العدسة – معتز أشرف
شهيد جديد لفلسطين في سجون الاحتلال ارتقى بعد تعذيبه، أشعل الوضع مجددًا وفتح ملفًا من أخطر ملفات القضية الفلسطينية، وهو ملف الأسرى الذي بات على مفترق طرق في انتظار صفقة جديدة أو قرار أممي بتحريك لجنة تحقيق دولية لمحاكمة الصهاينة المتورطين، وحتى يحدث هذا نتوقف مع الحركة الأسيرة الفلسطينية ونرصد أبعاد آلامها وآمالها.
إحصائيات كارثية!
بارتقاء الأسير المقدسي عزيز عويسات (53 عامًا) ارتفع عدد من استشهدوا في المعتقلات الصهيونية إلى 216 منذ العام 1967، منهم 75 أسيرًا توفوا بعد قرار بتصفيتهم وإعدامهم بعد الاعتقال، و72 نتيجة التعذيب، و62 نتيجة للإهمال الطبي، و7 أسرى بإطلاق النار مباشرة عليهم من قبل جنود وحراس داخل المعتقلات، فيما وصل عدد الأسرى الذين ارتقوا نتيجة للإهمال الطبي في المعتقلات الإسرائيلية خلال الخمس سنوات الأخيرة إلى 7 أسرى وفق نادي الأسير.
وشهد العام الجاري بحسب إحصائيات حقوقية ارتقاء 3 شهداء، إضافة إلى الشهيد “عويسات”، فيما شهد العام الماضي 2017 ارتقاء 3 شهداء آخرين، ومن بين الأسرى 1200 أسير مريض في سجون الاحتلال يهددهم الموت من بينهم 34 معوقًا، و21 أسيرًا مصابًا بمرض السرطان وأسيران يعانيان من التهاب الكبد الوبائي، و17 أسيرًا يعانون من مشاكل في القلب، و19 أسيرًا يقيمون بشكل دائم في مستشفى الرملة، ومن بينهم 700 فلسطيني بحاجة إلى تدخل علاجي عاجل لإنقاذ حياتهم؛ بسبب الإهمال الطبي المتعمد من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وامتناعها عن تقديم العلاج اللازم لهم.
عدد الأسرى يبلغ في سجون الاحتلال الإسرائيلي 7000 أسير، من بينهم 330 أسيرًا من قطاع غزة، و680 أسيرًا من القدس وأراضي عام 1948، و6000 أسير من الضفة الغربية، و34 أسيرًا من جنسيات عربية، ومن بين الأسرى 600 أسير إداري و2000 موقوف و4430 محكومًا، بينهم 500 أسير من ذوي المؤبدات، فيما يقبع في المعتقلات 58 أسيرة، منهن 15 فتاة قاصرة ومعتقلتان إداريتان و13 أسيرة جريحة و30 حكمن بأحكام مختلفة، ومن بين الأسرى 320 طفلًا دون 18 عامًا، بينهم ثلاثة معتقلين إداريين و270 أصدرت بحقهم أحكام و47 بدون محاكمة، فيما اعتقل الاحتلال الإسرائيلي 13 نائبًا من نواب المجلس التشريعي: 4 يخضعون للاعتقال الإداري، 2 يخضعون لأحكام مرتفعة 6 موقوفين.
وفي السجون عمداء للأسرى وهم من أمضوا أكثر من 20 عامًا في سجون الاحتلال منهم 9 أسرى تجاوزوا ثلاثين عامًا، وأقدمهم الأسير كريم يونس، و21 أسيرًا مضى على اعتقالهم ما يزيد عن 25 عامًا و29 أسيرًا من القدامى، وهم المعتقلون قبل توقيع اتفاقية أوسلو عام 1994، وقد رفض الاحتلال الإسرائيلي إطلاق سراحهم ضمن الدفعة الرابعة من صفقة إحياء المفاوضات عام 2013.
ومنذ بدء انتفاضة الأقصى، في 28 سبتمبر 2000، سجلت المؤسسات الرسمية والحقوقية قرابة 100 ألف حالة اعتقال، بينهم نحو 15 ألف طفل تقل أعمارهم عن 18 سنة، و1500 امرأة، ونحو 70 نائبًا ووزيرًا سابقًا، وأصدرت 27 ألف قرار اعتقال إداري. ومنذ أكتوبر2015، اعتقلت سلطات الاحتلال 10 آلاف فلسطيني، ثلثهم من القدس.
في هذا السياق رصدت منظمات حقوقية منذ عام 2015 ما يزيد عن 120 مشروع قانون صهيوني وما يزيد عن 30 قانونًا دخلت مراحل التشريع ضد الأسرى ومنهم قانون التغذية القسرية للأسرى المضربين عن الطعام الذي أقرته الحكومة الإسرائيلية يوم 14 يونيو 2015، وهو مشروع قانون يمكِّن سلطات الاحتلال من إجراء التغذية القسرية للأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام، وصادقت الكنيست عليه فى 30 يوليو 2015.
غليان فلسطيني
الغضب الفلسطيني تصاعد داخل السجون وخارجها عقب تداول نبأ ارتقاء “عويسات”؛ حيث سادت حالة من التوتر والغضب والاستنفار في سجون الاحتلال الإسرائيلي لدى الأسرى الفلسطينيين، حيث قام الأسرى بالطرق على الأبواب والاحتجاج والتكبير داخل الغرف والأقسام، بينما قامت الإدارة بقمع الأسرى في عدة سجون.
وفى سجن إيشل، حيث كان يقبع الأسير، أعاد الأسرى وجبات الطعام وأغلقوا الأقسام وأعلنوا الحداد العام داخل السجون، بحسب مركز أسرى فلسطين للدراسات، فيما اتفقت الهيئات وحركات المقاومة الفلسطينية علي أهمية محاكمة إسرائيل على جرائم السجون بتدخل أممي عبر لجنة تحقيق دولية، وهو ما طالب به المجلس الوطني الفلسطيني ورئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، ومسؤول لجنة الأسرى في الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين بقطاع غزة، علام كعبي، وعضو المجلس الثوري لحركة فتح، والمتحدث باسم حركة فتح أسامة القواسمي ومصطفى البرغوثي، الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية فيما تعاهدت حركة “حماس” على لسان المتحدث باسمها حازم قاسم بالعمل على الوفاء بوعدها للأسرى ولذويهم حتى إطلاق سراحهم جميعًا من سجون الاحتلال، مؤكدة أن هذا سيبقى على رأس أولوياتها.
صفقات التحرر
وتبرز صفقات تبادل الأسري مع إسرائيل، كأحد طرق حركات المقاومة لمواجهة القمع الصهيوني في السجون، وفي أبريل الماضي أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد إسماعيل هنية، استعداد الحركة للتفاوض على صفقة لتبادل الأسرى مع إسرائيل، وذلك عبر طرف ثالث وسيط، ومنذ النكبة في العام 1948، تمت العديد من عمليات تبادل الأسرى بين الدول العربية وإسرائيل، وشملت الإفراج عن أسرى فلسطينيين، غير أن أبرز الصفقات هي التي بين منظمات فلسطينية وإسرائيل وأهمها بدأت في 1968، حيث كانت أول عملية تبادل فعلية بين إسرائيل ومنظمة فلسطينية، حيث اختطف عناصر من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين طائرة تابعة لشركة العال الإسرائيلية، وأجبرت على التوجُّه إلى الجزائر، وتم التوصل إلى صفقة للإفراج عن الطائرة وركابها مقابل إطلاق سراح 37 أسيرًا فلسطينيًا من ذوي الأحكام العالية.
وفي 28 فبراير من عام 1971، حدثت أول عملية تبادل أسرى بين إسرائيل وحركة فتح؛ حيث أفرجت إسرائيل على الأسير محمود بكر حجازي، الذي كان أول أسير لحركة فتح وللحركة الوطنية الفلسطينية، مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي شموئيل فايزر، وفي 13 فبراير من عام 1980، تمت عملية تبادل أسرى بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية؛ حيث أفرجت الأخيرة عن جاسوسة للموساد مقابل الإفراج عن الأسيرين مهدي بسيسو الشهير بـ”أبو علي”، والمناضل الفلسطيني “وليام نصار”.
واستمرت آلية الصفقات لتخفّف المأساة ففي 23 من نوفمبر من العام1983،، جرت عملية تبادل “ضخمة” للأسرى بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل؛ حيث أفرجت المنظمة بموجبها عن 6 أسرى، مقابل إفراج إسرائيل عن 4700 أسير فلسطيني كانوا في معتقل “أنصار”، بالإضافة إلى الإفراج عن 65 أسيرًا فلسطينيًا آخر كانوا في السجون الإسرائيلية، وفي 20 مايو من عام 1985، تمت واحدة من أكبر صفقات تبادل الأسرى بين إسرائيل والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة بموجب اتفاقية تبادل للأسرى وقعت في جنيف، حيث أفرج عن 3 جنود إسرائيليين، مقابل إفراج إسرائيل عن 1150 أسيرًا، من بينهم 153 أسيرًا لبنانيًا، وفي 29 يناير2004،، تمت عملية تبادل أسرى بين حزب الله وإسرائيل، أطلق بموجبها سراح 400 أسير فلسطيني وآخرين مقابل تسليم حزب الله جثث 3 جنود إسرائيليين، أما في 11 أكتوبر 2011، وفي عملية تبادل للأسرى بين حركة حماس وإسرائيل، أفرجت الأخيرة عن 1050 أسيرًا فلسطينيًا مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
مستقبل الأسرى
وبحسب مراقبين مختصين بشأن الأسرى فإنّ مستقبل الحركة الأسيرة في خطر بسبب القمع الصهيوني ويتوقف علي قدرة الفصائل المقاومة على الحصول على مزيد من الأسرى الصهاينة، وهو ما يؤكده عبد الناصر فروانة رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين وعضو اللجنة المكلفة بإدارة شؤون الهيئة في قطاع غزة الذي يقول “الحركة الوطنية الأسيرة لم تعد قوية كما كانت قبل أوسلو.. هناك عوامل كثيرة لعبت دورًا سلبيًا وتغيرت وتبدلت الأحوال بحيث نخشى على وحدة الحركة الأسيرة ومقاومتها للسجان وأوضاعها التنظيمية وعلاقاتها الوطنية والداخلية، كما أخشى على حياة الأسرى في ظل تمادي الاحتلال الإسرائيلي بالانتهاكات والجرائم وانتشار الأمراض والإهمال الطبي في السجون، حيث إن إدارة السجون تسعى وتحاول أن تعمّق الانقسام داخل السجون، وإشغال الأسرى بهمومهم الشخصية على قاعدة “فكّر بذاتك”، مؤكدًا أن ما يعزّز الأمل لدى الأسرى وأهاليهم إنجاز صفقة تبادل على غرار صفقة شاليط، وعرض ملفات الحركة الأسيرة على المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية وإعادة النظر في كل أساليب وأنشطة وآليات التعاطي مع قضية الأسرى.
اضف تعليقا