يواجه نظام بن سلمان هذه الفترة انتقادات مكثفة بعد الحكم على مواطن سعودي بالسجن لمدة 20 عامًا على خلفية نشره تغريدات تطالب بالإصلاح، خاصة وأنه شقيق معتقل حُكم عليه بالإعدام قبل عام تقريبًا لنشره تغريدات مشابهة على حسابه على موقع “تويتر” الذي لم يكن يتابعه عليه سوى 10 متابعين.

وكان ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، قد قال إن محمد الغامدي كان ضحية “قوانين سيئة” بعد الحكم عليه بالإعدام، بالرغم من ذلك، سمح باستخدام نفس القوانين للحكم على شقيق الغامدي الأصغر، أسعد الغامدي.

كشف محامو محمد الغامدي المقيمون في بريطانيا أن المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي حكم في تقرير حديث بأن موكلهم كان ضحية للاعتقال التعسفي والحرمان من توكيل محام.

حُكم على محمد الغامدي بالإعدام في يوليو/تموز 2023، ولم يتم إخطاره بما إذا كان مسموحًا له بالاستئناف، كما لم يُخطر بموعد تنفيذ الحكم حتى الآن. وحول هذا الحكم قال ولي العهد في مقابلة مع قناة فوكس نيوز في سبتمبر/أيلول 2023 إن حكم الإعدام الصادر بحقه كان مخزيًا بالنسبة للنظام القضائي.

الشقيق الثالث للأخوين محمد وأسعد يعاني من قمع النظام السعودي أيضًا، فهو ناشط في مجال حقوق الإنسان من المنفيين في الخارج ومطلوبين لدى السلطات، ويرى أن اعتقال أشقائه وسيلة تستخدمها الرياض للانتقام من الأنشطة السياسية للمعارضين المقيمين في الخارج.

اعتقلت السلطات السعودية أسعد الغامدي في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، في مداهمة ليلية لمنزله في الحمدانية، أحد أحياء جدة، أمام زوجته وأطفاله، وصادرت قوات الأمن الأجهزة الإلكترونية بعد تفتيش كل غرف المنزل دون احترام للخصوصية.

لم يتم إخبار أسعد بأسباب اعتقاله أو بالتهم الموجهة إليه لمدة 10 أشهر على الأقل، وحُرم خلالها من التواصل مع محامي، وقضى ما يقرب من ثلث ذلك الوقت في الحبس الانفرادي بالرغم من حالته الصحية المتدهورة إذ أنه يعاني من الصرع وقد تعرض لنوبات شديدة أكثر من مرة في السجن كاد أن يفقد حياته خلالها بسبب عدم توافر الرعاية الطبية المطلوبة.

وبعد ثماني جلسات استماع، تمت إدانته في 29 مايو/أيار من هذا العام، بعد 10 أشهر من صدور حكم الإعدام على شقيقه.

وعندما سئل الأمير محمد في سبتمبر/أيلول الماضي على قناة فوكس نيوز عن التقارير التي تتحدث عن الحكم بالإعدام على محمد الغامدي، قال: “من المخزي أن هذا صحيح. إنه شيء لا نحبه.”

وعندما سئل عما إذا كان بإمكانه تغيير القوانين، أجاب: “نحن نبذل قصارى جهدنا للقيام بذلك… لقد غيرنا عشرات القوانين… أحاول إعطاء الأولوية للتغيير يوما بعد يوم… يجب على نظام السجون أن يتبع القوانين ولا أستطيع أن أطلب من القاضي أن يفعل ذلك ويتجاهل القانون لأن ذلك مخالف لسيادة القانون… لكن هل لدينا قوانين سيئة؟ نعم. هل نحاول تغيير ذلك؟ نعم.”

وأضاف أنه من الممكن في المرحلة المقبلة من محاكمة محمد الغامدي أن “يكون القاضي أكثر خبرة وقد ينظر إلى الأمر بشكل مختلف تماما”.

ومع ذلك، بعد عدة أشهر، حُكم على أسعد الغامدي بالسجن لمدة 20 عامًا لاتهامه بارتكاب ذات “الجريمة”، باستخدام نفس المواد من قوانين مكافحة الإرهاب في المملكة العربية السعودية.

وفي تقرير صدر هذا الأسبوع، أبلغ فريق العمل التابع للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي السلطات السعودية أن السجن واسع النطاق أو المنهجي قد يشكل جرائم ضد الإنسانية، وقالت المجموعة إن محمد الغامدي اعتقل بسبب ممارسته حقه المشروع في حرية التعبير، وأن اعتقاله “يتعارض تماما مع قانون حقوق الإنسان”.

وقالت الجماعة إنه يجب إطلاق سراحه فوراً ودفع تعويض له، كما أوصت الحكومة السعودية بمراجعة قوانين مكافحة الإرهاب واستقلال القضاء.

من ناحيتها، ردت الرياض على هذا البيان وأبلغت الفريق الأممي بأن محمد الغامدي متهم ببث الفتنة ونشر الفوضى والإخلال بالأمن العام، وتم النظر في قضيته أمام محكمة جزائية متخصصة في محاكمة عادلة وعلنية، مضيفين أن المملكة لها الحق بموجب قوانين مكافحة الإرهاب في احتجاز المشتبه به في الحبس الانفرادي.

من جانبه، قال الدكتور سعيد الغامدي، شقيق محمد وأسعد، والباحث الإسلامي البارز ومنتقد الحكومة في المنفى: “إن قرار مجموعة عمل الاعتقال التعسفي بشأن محمد الغامدي جيد جدًا وأقدره بشدة، لكن الحكومة السعودية تمتلك تاريخ من تحدي القانون الدولي… أعتقد أن اعتقال إخوتي والأحكام الظالمة بحقهم هو بسبب نشاطي… طلبت مني السلطات السعودية عدة مرات العودة إلى السعودية لكنني رفضت ذلك. ومن المحتمل جدًا أن يكون هذا الحكم ضد إخوتي انتقامًا من نشاطي… وإلا لما كانت هذه الاتهامات ستؤدي إلى مثل هذه العقوبة القاسية.

في بيان خاص، قالت هايدي ديكستال، المحامية الدولية عن الأخوين المعتقلين: “الحقيقة الصارخة والواضحة هي أن الحكم على مدرس متقاعد بالإعدام بسبب ممارسته حقه الأساسي في حرية التعبير لحفنة من المتابعين على تويتر أمر شائن من الناحية الموضوعية”.

فيما قالت منظمة سند لحقوق الإنسان إن السعودية ليس لديها أي نية لإصلاح سجلها في مجال حقوق الإنسان.

وتظهر الوثائق أن أسعد الغامدي متهم بـ”الطعن في دين وعدالة الملك وولي العهد، والسعي إلى الإخلال بالنظام العام، ونشر أخبار وإشاعات كاذبة ومغرضة”، وتشير الوثائق إلى أنه تم اعتقاله “لقيامه بنشر منشورات تضر بأمن الوطن على مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر).

وانتقدت التغريدات المستخدمة كدليل ضده المشاريع المتعلقة برؤية 2030، برنامج الأمير محمد بن سلمان لتنويع اقتصاد البلاد، بما في ذلك نقص الاستثمار في جدة، وفي تغريدة أخرى نعى الدكتور عبد الله الحامد، المؤسس المشارك لجمعية الحقوق المدنية والسياسية السعودية والشخصية الحقوقية السعودية الرائدة الذي توفي في السجن بعد إدانته بتهم تتعلق بالنشاط السلمي في مجال حقوق الإنسان، وقدم التعازي لعائلته.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا