العدسة – معتز أشرف:

فؤجئ المتابعون للقمة العربية بعبارات جادة للديكتاتور المصري عبد الفتاح السيسي للهجوم على إطلاق جماعة الحوثيين اليمنية صورايخ على المملكة العربية السعودية، إلا أنَّ الأمر تحول إلى موجة من الضحك الهستيري عقب خطأ فاحش للسيسي في نطق “الصواريخ الباليستية” التي يستخدمها الحوثيون، لينطق مكانها عبارة جديدة في عالم الأسلحة “الصواريخ البلاستيكية”، لتتحول مواقع التواصل الاجتماعي ومنابر عديدة إلى سخرية واسعة من السيسي الذي سقط في اختبار الأسلحة التي لا يخطأ فيها “صول” بالجيش المصري، رغم أنه منح نفسه شارة المشير، وفق ما قال بعض الساخرين.

قمة البلاستيك

لم ينتظر كثيرون انتهاء القمة، بل أطلقوا عقب السقطة قذائف سخرية واسعة ضد السيسي، وجاء في المقدمة ‏الإعلامي المعارض سليم عزوز؛ قال في تغريدات ساخرة على حسابه على تويتر علي وسم #قمة_البلاستيك: “حد يفهم المشير أنَّ اسمها الصواريخ الباليستية.. مش الصواريخ البلاستيكية.. البلاستك حضرتك يختلف عن البالتسي، السيسي يقول إنَّ مصر لن تقبل أن تقصف عناصر يمنية إن تقصف السعودية بالصواريخ البلاستيكية، العسكري الجهبذ يقول الصواريخ البلاستيكية. يقصد الصواريخ الباليستية، مع أنه يحمل رتبة المشير قوة واقتدارًا”. فيما أضاف أنّ “السيساوية جروا على وكيبيديا وغيروا الباليستي إلى بلاستيكي. مبهجين السيساوية دول!” في إشارة إلى الإحراج الواسع الذي تعرضت له ما يعرف على نطاق إعلامي واسع باسم “الكتائب الإلكترونية للسيسي” على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتابع قائلًا في تغريداته: “الأخ لا يعرف الفرق بين الصواريخ البلاستيكية ودي تدخل في لعب الأطفال والصواريخ الباليستية. أمال عسكري. وكلية حربية. وخير أجناد الأرض. وصفا وانتباه، هي العسكرية اخرها وقالوا ايه علينا دول وقالوا ايه؟ ومش سامع حاجة؟! “.

الناشط الاعلامي احمد البقري غرد قائلًا: ” #القمة_العربية هي #قمة_البلاستيك  قالك #الصورايخ_البلاستيكية “، فيما نقل الكاتب الصحفي أحمد القاعود ما قاله السيسي على اعتبار أنه من الأقوال المأثورة له: “نرفض قسف المملكة العربية السعودية بالسواريخ البلاستيكية عبدالفتاح السيسي 15- 4- 2018 #الصورايخ_البلاستيكية “.

وقال المغرد عمرو صاحب حساب مصري بسخرية واسعة علي وسم “الصورايخ البلاستيكية”: “حاملة القاذفات #الصورايخ_البلاستيكية للقائد بلحة”، وبلحة هو اسم يطلقه المعارضون علي السيسي للسخرية منه في كثير من الأوقات، وفي ذات السياق أطلق المغرد محمد سراج علي حسابه علي تويتر خبرًا ساخرًا قال فيه”: القبض على صاحب مصانع الهلال والنجمة الذهبية لامتلاكه أسلحة دمار شامل من الأدوات البلاستيكية ” والمصانع التي ذكرها لها شهرة في مصر في مجال المصنوعات البلاستيكية.

وعلي وسم #القمه_العربيه29 تخيل صاحب حساب سوليتير حوارًا ساخرًا بين اثنين من الفنانيين قائلا: “وحلوه #الصورايخ_البلاستيكية دي يا عماد.!؟  فرد عليه قائلا: ” بيضربوا بيها السعوديه يا جدع “، وهي ذات الطريقة التي سخر بها المغرد مصطفي قائلا : ” ألا قولي ياض يا مزيكا هي #الصورايخ_البلاستيكية دي مداها كام أوضه ؟ فرد الآخر عليه قائلًا: دي صواريخ عابرة للحجرات يا سي حنفي”.

 المغرد عماد رنان حاول إيجاد تعريف لما قاله السيسي، فغرد في هذا الاتجاه قائلا : ” #الصورايخ_البلاستيكية: هي نوع جديد من أنواع الصواريخ؛ تعتمد المادة الرئيسية في تصنيعها على البلاستيك المستعمل” فيما أعرب المدون جمال الزغوبي عن حزنه لما قاله السيسي لأنه بحسب رأيه سيسعد الإخوان في مؤيدي السيسي حيث قال: “يا شماتة الاخوان فينا يا ريس  هيا وصلت ل #الصورايخ_البلاستيكيه “، فيما قال المغرد  أحمد كساب: ” بلحه– وهو اسم السيسي لدي بعض النشطاء-  بدل ما يقول الصواريخ الباليستية قال #الصورايخ_البلاستيكية ده أكبر دليل أن الكلام ما بيعديش على مخه” وفق تعبيره !.

ما هي الصواريخ البالستية؟!

وفارق كبير بحسب العسكريين بين ما قال السيسي وبين الصورايخ البالستية التي تطلق على الصواريخ العابرة للقارات وتسمى “بالستية” من الكلمة الإنجليزية “Ballistic” وهي اختصارًا لعبارة “the flight of an object through space under the force of gravity only” أي تحرك الجسم في الفضاء تحت تأثير الجاذبية فقط، ولا تعتمد الصواريخ الباليستية على محركاتها إلا لتنفيذ الدفعة الأولى للوصول إلى مسارها لتصبح حركتها بعد ذلك مرتبطة بالجاذبية التي تقودها إلى الهدف بسرعة تصل إلى 7 كيلومترات في الثانية، وهو ما يتم توصيفه بعبارة “إذا أصبحت في مسار صاروخ باليستي فأفسح له الطريق”.

وبحسب تقارير إعلامية فبعد إطلاق الصاروخ ووصوله إلى مساره يتوقف الدفع بواسطة الوقود ويبدأ الصاروخ في الحركة وفقًا لقوانيين المقذوفات باتجاه الهدف الذي تحدد أجهزة التوجيه الموجودة في مقدمة الصاروخ، ويسلك الصاروخ مسارًا قوسيًا إلى أعلى ثم يعيد توجيه نفسه إلى أسفل باتجاه الهدف الأرضي، وتعتمد فكرة الصواريخ الباليستية الحديثة على تصميم صاروخ فاو ـ 2″V-2 rocket” الذي صنعته ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية لإرهاب وقتل البريطانيين، لكن حمل الصاروخ لرأس حربي تقليدي زنته طن من مادة “تي إن تي” جعل قدرته التدميرية محودة.

ومع ذلك فقد أصبحت الصواريخ الباليستية في الوقت الحالي بحسب المتخصِّصين تحقق هدفين هما ضرب أهداف الأعداء بعيدة المدى ووسيلة ضغط سياسي عالمي لا منازع لها، وفقًا لموقع “ميسيل ثريت” الأمريكي الذي أوضح أن نقطة قوتها هو افتقار الدول لوسائل دفاعية تستطيع أن تعترض طريق الصواريخ الباليستية بعد إطلاقها.

وتثير الصواريخ الباليستية غضبًا واسعًا في السعودية مع إصرار الحوثيين علي استخدامها، وأعلن المتحدث الرسمي لقوات التحالف، العقيد الركن الطيار تركي بن صالح المالكي في أواخر العام الماضي، أنَّ 83 صاروخًا باليستيًا أطلقها الحوثيون صوب المملكة العربية السعودية، فيما تواصل القصف الحوثي حتى تاريخه مستهدفًا في كثير من الأحيان العاصمة الرياض، ما أدى إلى نقل القمة العربية الحالية إلى الظهران، ووفق ما قالت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، فإنَّ تغيير مكان انعقاد القمة من العاصمة الرياض، إلى مدينة الظهران على الساحل الشرقي للمملكة، يأتي تفاديًا لتهديدات صواريخ الحوثيين، التي استهدفت أكثر من مرة العاصمة الرياض وعددًا من المواقع الحيوية السعودية.

وقوبلت الهجمات الصاروخية الحوثية المتزامنة على أهداف سعودية متفرقة بتنديد إقليمي ودولي كبير، لكن الأغراض اختلفت من طرف إلى آخر، بحسب مراقبين، حيث بدا حلفاء الرياض من الدول الكبرى قلقين من الطموح الإيراني، المتهم في المقام الأول بإرسال الصواريخ إلى الحوثيين، وضرورة معاقبة طهران ولو بوقف البرنامج النووي الإيراني، لكن رعاة السلام الذي عملوا طوال الأشهر الماضية على تهيئة الأجواء لإنعاش الحل السياسي والمجيء بمبعوث أممي جديد، كانوا أكثر قلقًا من انهيار فرص السلام الذي كان قد بدأ يلوح أكثر من أي وقت مضى، وبشدة، يدين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الهجمات الحوثية، وقال إنَّ التصعيد العسكري ليس الحل، ويعتبر الاتحاد الأوروبي الهجوم البالستيي “عملًا استفزازيًا آخر”، يتعارض مع دعوات المجتمع الدولي إلى حل سلمي وتفاوضي للأزمة.