العدسة – معتز أشرف
يشكل السود نحو 12% من الشعب الأمريكي، ولكن منذ وصول الرئيس الأمريكي الأبيض دونالد ترامب إلى سدة الحكم في البيت الأبيض، وقد تصاعدت حدة الجرائم ضدهم بشكل غير مسبوق، وفق آخر الإحصائيات الأمريكية، ما فجر الغضب في التجمعات والعائلات المتضررة مجددًا، وعادت الهتافات من جديد تندد بالعنصرية و”ترامب” وتاريخه العنصري، وهو ما نرصده .
غضبة السود!
فعاليات غاضبة بمدينة شيكاغو بولاية إلينوي الأمريكية، انطلقت شرارتها، الاثنين؛ احتجاجًا على سياسيات الرئيس دونالد ترامب، والعنف الذى تستخدمه الشرطة ضد السود، والذي أودى بحياة الكثير من المواطنين بعموم البلاد، لاسيما من أصحاب البشرة السوداء، وانطلقت المظاهرات من حديقة “برج المياه، وانتهى بها المطاف عند برج الرئيس “ترامب”، وسط المدينة، بمشاركة عائلات شباب لقوا حتفهم بسبب عنف الشرطة، ومن بينهم أسرة الشاب الأسود لاكوان ماكدونالد، البالغ من العمر 17 عامًا، الذي قتل عام 2015 على يد الشرطة بعد ضربه بـ16 رصاصة من مسافة قريبة في حادث هزّ الولاية الأمريكية، وردد المحتجون هتافات رافضة للعنف والسياسات الأمريكية، من قبيل: “لا لإرهاب الشرطة العنصري”، و”بدون عدالة لن يكون هناك سلام”، و”حياة السود لها أهميتها”، وذلك بعد شهر تقريبًا من تنظيم فعاليات غاضبة أمام الأمم المتحدة احتجاجًا على عنصرية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد السود، والمهاجرين السود وعنصريته للبيض.
وتعد أحداث مدينة شارلوتسفيل بولاية فيرجينيا، أغسطس 2017 الماضي، أبرز ثمار العنصرية الصاعدة في عهد الرئيس الأبيض، وفضحت الأحداث “ترامب”، حيث أدان الجماعات البيضاء المتطرفة، ثم تراجع عن ذلك، ما دفع شخصيات بارزة في الحزب الجمهوري الأمريكي للرد بغضب على تصريحاته التي ألقى فيها باللوم على كلا الجانبين في الاشتباكات العنيفة التي اندلعت في المدينة، وردد كثيرون تصريحات رئيس مجلس النواب بول ريان التي قال فيها: “إن فكرة تفوق العرق الأبيض أمر مثير للاشمئزاز، ولا يمكن أن يكون هناك أي التباس أخلاقي في ذلك الأمر”.
عنصري بالفطرة!
وبحسب صحيفة هافنجتون بوست الأمريكية، فإن “ترامب” له تاريخ طويل من التصريحات العنصرية والمسيئة حيث قاضته وزارة العدل مرتين لرفضه العمل مع أشخاص سود، وأثناء رئاسة دونالد ترامب لمجموعة الشركات العقارية التي تملكها عائلته، قاضته وزارة العدل لأنه لا يوافق على بيع أو تأجير منازل لعائلات أو أشخاص سود في بروكلين وكوينز، عام 1973، فضلا عن أن العاملين في كازينوهات “ترامب” في أتلانتيك سيتي، ونيوجيرسي، اتهموه بالعنصرية تجاه السود على مدار سنوات، وكان عندما يصل هو وزوجته إلى الكازينو أو الفندق يطلب من العاملين إخراج كافة الأمريكان من أصل إفريقي، وكان يصف العاملين في الفندق من السود بالكسالى، وكان يدعو دائما بفصلهم من العمل، وفق الصحيفة، التي رصدت تجنب “ترامب”، ثلاث مرات على التوالي، إدانة أو إعلان رفضه لما يفعله المتعصبون البيض المؤيدون له، وكان من بينهم ديفيد دوك قائد السابق لحركة كو كلوكس كلان، والذي أخبر مستمعيه في برنامج إذاعي أن التصويت لأي مرشح أخرى سواه سيكون خيانة لثقافتهم وتاريخهم الأمريكي، وبحسب الصحيفة، فقد شن “ترامب” هجومًا علي الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما؛ بسبب بشرته السمراء، واعتبره رئيسًا غير شرعي، وفي تجمع انتخابي خاص به أثناء الحملة الانتخابية هاجم مؤيدو “ترامب” أمريكان من أصل إفريقي، وانتشر الفيديو على مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي لأحد الشباب، الذي ركل الرجل الإفريقي بعد وقوعه على الأرض، وفي اليوم التالي للاعتداء، قال “ترامب” إن المهاجمين كان لهم أسبابهم، كما نقلت شبكة “إن بي سي” الأمريكية روايات نساء من ذوات البشرة السوداء، لرفض دونالد ترامب ووالده في وقت سابق السماح لهن بالحصول على وحدات سكنية في عقارات تابعة لهما.
مستوي غير مسبوق!
وخلال الفترة البسيطة التي قضاها “ترامب” في البيت الأبيض، زادت وتيرة لافتات العنصرية في أرجاء الولايات المتحدة الأمريكية، وفق تقارير حقوقية، ومن أبرز هذه الاتهامات أن الرئيس الجمهوري يسعى إلى رسم خط خفي للتمييز بين الأمريكيين البيض والسود، ووفق أبحاث أجراها “مركز الفقر الجنوبي القانوني” (SPLC) فإن كلًّا من خطابات العنصرية وضغوطات اليمين المتطرف على أصحاب التوجهات الأخرى في الولايات المتحدة شهدت زيادة مع استلام “ترامب” الحكم.
ومعلقة على هذه النتيجة، قالت مديرة المركز، هايدي بيريج، إن تصريحات وسياسات “ترامب” زادت من حدة العنصريين البيض، وأشارت “بيريج” إلى أن “ترامب” وصف القارة الإفريقية بـ”حفرة القذارة”، وهو ما يردده البيض العنصريون باستمرار، وحسب تقرير للمركز، عام 2017، يبلغ عدد جماعات الكراهية في الولايات المتحدة 954، بزيادة 4% عن عام 2015، ومن بين هؤلاء فإن عدد جماعات العنصريين البيض هو الأكبر، ما أدى بالمقابل إلى زيادة عدد جماعات العنصريين السود، وفق التقرير الحقوقي.
ومن أبرز جرائم الكراهية والعنصرية من توليه مقاليد البيت الأبيض: تشويه منزل لاعب كرة السلة الأمريكي ليبرون جيمس بعبارات عنصرية، حيث قام المخربون بكتابة كلمة “زنجي” على بوابة منزله في مدينة لوس أنجلوس، كما طعن رجل أمريكي من أصول إفريقية بخنجر خارج منزله في ولاية إلينوي، كما قام الجندي السابق جيمس هاريس جاكسون، بطعن عامل نظافة أسود في ولاية نيويورك الأمريكية لأسباب عنصرية، مؤكدًا أنه لا تعجبه العلاقات بين الرجال السود والنساء البيض.
وبحسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، فقد شهدت أمريكا زيادة في المخاوف من العنصرية منذ انتخاب الرئيس الأمريكى دونالد “ترامب” حيث بلغت مستوى قياسيًّا، وباتت “مشكلة كبيرة” أكثر من أي وقت مضى خلال العقدين الماضيين، وأظهر استطلاع لمركز بيو الأمريكى لاستطلاعات الرأي أن 58 % يقولون إن العنصرية “مشكلة كبيرة” الآن في الولايات المتحدة، وأنها بلغت مستوى قياسيًّا لم يسجل منذ عام 1995.
وفي تأكيده لحقده ضد السود الأمريكان، كشفت صورة نشرها البيت الأبيض لمتدربي “ربيع 2018″، يتوسطهم الرئيس دونالد ترامب، عن شبه غياب لأصحاب البشرة السوداء، وقالت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير لها، إن الصورة تشير إلى أن التنوع في المؤسسات الحكومية ليست مشكلة في المستويات العليا فقط، بل إنها تبدأ من القاع، لافتة إلى أن هذه المشكلة استرعت الانتباه منذ الأيام الأولى لرئاسة “ترامب”، وتابعت، أنه حينما استقالت أوماروزا مانيجولت نيومان، من منصبها كمديرة للاتصالات بمكتب العلاقات العامة والتنسيق في البيت الأبيض، في كانون الأول، كان ذلك مؤشرًا على غياب الأمريكيين الأفارقة عن المناصب العليا بالبيت الأبيض في عهد “ترامب”، حيث كانت المستشارة السوداء الوحيدة.
أرقام خطيرة!
وتتحدث الاستطلاعات الأمريكية عن أن أسر الأمريكيين السود تعاني من عدم استقرار مادي، مقارنة بأسر البيض التي يزيد معدل دخلها 13 ضعفًا عن أسر السود، ووفق مكتب الإحصاء الأمريكي، فإن عدد الأمريكيين الذين يعيشون تحت خط الفقر يبلغ 14.5 %، وتتفاوت هذه النسبة داخل المجتمع، حيث تصل بين السود إلى 27 %، وبين البيض إلى 9.6%، أما أرقام وزارة العمل الأمريكية فإنها تشير إلى أن معدل العاطلين عن العمل بين السود يبلغ 13%، وبين البيض 6%، كما أن معدلات ارتكاب الجريمة بين السود أعلى بـ6 أضعاف مما هي عليه بين البيض، وأن أعمار السجناء السود تترواح بين 25-39 عامًا، وأن السجناء السود في أعمار 18-19 أكثر من نظرائهم البيض بـ 9 أضعاف، كما أن الأحكام التي تعطى للسود أقسى بـ 10 أضعاف مما تعطى للبيض، مقابل ارتكاب نفس الجرم الجنائي.
منظمة “ههيومن رايتس ووتش“، تشير إلى أن معدل تعاطي المخدرات والاتجار بها متساوية بين البيض والسود، إلا أن معدل المسجونين بين السود أكثر من البيض، وبحسب إحصائية حديثة فأن غالبية الأمريكيين من أصول إفريقية يعتقدون بأن التمييز العنصري ما زال قائمًا في الولايات المتحدة الأمريكية على صعيد النظام القضائي للبلاد، مرورًا بصناعة الأفلام إلى الحياة اليومية، حيث يبين مركز بيو للدراسات أن 70 % من السود يرون أنهم يتعرضون لمعاملة عنصرية غير متكافئة مع البيض من قبل 68% من الشرطة، و54 % من محاكم البلاد، و54 % من أماكن العمل، و51 % من المدارس، و44% من المطاعم.
اضف تعليقا