العدسة – ياسين وجدي:

كثيرون يتحدثون عن نهايات مختلفة لولي العهد السعودي ، وكل يبكي على ليلاه وينظر من زاويته.

الموالاة تتحدث عن ملك لا مثيل له للعرش الذي يبدو أنه لن يبقى كثيرا ، والمعارضون يتوقعون نهاية درامية تراجيدية ، والمراقبون يتحدثون عن عوامل كثيرة تؤكد أن نهايته قد تكون بيده خاصة في ظل الجرائم التي تلاحقه دوليا والغضب المتصاعد في الأسرة المالكة.

“العدسة” يذهب إلى استشراف هذه النهاية ، والتي لازالت سيناريوهاتها الأربع بين العرش والانقلاب والقتل والمحاكمة تتصارع بقوة وفق ما هو مرصود .

“عرش” لن يدم

عرش المملكة ، هو مصير متوقع إلى حد ما ، يسعى له ولي العهد السعودي ، ويتوقعه له الموالاة والرئيس الأمريكي دونالد ترامب معا، ولكن قد لا يدوم كثيرا بحسب المراقبين والمحللين، هذا إن وصل إليه بسهولة !!

الكاتب الأمريكي مايكل وولف في كتابه الذي يحمل اسم “نار وغضب.. داخل بيت ترامب الأبيض”، كشف بوضوح عن أنه عندما تولى بن سلمان ولاية العهد كان ترامب يتبجح قائلا عن نفسه وعن صهره جاريد كوشنر: “وضعنا رجلنا في القمة” مضيفا أن ” ترامب” كان يقول لأصدقائه إنه هو وجاريد هندسا انقلابا سعوديا”.

لكن بحسب مركز كارينجي الأمريكي البارز فإن هناك عقبات في طريق محمد بن سلمان إلى العرش  مؤكدا في تقدير موقف حديث له أن ولي العهد، محمد بن سلمان، يحتاج إلى ضمانات بأن لا أحد سيقف في طريقه ليصبح ملكاً، وهو أمر محل شك، وتهدده العديد من المخاطر وفق تقرير في صحيفة لو فيجارو الفرنسية، فضلا عن تحدي الأسرة المالكة له.

مراقبون يرون أنه ربما قد نشاهد جميعاً النهايات المُفاجئة للسعودية على يد محمد بن سلمان الحفيد العجول والجموح بحسب وصفهم ، وهو ما ذهب إليه تحذير قوي للمخابرات الخارجية الألمانية من جنوح السياسة الخارجية السعودية مع فرض محمد بن سلمان، نفسه في هرم السلطة، قد يهدد المملكة تماما.

صحيفة الجارديان البريطانية توقعت ذلك المصير ، مؤكدة أنه رغم ما يحيط بولي العهد السعودي من هالة لصعود اسمه، فإن توقّعات فشله نتيجة قراراته التي اتخذها حتى الآن، داخلياً وخارجياً، مشددة على أن تهوّره في الحكم، يؤدي إلى تحويل أحلامه إلى مجرّد سراب.

الانقلاب متوقع

وتشير تقارير غربية إلى احتمالية الانقلاب ضد بن سلمان .

وتعول تقارير على بقاء  الحرس الوطني كمهدد لابن سلمان إذا استغلته المعارضة، ولاسيما في ظل إخلاصه الشديد لحاشية الملك السابق عبد الله”.

الأمير السعودي خالد بن فرحان دعا إلى الانقلاب فعلا ، ووجه نداء الانقلاب إلى الأمير أحمد بن عبد العزيز ، محذرا من أنه إذا استمر محمد بن سلمان في الحكم فإن حالة من الفوضى ستعم.

الأمير المنشق قال بوضوح : إن  99% من العائلة المالكة جاهزة للانقلاب على الحكم موضحا أن الوضع في المملكة العربية السعودية يشبه البركان الذي يوشك أن ينفجر، وإذا ما انفجر فإنه سيؤثر ليس فقط على الوضع داخل السعودية أو في المنطقة العربية فحسب ولكنه سيؤثر عليكم أيضاً”.

رحيل دموي

البعض يتوقع رحيلا دمويا للأمير الشاب الصاعد بصورة مقلقة ومزعجة للأسرة المالكة ، والتوقعات لم تأت من فراغ ، حيث باتت محاولات الاغتيال لا تتوقف.

ففي العام 2017 ، كشفت تقارير صحفية لبنانية أن بن سلمان نجا من محاولة اغتيال قام بها 5 ضباط من الحرس الوطني قاموا وهم في سيارتين بإطلاق النار على سيارة محمد بن سلمان وموكبه، فأصيب عدد من حراسه، لكن محمد بن سلمان نجا من المحاولة، لأن سيارته مصفحة ولا يخرقها الرصاص.

وراجت كثيرا في العام 2018 إشاعات عن مقتله وإنهاء أمره خاصة مع الهجوم الذي طال قصره في أبريل الماضي، وترددت أنباء عن إصابته فيه، وذهب البعض إلى اغتياله .

محمد بن سلمان نجا من موت محقق بحسب تقارير لمعارضين من قبل مسلحي الجنوب أثناء زياراته لجبهات ما وراء الحدود ، وامتد الأمر إلى حديث في مايو الماضي عن وفاته فعلا قبل أن يظهر الأمير الشاب في زيارات خارجية.

الأزمة لم تنته ، فالمخاوف داخل العائلة المالكة حاليا كبيرة ، وهناك بحسب المراقبين ”  رعب يجتاح محمد بن سلمان وكل المحيطين به، فالهدنة بين أفراد العائلة انتهت بعد ما أسموه (التسوية المليارية) في إشارة إلى اعتقالات ما سمي بمكافحة الفساد ، وهذه العملية لن تكون الأخيرة بالنظر إلى الجبهات المفتوحة ضد ولي العهد، الذي نقض كل الأسس التي بُنِيت عليها عائلة آل سعود”.

الرحيل الدموي ليس جديدا على العائلة المالكة ، فالأمير منصور بن عبد العزيز لقي حتفه عام 1951  علي يدي أخويه الكبيرين فيصل وخالد في صراع على العرش وسقط  فيصل بن عبد العزيز ثالث ملوك السعودية صريعا كذلك في 25 مارس 1975 في الرياض بعد غدر من ابن أخيه الأمير فيصل بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود  في مكتبه بالديوان الملكي حيث أرداه قتيلا بعدة رصاصات.

محاكمة في الانتظار!

السجن مصير متوقع سواء داخليا أو خارجيا ، وفق الظروف المتاحة التي تهيأ له محاكمات داخلية قد لا تأتي إلا بعد انقلاب ضده بحسب المراقبين ، أو في حال تفعيل ملاحقته دوليا بسبب جرائم الحرب المتورط فيها في اليمن.

تقرير لجنة التحقيق في اليمن الذي أعده فريق من خبراء الأمم المتحدة ، في أغسطس الماضي يدين محمد بن سلمان كقائد للمواجهة في اليمن بشكل كبير ووثق  فريق الخبراء الدوليين والإقليميين المعني باليمن أن أفرادا في الحكومة اليمنية والتحالف، بما في ذلك السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وفي السلطات الفعلية ارتكبوا أفعالا قد تصل إلى الجرائم الدولية.

وفي أبريل الماضي  تقدمت جمعية يمنية بشكوى قضائية ضد ولي العهد السعودي بباريس خلال الزيارة التي كان يقوم بها إلى فرنسا، واتهمت الجمعية التي تدعى “الرابطة اليمنية لحقوق الانسان” بن سلمان لدى قضاة مختصون في جرائم الحرب في المحكمة العليا في باريس ، “بالتواطؤ في التعذيب” لدوره في الحرب في اليمن منذ بداية هذا النزاع في العام 2015.

وفي نوفمبر 2017 ، تقدمت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، ومقرها لندن بشكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد التحالف بقيادة السعودية باليمن، كما تعهدت الحائزة على جائزة نوبل للسلام اليمنية الحقوقية والناشطة توكل كرمان، بمحاكمة محمد بن سلمان، وحليفه ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، في المحكمة الجنائية الدولية لما وصفته بـ”المجازر” التي ترتكب في اليمن.