أثار إعلان قائد الانقلاب في مصر الجنرال عبد الفتاح السيسي اعتزامه بناء عاصمة جديدة للبلاد في عام 2015 جدلاً واسعاً، حيث أن القاهرة العاصمة المصرية الحالية ظلت لعقود من الزمان في مركز القلب من الدولة.

استخدم السيسي حجة واهية لإقناع الرأي العام لإنفاقه الملايين من الدولارات على مشروع في الصحراء وذلك من أجل الخروج من الأزمة المرورية الخانقة التي تعيشها العاصمة القاهرة التي أصبحت مكتظة بالسكان.

لكن مع بدء العمل في العاصمة الإدارية الجديدة ظهرت نوايا قائد الانقلاب الذي أصيب بجنون العظمة فأراد أن يبني منشآت على الطراز الأوروبي الفاخر وأهدر الملايين على قصر بشكل قرص علاوة عن بناء أكبر برج في أفريقيا وعدد من المشروعات المكلفة لخزينة الدولة في ظل أزمة كبيرة يمر بها الاقتصاد المصري 

وبين مؤيد لسياسات قائد الانقلاب الحالم وبين معارض لمشروعاته الخيالية تعرضت الصحف العالمية ووسائل الإعلام إلى قضية بناء عاصمة إدارية جديدة تكلف الدولة أكثر من طاقاتها في الوقت الذي ينهار فيه الاقتصاد المصري فكيف كانت رؤيتها؟!.

سراب في الصحراء 

تحدثت صحيفة لوموند الفرنسية في تقرير مطول نشرته مراسلتها هيلين سالون قالت فيه إن العاصمة الإدارية الجديدة عبارة عن سراب في الصحراء فللوهلة الأولى عندما تصل إلى مكانها في الفضاء الشاسع تجد مسجد الفتاح العليم والذي يبعد عن أقرب الأبنية إليه بـ 14 كيلومتر.

تحدثت سالون عن العاصمة الإدارية والتي وصفتها بأنها قطعة بحجم سنغافورة في الصحراء وقالت إن أول الأبنية التي تمت الانتهاء منها بشكل كبير هو قصر الرئيس على شكل قرص والذي يحظر الوصول إليه لأسباب أمنية أما بقية الأبنية فيعمل بها جيش من العمال والعسكر ولكن البناء فيها يتقدم ببطء.

كما أشارت إلى أن تلك العاصمة حال الإنتقال إليها كيف سيكون حال المواصلات في تلك المساحات الشاسعة غير أنها عالية التكلفة من حيث المعيشة ونمط الحياة فهي لم تبني إلا لمستوى معين من الطبقات الإجتماعية العالية.

طموحات الفرعون 

تحدثت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن طموحات قائد الانقلاب الذي يذكر بطموحات الفراعنة الذين بنوا الأهرامات والمباني الفارهة غير أن الفراعنة لم يمروا بتلك الأزمات الاقتصادية ولم يستدينوا من غيرهم.

وكشفت الصحيفة أن مصر التي اقترضت من صندوق النقد الدولي ثلاث مرات في أقل من عقد والتي تلقت مساعدات بالمليارات من دول الخليج الذين قاموا بتمويل الجنرال هي الآن أمام تحدي حقيقي وأزمة اقتصادية في ظل حاكم متطلع إلى التباهي بالأبنية والقصور.

ومن نيويورك تايمز إلى موقع فوكس الأمريكي الذي اتفق في الرؤية مع سابقيه إلا أنه أضاف أن السيسي يبني تلك العاصمة خوفاً من ثورة تقام ضده بسبب الأوضاع الاقتصادية.

أكد الموقع الأمريكي أن المكان الاستراتيجي الذي تتواجد به العاصمة الإدارية الجديدة يبعد عن قلب المدينة وهو ما يسمح لقائد الانقلاب بالاحتماء بها ويعزز من وضعه أمنياً وعسكرياً حال اندلاع ثورة ضده.

مدينة الأشباح 

فيله دويتشه القناة الألمانية الشهيرة تطرقت إلى العاصمة الإدارية في مصر من جهة اجتماعية مؤكدة أنها بنيت من أجل الأغنياء المقربين من السيسي وعلى الرغم من تسويق قائد الانقلاب وإعلامه لها إلا أن القليل من الشعب ذهب للمعيشة فيها.

كما أكدت القناة الألمانية أن العاصمة الإدارية الجديدة أصبحت مدينة أشباح وغير مرغوب فيها واستدلت على ذلك بالمحلات الشاغرة التي لا تجد الزبائن ومراكز التسوق التي أصبحت مهجورة بداخلها كما أنها أكدت أن أحد الأحياء بداخل العاصمة قد تم الانتهاء من تشيده تماماً ولا يسكنه غير خمس أشخاص فقط.

الخلاصة أن الصحف العالمية تطرق لبناء العاصمة الإدارية الجديدة بشكل سلبي على الرغم من تسويق قائد الانقلاب وإعلامه لها على أنها إنجاز للدولة المصرية إلا أنها تعد من الأسباب الحقيقة لانهاك خزينة الدولة وإثقالها بالديون والتكاليف لصالح إرضاء غرور الجنرال.

اقرأ أيضاً : غسيل السمعة ما بين “كوب 27″ بمصر و”كوب 28” بالإمارات