في صفعة جديدة وجهتها محكمة العدل الدولية لدول الحصار، أقرت محكمة العدل الدولية باختصاص مجلس منظمة الطيران المدني الدولي “إيكاو” في النظر بالقضية التي رفعتها قطر ضد الدول الأربع حول انتهاك حقوقها بحظر الطيران الجوي.

ويضاف هذا الحكم إلى سلسلة من القضايا التي كسبتها الدوحة، في المحافل العالمية على مدار السنوات الثلاث الماضية، بعد اندلاع الحصار الذي فرضه السعودية والإمارات والبحرين ومصر عام 2017، بفرض حظر بحري وجوي وبري على قطر بدعوى دعمها للإرهاب، وهو ما نفته الدوحة بشدة، مؤكدة أنه سعي للتحكم في قرارها السيادي.

قرار مفصلي

وفي تطور جديد يحسم القضية وينسف ادعاءات دول الحصار، رفض قضاة محكمة العدل الدولية، في الجلسة التي انعقدت بمقرها في لاهاي (في 14 يوليو 2020)، بالإجماع الحجج التي قدمتها الدول الأربع إلى مجلس “إيكاو” بعدم الاختصاص في الملف.

وقال رئيس محكمة العدل الدولية، عبد القوي أحمد يوسف، إن المحكمة ترفض بالإجماع قبول الاستئناف المقدم من الدول الأربع حول قضية الحظر الجوي المفروض على دولة قطر.

كما شددت المحكمة على أن قطر بذلت “جهوداً صادقة بالتواصل مع الدول الأربع؛ للتفاوض قبل لجوئها إلى منظمة الطيران المدني الدولي”.

وتعود أحداث القضية المرفوعة في محكمة العدل الدولية (أرفع هيئة قضية في الأمم المتحدة)، إلى أكتوبر من عام 2017، حيث تقدمت الدوحة بشكوى إلى مجلس منظمة الطيران المدني الدولي “الإيكاو”، ثم تقدمت بشكوى أخرى بعدها تم تسجيلها بموجب الفقرة الثانية من المادة الـ2 من الاتفاقية الدولية لخدمات العبور الجوية لعام 1944 ضد كل من البحرين والإمارات ومصر.

وعرضت قطر ضمن القضية التي رفعتها “الانتهاكات كافة التي ارتكبتها الدول الأربع، بسبب عدم الامتثال لأحكام اتفاقية شيكاغو والاتفاقية الدولية لخدمات العبور الجوية، حيث طلبت من مجلس الإيكاو الفصل في قضية حظر الطيران وإعلانه كإجراء غير قانوني”، وفقاً لصحيفة “الشرق” القطرية.

وكانت المنظمة قررت في 2018، أنها تملك الصلاحية القانونية للبت في خلاف يتعلق بطلب قطر، التي تتهم الدول المجاورة لها بانتهاك اتفاق ينظم حرية عبور الطائرات المدنية في الأجواء الخارجية.

لكن دول الحصار سارعت إلي معارضة القرار، وطلبت من “العدل الدولية” إبطال قرار اتخذته منظمة الطيران المدني الدولي التابعة للأمم المتحدة وكان لصالح الدوحة، مؤكدة أن منظمة الطيران المدني ليست الهيئة المخول لها البت في هذا الخلاف، وطلبت من قضاة محكمة العدل الدولية أن يعلنوا قرار هيئة الطيران “باطلاً وملغىً”، وهو ما انتهى بقرار المحكمة الجديد.

وفي يونيو 2018، رفعت قطر إلى محكمة العدل الدولية خلافها مع الإمارات، متهمةً إياها بـ”انتهاك حقوق الإنسان” بعد “الحصار” الذي فُرض على الدوحة.

وأمرت محكمة العدل الدولية إثر ذلك، الإمارات بحماية حقوق المواطنين القطريين، خصوصاً لمّ شمل العائلات التي انفصل أفرادها، والسماح للطلاب بمواصلة دراساتهم، وتنظر محكمة العدل الدولية في الخلافات بين الدول، لكن قراراتها لا تتصف بطابع إلزامي لتنفيذها.

ترحيب قطري

وفي الوقت الذي قللت فيه دول الحصار من أهمية القرار، رحبت قطر برفض الاستئنافين المرفوعين أمام محكمة العدل الدولية، وقال مكتب الاتصال الحكومي في بيان: إنه “بناء على الحكمين الصادرين، من المقرر أن يستأنف مجلس منظمة الطيران المدني الدولي إجراءات فض النزاع في الشكوى المقدمة من دولة قطر”.

فيما قال وكيل قطر لدى محكمة العدل، محمد بن عبد العزيز الخليفي، إن “الحكم جاء بإجماع آراء أعضاء هيئة المحكمة، ومن ضمنهم القاضي الخاص الذي عينته دول الحصار، وحقيقةً هذه من الحالات النادرة التي يصوّت فيها القاضي الخاص المُعين من قِبل دولة ضد الدولة التي عينته، وهذه دلالة على ضآلة هذه الدفوع وعدم قوتها أمام المحكمة”.

وبخصوص الخطوة القانونية المقبلة، أوضح الخليفي أن “مجلس الإيكاو أعطى الدول الأربع مدة معينة للرد على الشكوى القطرية، وهذه المدة ستنقضي استناداً إلى الموعد المحدد بعد 7 أيام من الآن.. لدى هذه الدول الآن 7 أيام للرد خطياً على الشكوى القطرية المقدمة منذ بداية تقديم هذه الشكوى إلى المنظمة”.

وأضاف: إنه بعد ذلك “يصدر المجلس ما يراه مناسباً إما بإعطاء الأطراف جولة أخرى من المذكرات الخطية وإما بالتوجه مباشرة إلى المرافعات الشفوية، وتقدير ما يراه المجلس للرد على الطلبات القطرية المباشرة بشأن هذه المخالفات الصريحة للاتفاقية”.

من جهته، قال أليكس ماتشيراز، المحلل المتخصص بشؤون الطيران المدني، إن “إيكاو” لم تواجه خلال 70 سنةً قضية من هذا القبيل، “خاصةً رفض دول الحصار السماح للمنظمة بالبت في المنازعة، وقاموا برفعها إلى محكمة العدل الدولية”.

وأكد ماتشيراز لقناة “الجزيرة”، أن المحكمة اقتنعت بأن قطر على نحو محق حاولت أن ترفع الحظر الجوي من خلال منظمة “إيكاو”، وأن المنظمة لها اختصاص قضائي كامل؛ لكونها قضية ملاحة جوية وليست قضية سياسية أو نزاعات سياسية.

وشدد على أن هذا القرار قد طمأن العالم، وأن “إيكاو” هي الهيئة التي يجب أن تنظر في اتفاقية “شيكاغو” الخاصة بالطيران، وأيضاً اتفاقية المرور العابر للخدمات الجوية “إيستا”، ومن ثم لا يمكن التمييز بين دولة وأخرى أو جنسية طائرة وأخرى.

رد سعودي

وفيما اعتبره مراقبون رداً سعودياً علي قرار محكمة العدل الدولية، قررت الهيئة العامة للمنافسة في السعودية اليوم الثلاثاء إلغاء ترخيص شبكة “بي إن سبورت” والتي منع بثها في المملكة منذ منتصف 2017 بسبب الخلافات مع دولة قطر.

وقالت الهيئة السعودية في بيان عبر موقعها على الإنترنت إنها فرضت غرامة على شبكة “بي إن سبورت” بقيمة عشرة ملايين ريال (2.67 مليون دولار) بسبب الممارسات “التي تخالف نظام المنافسة”.

ووفق البيان، ألزمت الهيئة مجموعة القنوات القطرية، برد جميع المكاسب التي حققتها، نتيجة انتهاكها لنظام المنافسة ولائحته التنفيذية، بحسب تعبيرها.

وبحسب وسائل إعلام سعودية، أكدت الهيئة أنه بعد إجراء التحقيقات وجمع الاستدلالات اللازمة في الموضوع، اتضح استغلال قنوات «بي إن سبورت» هيمنتها في القيام بممارسات احتكارية.

وادعت الهيئة، أن مجموعة قنوات «بي إن سبورت» ألزمت الراغبين في مشاهدة بثها الحصري لمباريات كأس أمم أوروبا 2016، بالاشتراك في باقات أخرى لا تتضمن قنوات رياضية، وأجبرت المشتركين على دفع اشتراك الباقة لمدة سنة، وهو ما يعد مخالفة صريحة لنظام المنافسة.

ويأتي هذا القرار، بعد أيام من إدانة لجنة التسوية في منظمة التجارة العالمية في 16 يونيو/ حزيران الماضي، لانتهاك السعودية حقوق الملكية الفكرية ، وقرصنة” حقوق بث قنوات “بي إن سبورت beIN”، التابعة لشبكة الجزيرة القطرية من خلال شبكة قنوات «بي آوت كيو»، التي عملت على بث بطولات ومسابقات عالمية تمتلك «بي إن سبورت» حقوق نقلها، في شرق آسيا وشمال إفريقيا وبعض المناطق الأخرى في العالم.

وأمرت المنظمة، السعودية بالامتثال لقواعد الملكية الفكرية العالمية، وقضت بأن عدم اتخاذ المملكة إجراء ضد «بي آوت كيو»، يعد خرقا لقواعد المنظمة.

وتعصف بالخليج منذ 5 حزيران /  يونيو 2017 أزمة كبيرة، بعدما فرضت كلاً من السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصاراً علي دولة قطر، وقطعت علاقاتها معها، بدعوى “دعمها للإرهاب”.

وفي الشهر ذاته، أصدرت الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع في السعودية، قرارا بإيقاف استيراد أجهزة استقبال قنوات “بي إن” الرياضية، وإيقاف بيع وتجديد اشتراكاتها.

وعقب حظر السعودية قنوات “بي إن سبورت” القطرية، ظهرت قناة تحت اسم “بي آوت كيو” قامت بنقل إشارة بث القناة القطرية، وبدأت تقديم محتوى البث الرياضي الحصري للقناة القطرية، دون حصولها على أي حقوق لبثها.

اقرأ أيضًا:  لو باريزيان الفرنسية: الدول التي فرضت حصاراً علي قطر ستقدم للعدالة أخيرا