغير محمودة.

هذه التصريحات أشبه بشكل أو بآخر بتصريحات الرئيس الراحل محمد حسني مبارك في خطابه الأخير إبان ثورة يناير 2011 حين قالها صراحة للشعب “إما أنا أو الفوضى”، وبالفعل بعد هذا التصريحات بساعات قليلة أطلقت الجهات السيادية في مصر عشرات البلطجية على المعتصمين في ميدان التحرير، ثم استمرت هذه الاعتداءات في كل التظاهرات التي شهدها العام الذي حكم فيه المجلس العسكري البلاد.

ما قاله السيسي لا يشير إلى الخلل النفسي والفكري الذي يعاني منه فقط، بل يشير إلى عدم احترامه للشعب المصري، واعترافه صراحة أن فقراء هذا الوطن يمكن شرائهم بالمال والمخدرات لزعزعة الأمن والاستقرار، كما يؤكد لجوء نظامه لهذه الأساليب من أجل إشاعة الفوضى وإحكام السيطرة على البلاد، خاصة وأنه توجد اتهامات بالفعل لهذه السلطات بتوزيع مؤن وأطعمة ونقود على المواطنين الفقراء من أجل الاستعانة بهم في عمل توكيلات للسيسي أو التصويت له ولأي قرار واستفتاء في عهده، وكذلك الاستعانة بهم من أجل الاعتداء على المعارضين أو أي تجمع سلمي لا يرضى عنه النظام.

وتعاني مصر حاليًا من أزمة اقتصادية ضاعفت الأعباء المعيشية على المصريين في ظل موجة عالية من الغلاء اعترف بها الرئيس نفسه، تتزامن مع خسارة الجنيه المصري أكثر من نصف قيمته أمام الدولار خلال الـ18 شهرا الماضية، فضلًا عن نقص احتياطي البلاد من العملات الأجنبية.