دائماً ما يحلم الأفراد الذين ينحدرون من البلاد التي تعاني اقتصادياً وعلى رأسها بلدان قارة أفريقيا ودول شرق آسيا بالعمل في دول الخليج، وأهمهم دولة الإمارات الغنية بالنفط والتي اشتهرت مؤخراً بالأعمال الإنشائية والسياحية.
لكن عندما يصلون هؤلاء الأفراد المهاجرون إلي “أرض الأمل” كما أطلق عليها البعض، فإنهم يقابلون جحيماً من نوع آخر في بلد تعد العمالة الأجنبية فيها 90% من إجمالي عدد السكان.
المهاجرون في الإمارات يتعرضون للسجن والتعذيب والضرب نساءاً ورجالاً وأحياناً يتم ترحيلهم دون وجه حق، ويتم الاستيلاء على وثائقهم الرسمية من قبل الحكومة أو حتى من الكفيل الخاص بهم، ولا يملكون أي قدرة للدفاع عن أنفسهم في بلد يقنن الفساد والتمييز والعنصرية.
إمارات الخير الذي يتحدث عنها محمد بن زايد في الأوساط الإعلامية، تحمل بداخلها كل الشر والسوء لهؤلاء العمال المساكين، حتى شبهت عدة تقارير دولة الإمارات بأنها مثالاً حي للعبودية.. فكيف نكلت الإمارات بالعمال المهاجرين ومارست تجاههم التمييز والعنصرية؟!.
العبودية الحديثة
تحدثت عدة صحف ومجلات عالمية عن حالة الاضطهاد والتمييز التي يواجهها العمال الأفارقة في دولة الإمارات، ومن أبرز تلك الأوساط الإعلامية مجلة “هارفارد إنفورميشن ريفيو” التي أصدرت تقريراً تحت عنوان “رهينة في الإمارات”.
أبرز التقرير حالة العمالة الأجنبية وما تمر به من معاملة سيئة بشكل يومي تتنافى مع أبسط معايير التعامل الإنساني، والتي ترتقي إلى حالة الاستعباد وقد أطلق عليه “العبودية الحديثة”.
تحدث التقرير عن نظام الكفالة الإماراتي الذي ينص على رعاية العمال المهاجرين بشكل أساسي، والذي يمنحهم حقوقاً أساسية على شكل إجازة سنوية وإجازة أمومة ودفع الأجور بشكل منتظم، كما يحذر القانون على أصحاب العمل الاستيلاء على جوازات السفر الخاصة بالعمال، كما أمهم في القانون لا يجب أن يعملون أكثر من ثماني ساعات يومياً.
ذلك ما ينص عليه القانون الإماراتي أما في الحقيقة، فإن ذلك لا يحدث مطلقاً حيث أنهم يعملون لعدد ساعات طويل خلال اليوم ويتعرضون لأشعة الشمس، كما أنهم يقيمون في أماكن غير صالحة آدمية هي عبارة عن معسكرات وتكون مزدحمة بشكل خانق.
علاوة على ذلك، فإن أرباب العمل يتأخرون في دفع رواتبهم لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر في بعض الأحيان، كما تفرض عليهم الحكومة رسوم توظيف ما يجعل العمل حكراً على الكفيل، كما أنهم مجبرين على أخذ الإذن منه قبل التوظيف.
من ناحية أخرى لا يستطيع هؤلاء العمال أو الموظفين من دشين نقابة للعمال المهاجرين كي تدافع عن حقوقهم أو أن تكون صوتاً لهم، لذلك يشرع أرباب العمل بالتعاون مع أفراد الشرطة للترهيبهم وتخويفهم وأحياناً تعذيبهم وضربهم وتعرضهم للترحيل.
تواطؤ السلطات
تواطئت السلطات الإماراتية مع الشركات الكبرى وأصحاب العمل ضد العمال المهاجرين، فقد قامت الشرطة بكسر إضراب نظمته مجموعة من الموظفين في شركة البناء “أرابتك”، فقاموا بفضه بالقوة واعتقلوا الموظفين ومن ثم بدأوا بترحيل العشرات منهم.
وكذلك شركة “ألتريد” الفرنسية في الإمارات والتي تركت الموظفين دون راتب لمدة زادت عن ثلاثة أشهر حتى أضرب 500 عامل منهم في عام 2020 فقامت الشرطة بالقبض عليهم وترحيلهم.
مثلها جامعة نيويورك وهيلتون ومتحف اللوفر وغوغنهايم والمتحف البريطاني جميعا قاموا بإجراءات تشبه العبودية مع الموظفين الأجانب وقد تواطأت الشرطة الإماراتية معهم وقامت بالتنكيل بالعمال قبل ترحيلهم.
الخلاصة أن العمال المهاجرين وأغلبهم من الأفارقة ودول شرق آسيا التي تعاني من مشكلات اقتصادية حادة، ذهبوا للإمارات من أجل إيجاد قوت عيشهم، لكن أرباب العمل بمساعدة حكومة محمد بن زايد نكلت بهم وتعاملت معهم كالعبيد في زمن انتهت به العبودية.
اقرأ أيضاً : العلاقات المصرية الإماراتية هيمنة تامة للسيطرة على القرار السياسي!
اضف تعليقا