الأسبوع الجاري شهد مواقف متباينة لبعض الأندية الرياضية في بريطانيا حول أبرز قضايا حقوق الإنسان حول العالم، حيث أثبت بعضها أن المصالح التجارية يجب أن تنحى جانباً أحياناً لصالح حقوق الإنسان، ولا يجب أن تكون عائقاً أمام مسؤولياتهم الاجتماعية، في حين أثبت الآخر أن الأهم هو المصلحة التجارية.
ليفربول، لنادي العريق الذي يشارك في بطولة الفيفا لكأس العالم للأندية بصفته بطل أبطال أوروبا، أصدر بياناً دبلوماسياً، لغته مهذبة ومنمقة وواضحة، يطالب فيها بتحسين أوضاع العمال المهاجرين الذين يعملون في الخليج.
البيان صدر بعد مناشدة العديد من النشطاء للنادي بأن يستخدم شهرته وقوة سمعته لتسليط الضوء على وفاة العديد من الشباب الذين يعملون في مشاريع بنائية في حرارة مرتفعة، أشبه بحرارة الفرن عند خبز “الخُبز”، وعليه قام رئيس النادي بيتر مورن
بمطالبة ا قطر بالتصدي بجدية لمخاطر الإجهاد الحراري للعمال، وفتح تحقيقات عاجلة في أي وفيات جراء هذا السبب.
كما طالب النادي بتعويض الأسر تعويضاً مناسباً، وأن تُفتح أمامهم كافة السبل القانونية للانتصاف وتحقيق العدالة.
ومع ذلك، جاءت تلك الدعوات بطريقة حذرة، حيث قال النادي معقباً على البيان: “لا نزال منظمة رياضية، ومن المهم ألا ننجر إلى القضايا الدولية بموجب مكان مشاركتنا في المباريات المتعددة وما يمليه جدول مبارياتنا علينا”.
من ناحية أخرى، قام نجم خط الوسط بنادي أرسنال، اللاعب الألماني من أصول تركية، مسعود أوزيل، بانتقاد صريح على حسابه الرسمي على “انستغرام” لجرائم الصين ضد مسلمي الأويغور في شينجيانغ، الذين يعانون من الاضطهاد والسجن الجماعي داخل معسكرات صينية.
وعلى النقيض من موقف “ليفربول” نشر “الأرسنال” بياناً رسمياً، عبر وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، تبرأ فيه من كلام اللاعب وقال انه غير مسؤول عما صدر عن “أوزيل” من تصريحات، وأنه لا يمثل إلا نفسه.
جاء ذلك البيان بعد رد الفعل الرسمي والشعبي الدفاعي القوي في الصين، وليثبت بلا شك أن الأرسنال فضل الحفاظ على شعبيته ومصالحه التجارية داخل الصين، وأكد النادي أنه مؤسسة رياضية لا ولن تشترك في السياسة.
الحياد بشكل عام يعتبر جيداً إذا تحلت به مؤسسات رياضية كبيرة، ولكن يجب أن يكون بحدود، فكل الأندية البريطانية لديها الآن سياسات قوية مناهضة للتمييز، وترفض العنصرية من قبل أنصارها ومشجعيها.
من ناحية أخرى فإن العنصرية تصرفاً لن يتسامح معها لاعبو كرة القدم في العصر الحالي كما تحملها اللاعبون من قبلهم، على سبيل المثال، اللاعب رحيم ستيرلينغ تحدث بصراحة للإعلام عن التمييز، وكاد فريقه، فريق إنجلترا، أن يترك الملعب وسط صيحات المشجعين العنصرية في أثناء مباراة له في بلغاريا في شهر تشرين الأول/ أكتوبر”.
اليوم، أصبح الرياضيون يستخدمون مواقعهم الخاصة، والعلامات التجارية الشخصية لدعم بعض القضايا أو التعبير عن احتجاجهم على بعض المواقف، جاء ذلك بعد (ركوع) لاعبي فريق كرة القدم الأمريكي أثناء السلام الوطني الأمريكي تعبيرا عن الاحتجاج، مع أن قائد الفريق كولين كيبرنيك دفع الثمن عندما قاطعه فريقه الذي تردد في مواصلة التعامل معه.
تعامل ليفربول مع قضية وفاة العمال المهاجرين في قطر بطريقة أثبت فيها احترامه لحقوق الإنسان، خاصة وأن تلك القضية جاءت في سياق حملة أخرى استمرت لنحو 30 عامًا لعائلات المتوفين في الحادث المؤسف المعروف بهيلزبره، والذين ماتوا أثناء تدافع في واحدة من مباريات ليفربول، وقررت هذه العائلات الحديث علنا.
ومقارنة مع موقف ليفربول، فإن نادي أرسنال لم يدعم لاعبه أوزيل أمام الهجوم الصيني الذي طاله بعد تعبيره عن رأيه، ما كشف عن تجاهل النادي للانتهاكات التي يتعرض لها المسلمون في إقليم تشنجيانغ.
على مدار سنوات طويلة، قامت أندية الدوري الممتاز في بريطانيا بدعم برامج مجتمعية جوهرية، كجزء فعال من التسوية مع الحكومات المتعاقبة التي ترددت في تنظيم “التجاوزات التجارية” في المباريات، ولا أحد يطالب أندية كرة القدم بتكريس وقتها كله للسياسة، لكن عليها ألا تضيع الفرصة لدعم القضايا العادلة عندما تسنح لها الفرصة لذلك.
للاطلاع على النص من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا