في وقت سابق من هذا الشهر أصدرت منظمة العفو الدولية بيانًا انتقدت فيه بدء النظام الإماراتي المحاكمة الجماعية لـ 84 من المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين والنشطاء، مؤكدة أن هذه المحاكمة مسيسة وتنتهك حقوق المتهمين في محاكمة عادلة، وتتجاهل المبدأ القانوني الأساسي من خلال إعادة محاكمة بعض المتهمين بنفس التهم التي أُدينوا بها قبل عقد من الزمن.

وأوضحت المنظمة أن ما لا يقل عن 65 من المتهمين المعروفة أسمائهم في هذه القضية محتجزين تعسفيًا بالفعل داخل السجون الإماراتية، منهم 62 شخصًا انتهت مدة محكوميتهم قبل فترة، إذ كانوا معاقبين بالسجن في القضية المعروفة باسم “الإمارات 94”.

ويتهم النظام الإماراتي المتهمين في القضية الجديدة بتشكيل “تنظيم إرهابي سري”، بالرغم من أن معظمهم معتقل منذ أكثر من عقد من الزمان، ولا يسمح لهم بالتواصل مع العالم الخارجي.

على مدار فترة احتجازهم، تعرض هؤلاء المعتقلون لجملة من الانتهاكات الجسيمة لأبسط حقوقهم، بما فيها الحق في محاكمة عادلة، إذ سيطرت السلطات على شهادات الشهود، ولم تقدم دليل واضح وقطعي على التهم الموجهة لهم، بل لم تسمح لمحاميهم بالاطلاع على ملف الاتهام ليتسنى لهم الدفاع عنهم حسب القانون، بل مُنع المحامون والعائلات من حضور جلسات المحاكمة التي بدأت في 7 ديسمبر/كانون الأول 2023.

وجاء في البيان على لسان آية مجذوب، نائبة المدير الإقليمي للشرق الأوسط بمنظمة العفو الدولية “الإمارات العربية المتحدة تسخر من العدالة من خلال محاكمة العشرات من المتهمين بتهم غير محددة بموجب لائحة اتهام ظلت سرية حتى الآن… حتى شهر مضى، لم تعترف الإمارات العربية المتحدة حتى بإجراء المحاكمة، على الرغم من انعقاد الجلسة الأولى لهذه المحاكمة ذات الدوافع السياسية في نفس فترة انعقاد قمة المناخ”.

وأضافت مجذوب “من المثير للسخرية أن تتهم السلطات الإماراتية عشرات المتهمين بنفس الاتهامات التي أدينوا بها بالفعل منذ أكثر من عقد من الزمن… هذا انتهاك صارخ للمبدأ القانوني الأساسي الذي يمنع تكرار محاكمة نفس الشخص على نفس الجريمة”.

لم يتم الإعلان عن أسماء القائمة الكاملة للمتهمين، لكن من بين من عُرف منهم: نشطاء حقوق الإنسان الإماراتيين المعروفين محمد المنصوري، ومحمد الركن، وأحمد منصور.

وكانت السلطات الإماراتية قد أعلنت عن هذه المحاكمة عبر وكالة الأنباء الرسمية (وام) في 6 يناير/كانون الثاني – بعد شهر من بدء المحاكمة بالفعل، وبناءً على معلومات من عائلات المتهمين وبيان وكالة أنباء الإمارات (وام) المنشور، يبدو أن الاتهامات موجهة بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 2014 وتستند إلى العضوية المزعومة في هيئة العدالة والكرامة، وهي فرع من حركة الإصلاح، والتي تعتبر تكون النسخة الإماراتية من جماعة الإخوان المسلمين.

وعلى حد تعبير قرار الاتهام والحكم الصادر في عام 2013، فإن اللجنة “تعهدت بتوعية المجتمع بحقوقه”، و”نشرت مقالات حول تلك الحقوق”، و”عملت على التواصل مع المنظمات الحقوقية الدولية”.

أي مشاركة للمتهمين مع هيئة العدالة والكرامة توقفت بالفعل عندما تم القبض عليهم في 2012-2013، أي قبل صدور قانون مكافحة الإرهاب لعام 2014. وعلى هذا النحو، فإن هذه الاتهامات تنتهك المبدأ القانوني الأساسي المتمثل في عدم تطبيق العقوبات الجنائية بأثر رجعي، فضلاً عن انتهاك المبدأ القانوني الأساسي المتمثل في تحديد الذنب الفردي المتأصل في المحاكمات الجماعية.

وحول هذه الخروقات قالت آية مجذوب “يبدو أن هذه المحاكمة هي محاولة ذات دوافع سياسية واضحة لترهيب الناس وإجبارهم على الصمت، وضمان بقاء المعارضين في السجن لأطول فترة ممكنة، حتى لا يتمكنوا من الوقوف بوجه السلطات، أو التحدث علناً عن الوضع المزري لحقوق الإنسان في البلاد… الإجراءات المتبعة في هذه المحاكمة مليئة بالانتهاكات والخروقات القانونية”.

وتابعت “في جلسة في 11 يناير/كانون الثاني، سلمت السلطات شاهد إثبات ورقة طلبوا منها قراءتها أثناء الشهادة. هذه محاكاة ساخرة بشعة للعدالة بكل الطرق الممكنة من قبل حكومة تدعي أنها تمثل التقدم والتنمية الدوليين.

وفي تصريح لأحد أقارب أحد المتهمين “لم يقرأ أحد ملفات المحكمة… لم يتحدث أحد مع المتهمين… نحن ممنوعون من الحضور … المحامون يخضعون لأمر صارم بعدم التحدث مع السجناء أو أسرهم، وعدم تزويدهم بأي معلومات أو تفاصيل عن القضية”.

وقد كشفت إحدى العائلات إنها أنفقت التي تحدثت مع منظمة العفو الدولية حتى الآن ما يزيد عن 10,000 دولار أمريكي على الرسوم القانونية، على الرغم من أن المحامي الذي عينته الأسرة لم يطلعها على وثيقة واحدة من القضية، ولم يبلغها بما يحدث في جلسات الاستماع بموجب قرار صادر من السلطات. 

بينما قال آخر لمنظمة العفو الدولية إنهم استُبعدوا من حضور معظم الجلسات، وأكد أنه في إحدى الجلسات احتجزت السلطات العائلات في غرفة منفصلة لمشاهدة بث بالفيديو للإجراءات، ولكن دون أي صوت.

الجدير بالذكر أن عدد كبير من أفراد العائلات يُمنع من حضور جلسات الاستماع لأن السلطات ترفض منحهم الإذن اللازم للحضور.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا