العدسة – جلال إدريس
هاجم تقرير أممي صادر عن “الفريق المَعْني بالاستعراض الدوري الشامل بمجلس حقوق الإنسان” التابع للأمم المتحدة أوضاع حقوق الإنسان في دولة الإمارات، على كافة المستويات والأصعدة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وفضح التقرير المكون من 17 صفحة، والذي يضم 79 نقطة هامة، الانتهاكات الخفية والعلنية التي تقوم بها دولة الإمارات في مجال حقوق الإنسان، ورصد تباطؤها بل وتعمدها عدم الانضمام للاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحفظ حقوق الإنسان وكرامته على جميع المستويات.
وحصلت العدسة على نسخة كاملة من التقرير الذي شارك فيه عشرات المنظمات الحقوقية، وتسبب في وضع النظام الإماراتي في حرج بالغ، وذلك خلال جلسة عملية الاستعراض الدوري الشامل الثالث لدولة الإمارات العربية أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.
تتهرب من المعاهدات الدولية
النقطة الأولى التي ارتكز عليها التقرير، هو تهرب دولة الإمارات، من الانضمام للاتفاقيات والمعاهدات الدولية المعنية بحقوق الإنسان في العالم، حيث أشار فريق العمل المعني بالأمم المتحدة إلى أن الإمارات، لم تنضم إلى المعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولا العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، على الرغم من العديد من التوصيات المقدمة في إطار الاستعراض الدوري الشامل لعامي 2008، و2013.
وأوصى التقرير بضرورة تصديق الإمارات على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبرتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والبروتوكل الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهنية، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
وأوصت الورقة المشتركة، أيضا، بضرورة التصديق الفوري للإمارات على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية مع الحد الأدنى من التحفظات.
تنتهك القانون بحجة مكافحة الإرهاب
رصد التقرير أن الإمارات تستخدم القانون كوسيلة مطاطة لمزيد من انتهاك حقوق الإنسان خصوصا عند التعامل مع ملف مكافحة الإرهاب.
وأعرب التقرير عن بالغ القلق إزاء القانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2014، بشأن مكافحة جرائم الإرهاب، حيث ذكر التقرير أن القانون ينص على عقوبة الإعدام بالنسبة للأشخاص الذين ثبت أن أنشطتهم “تقوض الوحدة الوطنية أو السلم الاجتماعي“، في حين أنه لم يعرف أي منهما في القانون.
وأبدت الورقة المشتركة في التقرير ملاحظات على أن القانون في الإمارات يمنح السلطات صلاحيات واسعة لمقاضاة المنتقدين السلميين، والمعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وتصنيفهم إرهابيين.
ولاحظ التقرير أن القانون يقدم تعريفا فضفاضا ومبهما جدا للإرهاب، وبموجب هذا القانون يمكن تمديد فترة الاحتجاز لدى الشرطة لثلاثة أشهر قابلة للتجديد من دون أن يكون ثمة إلزام بمثول المحتجز أمام قاض.
تواصل تنفيذ أحكام الإعدام
وفيما يتعلق بحق الفرد في الحياة والحرية والأمان على شخصه، فقد أشار التقرير إلى أن الإمارات تجاهلت ثماني توصيات بإلغاء عقوبة الإعدام، أو فرض وقف اختياري لتنيفذها، حيث أكد أن الامارات نفذت الإعدام في سجين واحد عام 2014، وآخر عام 2015، وواصلت المحاكم إصدار أحكام الإعدام.
وأشار التقرير إلى أن الإمارات لم تمتثل للتوصية الداعية إلى الحد من عدد الجرائم التي يمكن الحكم فيها بعقوبة الإعدام.
ولا تزال الإمارات – وفقا للتقرير – تحتفظ بعقوبة الإعدام على جرائم المخدارات غير العنيفة بموجب القانون الاتحادي لسنة 1995، في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية.
وأوضح التقرير أن قانون “مكافحة الجرائم الإرهابية” أنشأ العديد من الجرائم الجديدة التي يحكم فيها بعقوبة الإعدام، ويجيز القانون الحكم بعقوبة الإعدام أيضا في الجرائم التي يحظرها القانون الجنائي عندما ترتكب بنية إرهابية.
تمارس التعذيب في السجون
واتهم التقرير الإمارات بأنها تدير مرفقي احتجاز غير رسميين على الأقل، تقوم من خلالهما بإخفاء أشخاص بشكل قسري وتعريضهم للتعذيب، حيث أشارت مؤسسة “ريبريف” إلى ادعاءات خطيرة جدا بشأن التعذيب وإساءة معاملة الأفراد المحتجزين تعسفيا في تلك المراكز.
وبالرغم من انضمام الإمارات لاتفاقية مناهضة التعذيب منذ الاستعراض الدوري الشامل، فقد ذكرت مؤسسة الكرامة، خلال التقرير، أنه لم يجر القضاء على التعذيب في الإمارات، وأشارت المؤسسة إلى أنه في عام 2013، وفي أعقاب محاكمة الإمارات 94، ظهرت العديد من الادعاءات المطردة بحدوث التعذيب أثناء الاحتجاز.
وأعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها من استمرار سياسية التعذيب في أماكن الاحتجاز، بينما أعربت مؤسسة “ريبريف” عن قلقها على نحو خاص من استخدام الشرطة للتعذيب للحصول على اعترافات يعتمد عليها لاحقا أثناء المحاكمة، لكفالة إصدار الأحكام.
تضييق الحريات على المسلمين
وفقا للتقرير فإن الدستور الإماراتي ينص على ضمان حرية الدين إلا أنه ينص كذلك على أن الإسلام هو دين الدولة، وأن جميع مواطني البلد مسلمون حكما، وحرية الدين ممارسة الشعائر مقيدة حيثما كانت ممارستها قد تؤثر سلبا الإسلام.
لكن وفقا للتقرير فإنه يمكن لغير المسلمين ممارسة شعائرهم بحرية نسبيا، لكن تحظر مشاطرة المرء لدينة صراحة وعلنا مع المواطنين المسلمين.
لا تعترف بحق تكوين الجمعيات
وفقا للتقرير فإن الإمارات لم تنفذ أيا من المتوصيات المتعلقة بحرية تكوين الجمعيات، حيث يعتبر التنظيم النقابي للعمال غير قانوني في دولة الإمارات.
وتقتصر المشاركة في منظمات المجتمع المدني على المواطنين الإمارتيين، على النحو المنصوص عليه في القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 1974 في شأن الجمعيات ذات النفع العام.
وينبغي لجميع مؤسسي وأعضاء منظمات المجتمع المدني أن يكونوا حاملين الجنسية الإماراتية.
تجرم احتجاجات العمال
وفي هذا الإطار ذكرت الورقة المشتركة أن الدستور الإماراتي يضمن الحق في حرية التجمع ضمن حدود القانون، لكن في الممارسة العملية، تحظر جميع الاحتجاجات تقريبا.
وقد ترتقي الإضرابات إلى سلوك إجرامي بموجب قانون العمل، ويواجه المشاركون في الإضرابات الإيقاف عن العمل، وفي حالة العمال الأجانب ينطوي الإضراب على خطر الترحيل.
ترحل اللاجئين قسرا
كما أوصى التقرير بالتصديق على الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951 وبروتوكولها لعام 1967، وأوصى المعهد المعنى بانعدام الجنسية والاندماج بالانضمام إلى اتفاقيتي عام 54 ، و61.
تعتقل وتختفي المعارضين
وأشار التقرير إلى أن دولة الإمارات، تحتجز تعسفيا وأحيانا تخفي قسرا أي أفراد ينتقدون السلطات، وتواجه قواتها الأمنية، ادعاءات بشأن تعذيب الممحتجزين في الإمارات العربية واليمن على السواء.
وفقا لما ذكرته منظمة “هيومن رايتس ووتش” في التقرير فإن الإمارات تصر على احتجاز تعسفي لأفراد انتقدوا السلطات وتواجه قواتها الأمنية إدعاءات بشأن تعذيب المتحتجزين في الإمارات واليمن على حد سواء.
لا تراعي اتفاقيات الحفاظ على البيئة
أعرب التقرير عن القلق البالغ إزاء أعمال التشييد الجارية في الإمارات، من أجهل تهيئة جزر من صنع الإنسان.
وقال التقرير إنه وفقا لما أفادت به منظمة الدفاع عن ضحايا العنف، فإن الإمارات لا تولي اهتماما كافيا لحماية التنوع البيولوجي.
وذكرت المنظمة أن من بين أكثر الآثار البيئية تدميرا تهديد أمن الطيور المهاجرة وتدمير الغطاء المرجاني الحي، وتغيير التدفق الطبيعي للمياه، وتدمير طبيعة قاع البحر.
اضف تعليقا