هو السلطة الدينية الأعلى في مصر والعالم الإسلامي.. أو هكذا يفترض أن يكون.. إليه يهرع الناس عند الاختلاف الفقهي وبه يتعلقون.. أو هكذا ينبغي أن يكون.. إنه شيخ الأزهر.. شيخ الإسلام كما كان يطلق عليه قديما..

يخطىء أحاد العلماء فيحشذ الإعلام سكينه، وتستجيب المؤسسة الأزهرية، وتحاول أن تظهر كونها مؤسسة يخضع أفرادها لنظامها العام، فيحمد الجميع موقفها..

لكن السؤال: لماذا الانتقائية في العقاب؟ هل أصيبت المؤسسة بـ “حول” في الرؤيا فلا ترى إلا ما يراه إعلام السلطة مخطئا؟

السؤال هنا ليس سؤالا سياسيا بقدر ما هو سؤال مهني في مظهره أخلاقي في جوهره.. فتكرار استئساد شيخ الأزهر ومؤسسته الأزهرية على علماء دون آخرين لمجرد مخالفتهم في الرؤية السياسية يمثل خروجا عن الخط العام للأخلاق الذي من المفترض أن يحمل شيخ الأزهر رايته..

فلم تجد جامعة الأزهر ردا على قيام اثنين من أساتذتها أثارا جدلا مؤخرا ببعض الفتاوى سوى مجموعة من الإجراءات الإدارية والتي تحيلهما بمقتضاها للتحقيق، وهما أستاذ الفقه المقارن بالجامعة، صبري عبد الرؤوف، بعد فتواه بأن “مضاجعة الوداع”، أو معاشرة الزوج لجثة زوجته المتوفاة، جائزة وأستاذ الفقة المقارن سعاد صالح، التي أصدرت فتوى أخرى أثارت الجدل بقولها إن “بعض الفقهاء أباحوا معاشرة البهائم من الحيوانات جنسيا”.

فيما أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، قرارا، بمنع استضافة عبد الرؤوف بالفضائيات أو بالإذاعات، على خلفية تلك الفتوى.

هذا الموقف وأشباهه أعاد السؤال السابق إلى الواجهة.. لماذا الانتقائية في العقاب؟ ولماذا لم يعد شيخ الأزهر قادرا على عقاب أحد إلا أولئك الذين يراهم الإعلام مخطئين على طول الخط؟

 بيان رسمي

شيخ الأزهر لم يسكت ويكتف بمجرد العقاب الإداري، بل خرج في بيان رسمي قال فيه بضرورة الحجر على أصحاب الفتاوى الشاذة لأنها تضر المجتمعات، منوهًا بأن الدستور والقانون خولا لهيئة كبار العلماء الاختصاص بالبت في القضايا الشرعية، فيما قد تختلف فيه دار الإفتاء مع مجمع البحوث من أحكام شرعية، وهذا موجود في كل العالم الذي يحترم العلم والدين والفقه، ولا يعرض أحكام الدين كسلعة تعرض في البرامج والسهرات التليفزيونية.

وقال: لا يجوز لمن يتصدى للفتاوى أن يضحي بالثوابت والمسلمات أو يتنازل عن الأصول والقطعيات بالتماس التخريجات والتأويلات التي لا تشهد لها أصول الشريعة ومقاصدها وأنه لا يصح الترويج للأقوال الضعيفة والشاذة والمرجوحة المبثوثة في كتب التراث وطرحها على الجمهور، فهذا منهج يخالف ما عليه أهل السنة والجماعة الذين أجمعوا على ترك العمل بالأقوال الشاذة

وأضاف : الفقهاء قالوا بوجوب الحجر على السفيه الذي يبدد ماله ولا يصرفه في مساراته الصحيحة، وكذلك الحال بالنسبة لمدعي الإفتاء يجب الحجر عليه، لأنه مستهين بالعلم، متبع للهوى، غير ملتزم بما ورد في القرآن الكريم وفى السنة النبوية وبما أجمع عليه المسلمون، ولم يراع أصول الاستنباط السليم.

البيان على عمومه رصين ويحمل منهج المؤسسة الأزهرية منذ قرون، لكنه يمعن كذلك في طرح السؤال مرة أخرى.. بل ربما يجيب عليه.. فصمت شيخ الأزهر يحركه الهوى السياسي للسلطة القائمة، بحيث إن عينه مثبتة دائما على السلطة يفعل ما تريد ولا يحب أن يخالفها إلى ما تنهاه عنه!! والدليل أن هناك العشرات من الفتاوى الشاذة أو الأكثر شذوذا والتي لم يتحرك فيها شيخ الأزهر ولا أي من مؤسسات الأزهر ليعلنوا شذوذها!!

شذوذ على هوى السلطة

وهذه بعض الأمثلة لفتاوى لم يقل أحد بها لا قديما ولا حديثا وتحمل من الشذوذ ما لا يثبت أمام بحث طالب أزهري في المرحلة الإعدادية.. ومع ذلك فإن شيخ الأزهر لم يثبت أنه توقف أمام هذه الفتاوى، والسبب أنها تنال من خصوم السلطة السياسيين.. ومنها:

  1. “كل زوج يجد زوجته تابعة للإخوان عليه أن يطلقها”.. هكذا أفتى الشيخ مظهر شاهين، إمام وخطيب مسجد عمر مكرم، على غير دليل من الكتاب والسنة بإباحة تطليق “الزوجة الإخوانية”

ومعلوم أن مثل هذه الفتوى تكرس للقطيعة المجتمعية ضد فصيل من أبناء هذا الوطن، مضيفاً أنه “من غير المعقول أن تكتشف أن زوجتك التي تنام بجوارك هي خلية نائمة تابعة للجماعة الإرهابية وأنت لا تعلم..”

  1. سعاد صالح، عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني سابقا وعميد كلية الدراسات الإسلامية بنات في جامعة الأزهر سابقاً، والملقبة بـ “مفتية النساء”، قالت بوجوب “فسخ خطبة الشاب من خطيبته إذا كانت تنتمي إلى جماعة “الإخوان المسلمين”، بدعوى الحفاظ على الأسرة والدين ومصلحة العائلة والوطن.
  2. الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة في جامعة الأزهر،وصف أعضاء “جماعة الإخوان المسلمين” بأنهم “أحفاد الخوارج” الذين قتلوا عثمان بن عفان، ثالث الخلفاء الراشدين، وخلفه علي بن أبي طالب، محرضاً على قتلهم، امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، على حد قوله.
  3. عضو مجمع البحوث الإسلامية خالد الجندي، قال في برنامج “لعلهم يفقهون” على فضائية “dmc”، إنه لا يجوز سب “إسرائيل”، لأن معناها “عبد الله” باللغة العبرانية القديمة، وهي اسم النبي يعقوب عليه السلام.
  4. أجاز أمين الفتوى بدار الإفتاء، محمد عبد السميع، للمرأة المسلمة التي تعيش ببلاد غير إسلامية بخلع الحجاب
  5. أفتت دار الإفتاء بأن تحية العلم تعبير عن حب الوطن، وأنها مطلوبة شرعا اتقاء لمحاذير شق الصف والتراشق.
  6. أفتى الدكتور على جمعة بأن “الله يؤيد كل من يخرج للتصويت بنعم على المسودة الخاصة بدستور السيسي ، لأنه يعمر الأرض وضد الإلحاد والكفر
  7. مظهر شاهين إمام وخطيب مسجد عمر مكرم، يفتي بعدم جواز دفن الإخوان في مقابر المسلمين
  8. وكيل وزارة الأوقاف المصري، صبري عبادة، قال أن “الأمر استقر، وتمّت البيعة لولي الأمر، وهو عبد الفتاح السيسي، والخروج عليه يعتبر خروجًا على ثوابت الإسلام.