في دراسة جديدة أجريت حول الصراعات العالمية والحروب المختلفة في جميع أنحاء العالم، أظهر أن 60٪ من حروب العالم استمرت لعقد على الأقل، بغض النظر عن المنطقة أو البلد التي نشبت بداخلها هذه الحرب.

الحروب

يستعرض الباحث والصحفي البريطاني سَايمون تيدسل في هذا التقرير نتائج هذه الدراسة، مع إلقاء الضوء على أبرز الحروب التي يشهدها العالم حالياً مع محاولة لإيجاد حلول سلمية لإنهاء هذه الصراعات التي لم ينجح أي حل سلمي حتى الآن للقضاء عليها.

على صعيد منطقة الشرق الأوسط، دخلت الحرب الأهلية الليبية عامها السابع هذا الشهر، ومن الواضح أنه ما من ثمة نهاية تلوح في الأفق، أما الصراع اليمني الدموي فبدأ عامه السادس.

في فلسطين، لا زالت الحرب مستمرة مع إسرائيل، أو بالأحرى، لم يتوصل أي من الأطراف إلى السلام المنشود.

وحول العالم، لم تنتهي الحرب في أفغانستان بعد أن بدأتها أمريكا قبل سنوات بحجة الحرب على الإرهاب، وفي الصومال، والكونغو الديموقراطية، وغيرها من البلدان. هذه ليست سوى أمثلة قليلة في عالم يبدو أن فكرة الحرب بلا نهاية أصبحت مقبولة فيه، بل أصبحت طبيعية.

لماذا يبدو السياسيون والجنرالات والحكومات والمنظمات الدولية في الوقت الحاضر عاجزين أو غير مهتمين بصنع السلام؟ في القرنين التاسع عشر والعشرين، بشكل عام ، بدأت الحروب وانتهت بمعاهدات سلام أو اتفاقات أو إنذارات أو حتى هدنة/

النهايات الأنيقة والمرتبة، حتى لو كانت في بعض الأحيان وهمية، نادرة الحدوث في عصرنا الحالي، ووفقا لدراسة نشرها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية الأسبوع الماضي، فإن 60٪ من النزاعات المسلحة كانت بدأت على الأقل منذ 10 سنوات، وعلى العكس من الصراعات القديمة، فإن احتمالية صنع السلام في انخفاض مستمر.

حروب اليوم أصبحت حول شؤونًا غير معلنة وغير محددة وغير مألوفة حيث تدور حول السلطة والموارد الطبيعية، تشتمل على أطراف متعددة وحكومات أجنبية وقوات تحارب بالوكالة وبأساليب سرية وأسلحة جديدة، ومن اللافت أيضاً في الحروب الحالية أنها تأبه بحياة المدنيين وتتوغل بوحشية دون أي اعتبار لهم، ولا لاتفاقيات جنيف التي تنظم النزاعات المسلحة.

ليبيا على سبيل المثال، هي حالة كلاسيكية لحالة من الفوضى التي تغذيها وتتلاعب بها عن عمد قوى خارجية: تركيا وقطر وروسيا ومصر والإمارات العربية المتحدة، وكما يحدث في أي بقعة أخرى تشهدها حروب، يدعي الحكام المتنافسون أنهم يدعمون النظام أو يحاربون “الإرهاب” بينما يسعون في الواقع إلى توسيع النفوذ الوطني والمزايا الاقتصادية، وطالما فشلوا في تحقيق هذه الأهداف، لن يعيروا السلام الاهتمام المطلوب.

في الشرق الأوسط وأفريقيا، تركز الولايات المتحدة على دعم إسرائيل، والضغط على إيران وعقد مزيد من صفقات الأسلحة، باستثناء جميع الدول الأخرى تقريبًا.

ومن العوامل ذات الصلة، والتي تعمق من هذه الصراعات، انهيار توافق الآراء الذي يقوده الغرب لصالح النهج التعاونية المتعددة الأطراف لحل المشاكل الدولية، ويقابل ذلك الصعود الموازي للأنظمة الاستبدادية والشعبية التي تعطي الأولوية للمصالح الوطنية الضيقة على تصورات الصالح العام.

هذا الاتجاه، وهو تراجع إلى حقبة الدول الأوروبية في فترة ما قبل عام 1914، يقوض سلطة الأمم المتحدة والمنصات الإقليمية التعاونية مثل الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي. يكافح مبعوثو الأمم المتحدة لحصول على سلام من سوريا إلى ميانمار وعمليات حفظ السلام في جميع أنحاء أفريقيا لتحقيق تقدم ملحوظ.

إن تطبيق القانون الدولي “غير الفعال”، الذي يرمز إليه عدم قدرة المحكمة الجنائية الدولية على تحقيق العدالة في مناطق الحرب مثل العراق وأوكرانيا، يساعد على تجميد أو إدامة النزاعات بدلاً من حلها فقط، كما تساهم الأسباب الديموغرافية والمادية في عدم الاستقرار المزمن.

من ناحية أخرى، تعمل التقنيات والأسلحة الجديدة مثل الطائرات بدون طيار والحرب السيبرانية (الإليكترونية) على خفض التكلفة الأولية للصراع مع توسيع مسارح الحرب المحتملة، كما يعمل الاحترار العالمي على تحويل القطب الشمالي الذي يمكن الوصول إليه حديثًا إلى ساحة معركة كبيرة ونقية، ليقدم الفضاء الخارجي الآن احتمالات لا نهائية للعنف.

الحروب الدينية لها نصيب أيضاً من هذه الصراعات العالمية، في العالم الإسلامي على سبيل المثال، توجد انقسامات داخلية بين التقاليد الشيعية والسنية، وتضارب التفسيرات الأصولية والعلمانية للإسلام.

في اللغة العربية، تسمى هذه الانقسامات “فتنة”، والتي يمكن أن ترمز إلى “سحر.. أسر .. تمرد .. شغب .. خلاف .. صراع مدني”.

فتنة هي كلمة مناسبة لوصف ما يحدث، ليس فقط فيما يتعلق بالإسلام، ولكن أيضا هي مناسبة لوصف العالم المضطرب وخصوصاً هذا العالم، عام 2020.

 

أبرز الحروب في العالم العربي:

سوريا

بداية الحرب: مارس/أذار 2011

بدأت الحرب بانتفاضة سلمية ضد النظام الاستبدادي بقيادة بشار الأسد، لتصبح جزء من ثورات الربيع العربي التي بدأت عام 2011، ولكنها سرعان ما تحولت إلى حرب واسعة النطاق حيث استغل خصوم الأسد الإقليميون، وخاصة المملكة العربية السعودية، فرصة للإطاحة بنظام متحالف مع إيران، ومنذ ذلك الحين، قُتل أكثر من نصف مليون شخص.

سعت الولايات المتحدة وأوروبا أيضًا إلى إقامة حكومة صديقة موالية للغرب في دمشق، ومع ضعف قبضة الأسد على السلطة، تدخلت روسيا، بدعم من إيران، في عام 2015 لدرء الانهيار وإحباط الطموحات الغربية.

وعلى الرغم من انتهاء الحرب في بعض المناطق في سوريا، إلا أنها استمرت في محافظة إدلب الشمالية الغربية، وهي آخر معقل يسيطر عليه المتمردون، والذي فر إليه الملايين ليتجنبوا ويلات الحرب.

بعد انتشار وباء كورونا، اتفق أطراف النزاع في سوريا على وقف إطلاق النار، ومع ذلك من غير المتوقع أن يستمر هذا الاتفاق، على الرغم من وجود مخاوف من أن يموت أكثر من 100 ألف شخص بسبب الوباء إذا انتشر في مخيمات اللاجئين المزدحمة، وقد قال الدكتور منذر الخليل، مدير مديرية صحة إدلب: “إذا لم نحصل على المزيد من الدعم والمعدات، فإننا نعلم أننا لن نتمكن من التأقلم… لقد مر سكان شمال غرب سوريا بمعاناة بما فيه الكفاية… نحن بحاجة إلى منظمة الصحة العالمية للمساعدة والمساعدة بسرعة “.

ليبيا

بداية الحرب: مايو/أيار 2014

بدأت الاضطرابات في ليبيا في أكتوبر/ تشرين الأول 2011 عندما أطيح بالدكتاتور معمر القذافي إثر تمرد شعبي مدعوم من المملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة، لكن الاحتفالات الوطنية لم تدم طويلاً.

أدى الصراع على السلطة بين الفصائل السياسية العديدة والقبائل والميليشيات والجهاديين إلى صراع وانقسام مفتوح في 2014 بين الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس وبين البرلمانيين المعارضين الذين أعادوا توطينهم في طبرق إلى الشرق.

ومنذ ذلك الحين، تدخلت القوى الأجنبية المهتمة بالنفط الليبي والتوجه الاستراتيجي، حيث دعمت مصر والإمارات وروسيا القوات المسلحة الشرقية بقيادة الجنرال خليفة حفتر، وهو رجل عسكري أنه يحارب الإرهاب الإسلامي، وفي المقابل تواجهه حكومة طرابلس بدعم من تركيا وقطر وبعض الدول الأوروبية.

من الجدير بالذكر أن الفوضى في ليبيا دفعت العديد من تجار الأسلحة والمخدرات لاستغلال الوضع وزيادة نشاطهم، لتصبح البلاد مرتعاً للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.

اليمن

بداية الحرب: مارس/أذار 2015

ساعدت الحرب في اليمن، التي تعاني بالفعل من مشاكل داخلية، على خلق ما تصفه الأمم المتحدة بأنه أسوأ كارثة إنسانية في العالم، حيث تسببت الحرب في جعلها أفقر دولة عربية، مع انتشار سوء التغذية والأوبئة كالكوليرا ومؤخراً فيروس كورونا، بالإضافة إلى التغيرات المناخية وانتشار التطرف الديني.

أكثر من 40 ألف شخص فروا من منازلهم منذ بداية العام الجاري، إضافة إلى 3.6 مليون نازح تركوا منازلهم منذ بداية الحرب، كما تقول اليونيسيف إن 12 مليون طفل يحتاجون إلى مساعدات إنسانية.

وقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه نتيجة للوباء انتهى الشهر الماضي على الرغم من جهود الأمم المتحدة لإتمام عملية السلام.

ويعود هذا الطريق المسدود إلى حقيقة أن الأطراف الرئيسية – الحكومة اليمنية بقيادة الرئيس المنفي عبد ربه منصور هادي وحركة الحوثي المتمردة، التي تمثل الأقلية الشيعية الزيدية في اليمن والمدعومة من إيران الخصم الإقليمي للمملكة العربية السعودية التي تدعم حكومة هادي.

تدخل الجيش السعودي في المشهد منذ عام 2015 بعد أن أجبر هادي على الفرار، بدعم كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، لكن هذا التحالف تسبب في خسائر كبيرة في صفوف المدنيين وارتكب جرائم حرب بدلاً من القضاء على الحوثيين، بل قاموا بخلق فوضى واسعة تسببت في انتشار إرهابيو القاعدة، كما حقق الانفصاليون الجنوبيون المتمركزون في عدن مكاسب عدة نحو طريقهم لإعلان الحكم الذاتي وتقسيم البلاد.

.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا

لمزيد من الترجمات: الغارديان- تقارير أمريكية: روسيا تسعى للاستيلاء على قواعد الساحل الليبي