العدسة – منصور عطية

ربما لم يعد هناك صوت في السعودية أعلى من صوت “قوة السيف الأجرب” تلك الكتيبة المرتبطة بولي العهد الأمير محمد بن سلمان وذاع صيتها للمرة الأولى في واقعة القبض على 11 أميرًا تجمهروا أمام قصر الحكم في الرياض، لأسباب اختلف في تفسيرها بين رواية رسمية وأخرى قص تفاصيلها نشطاء.

الغموض المحيط بظروف تشكيل تلك القوة وتسليحها وقوامها ومهامها التفصيلية وتبعيتها مباشرة بولي العهد وارتباطها الوثيق به شخصيًا، جعلت من الحديث عنها مادة ثرية، لكن بقليل من المعلومات المتوفرة بشأن كل ذلك.

أصل التسمية

صحيفة “سبق” الإلكترونية الأشهر في البلاد والقريبة من ولي العهد، ربما تكون الوحيدة التي نشرت معلومات موثوقة بشأن تلك الكتيبة، حيث قالت في تقرير لها إن “قوة السيف الأجرب”، تعد إحدى كتائب الحرس الملكي.

وتشير معلومات الصحيفة إلى أن تلك القوة ترتبط بشكل مباشر بولي العهد، وتم استحداثها فور تولي العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز لمقاليد الحكم في يناير 2015، ويزيد عدد أفرادها على 5 آلاف عسكري من مختلف الرتب.

قوة السيف الأجرب

ويحمل جميع عناصر القوة دورات عسكرية متقدمة، منها دورات الضفادع البشرية، الصاعقة، المظلات، مكافحة الشغب، قناصة ومتفجرات، بحسب “سبق”.

وتعود تسمية الحرس الملكي لإحدى كتائبه الخاصة بـ”كتيبة السيف الأجرب”، إلى اسم سيف مؤسِّس الدولة السعودية الثانية الإمام تركي بن عبدالله بن محمد آل سعود، الذي يلقب سيفه بـ”الأجرب” حيث قال فيه:

يوم إن كلٍ من خويه تبرّا

حطيت (الأجرب) لي عميلٍ مباري

نعم الرفيق إلى سطا ثم جرّا

يودع مناعير النشامى حباري

واكتسب هذا السيف سمعة هائلة منذ ذلك الحين في أنحاء الجزيرة العربية ويعد الأشهر في تاريخ السيوف العربية، وكان السيف قد أُهدي الى أمير البحرين حيث ذكر في كتاب “خليفة بن سلمان: رجل وقيام دولة” لـ”توفيق الحمد” ، أن الإمام سعود بن فيصل بن تركي بن عبدالله (ت 1291هـ) هو الذي أهدى السيف إلى الشيخ عيسى بن خليفة سنة 1286هـ.

ومثل ذلك جاء في مقالة للدكتور “علي أباحسين” نشرتها مجلة الوثيقة البحرينية في عددها الـ28 بعنوان “لمحات من الأحوال السياسية بالبحرين في عهد الشيخ “عيسى بن علي آل خليفة”، بينما يرى الدكتور “سعد الصويان” أن من أهداه إلى الشيخ عيسى هو “محمد بن فيصل بن تركي” المشهور بغزالان، بحسب الصحيفة.

وتناقل السيف، بعد ذلك، حاكم تلو آخر في البحرين، إلى أن وصل إلى الشيخ محمد بن سلمان آل خليفة عم ملك البحرين، وكان حريصاً عليه جداً، وتمّ وضع “الأجرب” في حجرة خاصة لم يُسمح لأحدٍ بأن يقترب منها، وكان يقوم عم ملك البحرين بتنظيفه شخصيًا، تكريماً له قبل أن يهديه ملك البحرين للعاهل السعودي الراحل “عبدالله” عام 2010، ثم انتقلت ملكيته إلى الملك سلمان بن عبدالعزيز.

“بلاك ووتر” النسخة السعودية!

وعلى غرار مرتزقة “بلاك ووتر” الشركة الأمنية الأمريكية سيئة السمعة، يبدو أن كتيبة ابن سلمان قد تشكلت ربما بهدف قمع أية احتجاجات داخلية سواء كانت شعبية أو من قبل الأمراء الناقمين على سياسات ولي العهد وقراراته.

وثارت الشكوك بشأن تلك العلاقة في أعقاب الكشف عن تلك القوة وبعض الصور النادرة التي نشرت لعناصرها، على نحو دفع للتساؤل عن إمكانية أن تضم تلك القوة عناصر أجنبية قد تكون من قوام بلاك ووتر.

ولطالما عُرفت تلك الشركة بعملياتها القذرة في جميع أنحاء العالم، خاصة البؤر التي تشهد صراعات مسلحة، وبدأت معرفة المنطقة لها في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 وما تلاها من الغزو الأمريكي لأفغانستان في العام نفسه، ثم العراق في 2003.

Image result for ‫مرتزقة بلاك ووتر‬‎

مرتزقة بلاك ووتر

 

وفي نوفمبر الماضي، قالت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، أن الأمراء السعوديين ورجال الأعمال المحتجزين، ضمن حملة مكافحة الفساد التي أطلقها ولي العهد السعودي، يتعرضون إلى عمليات تعذيب من قبل متعهدين أمريكيين.

وأضافت الصحيفة إن شركة “بلاك ووتر”، وهي أكاديمية عسكرية أمريكية خاصة، هي المسؤولة عن هذه التحقيقات، مشيرة إلى أن الرئيس اللبناني ميشال عون قد تحدث أيضا عن تواجدها في السعودية.

ونقلت عن مصادر أن اسم “بلاك ووتر” يجري تداوله على أنه يوفر المرتزقة، “غير أن شركة الأمن الخاصة المثيرة للجدل لم تعد موجودة تحت هذا الاسم وأصبح اسمها (أكاديمي)”.

وكان اسم شركة “بلاك ووتر” قد طرحه الرئيس اللبناني ميشال عون، عندما كتب على “تويتر” يقول إن رئيس الوزراء سعد الحريري محتجز في السعودية من قبل حراس “بلاك ووتر”، وذلك قبل أن يقوم بحذف التغريدة.

دلالات “ميليشيا ابن سلمان”

وبعيدًا عن طبيعة قوة السيف الأجرب وظروف تشكيلها وارتباطها بمرتزقة بلاك ووتر من عدمه، فإن ثمة دلالات غاية في الأهمية تبرز من تلك القضية.

المغرد السعودي الشهير “العهد الجديد” قال في تغريدة له إن “تسليط الضوء على كتيبة قوة السيف الأجرب والتأكيد على أنها تتألف من 5000 مقاتل ومرتبطة بشكل مباشر بابن سلمان دلالة واضحة على عدم ثقته بمؤسسات الدولة العسكرية والأمنية، وفيها أيضًا تهديد وتخويف وابتزاز صريح للأمراء ومن يفكر أن يقوم بأي حركة ضده”.

“مجتهد” كان له رأيه هو الآخر، حيث رأى أن الإعلان عن الكتيبة بهذه الكيفية “اعتراف بأن التجهيز والتدريب الراقي والإنفاق وحسن اختيار المقاتلين ليس للجيش ولا لأي قوات تحمي البلد بل للقوات التي تحمي ابن سلمان”.

إذن يبدو أننا أمام ميليشيا مسلحة استحدثها ابن سلمان لحمايت الشخصية، على نحو ربما يؤكد ما يتردد بشأن تصاعد حدة الغضب لدى أفراد العائلة المالكة من سياساته وقراراته المتعاقبة، منتظرين الأسوأ عندما يجلس على عرش المملكة بشكل رسمي.

في هذا السياق تبدو الرسالة الأوضح والأبرز لكل هؤلاء ومن ينوي منهم أن يحتج أو يعترض على ابن سلمان مفادها أنه “ماله إلا السيف الأجرب”.

وفي وسم (#ميليشيا_بن_سلمان) تبادل السعوديون النشر عن قوة السيف الأجرب وتوقعاتهم بشأن الغرض الساسي من تشكيلها، حيث قال أحدهم إن “محمد بن سلمان” وفي سلسلة مغامراته بالبلاد يشكل ميليشيا خاصة به قوامها آلاف وربما تحوي مرتزقة من جنسيات مختلفة، وفيها عدد كبير من (القناصة) وقد تخوض حروبًا أهلية..”.