كشفت دراسة ميدانية أن معظم عائلات اليمن تضطر إلى إرسال أطفالها للعمل أو إجبارهم على “امتهان” التسول لمواجهة الضغوط الاقتصادية المتزايدة في ظل ارتفاع أسعار الغذاء والماء والبنزين، موضحة أن المواطنين اليمنيين يخشون الجوع أكثر من الإصابة بفيروس كورونا المتفشي في البلاد.

وبحسب الدراسة التي أجرتها “لجنة الإنقاذ الدولية”، والتي تم جمع بياناتها من أكثر من 150 أسرة في ثلاث مقاطعات في جنوب اليمن، أن ما يقرب من ثلثي الأسر (62٪) أفادوا بأنهم غير قادرين على شراء الطعام ومياه الشرب، خاصة مع ارتفاع أسعار السكر والزيوت النباتية بنسبة أكبر من 25٪ في العام الماضي.

وفي حديثها للصحيفة، قالت تامونا سابادزي، المديرة القطرية للجنة الإنقاذ الدولية في اليمن، إن هذا الاستطلاع يوضح هذا الآثار الاقتصادية الرهيبة التي يخلفها كوفيد-١٩ على حياة أكثر الفئات ضعفاً في العالم، مضيفة أنه “من أجل إطعام أسرهم، أشار المواطنون المشاركون في الاستطلاع إلى أنهم اضطروا إلى تحمل ديون لا يمكنهم سدادها، وتقليل كمية الطعام الذي يستهلكونه، وبيع الأصول مثل الأرض أو الماشية، بل واضطر البعض إلى إرسال أطفالهم إلى العمل أو التسول” لتوفير احتياجات الأسرة الأساسية.

يمثل انعدام الأمن الغذائي مصدر قلق كبير في اليمن، حيث أدى تجدد القتال، إلى جانب انخفاض المساعدات الإنسانية الدولية وتعثر وصولها، إلى تعريض حياة الملايين للخطر.

ووفقاً للإحصاءات يواجه ما يقدر بنحو 3.2 مليون شخص – 40٪ من السكان – حاليًا انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، وسيعاني نصف الأطفال اليمنيين دون سن الخامسة من سوء التغذية بحلول نهاية عام 2020.

تم بالفعل خفض الحصص الغذائية في شمال اليمن إلى النصف منذ أبريل/نيسان، وبحسب ما صرحت به لجنة الإنقاذ الدولية سيفقد 5 ملايين شخص إضافي إمكانية الحصول على المساعدات الغذائية في نوفمبر/تشرين الثاني في حال لم يتم زيادة التمويل الإنساني.

وأضافت “سابادزي”: ” الكابوس الذي يعيشه اليمنيون لا يزال يزداد سوءًا يوماً بعد يوم”، متابعة “ومع انتشار كوفيد-١٩ وانخفاض التمويل الإنساني، وزيادة الضربات الجوية وتجديد القتال دون رادع، يمر اليمن بحالة طوارئ ثلاثية”.

على الرغم من أنه حتى الآن تم تسجيل أقل من 1900 حالة إصابة بفيروس كورونا رسميًا، فمن المرجح أن يكون الرقم الحقيقي أعلى بكثير بسبب نقص الإبلاغ ونقص الاختبارات.

من جانبه علق ماركوس سكينر، كبير مستشاري السياسات في لجنة الإنقاذ الدولية، قائلاً إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية الذي تسبب فيه تفشي وباء كورونا كان له تأثير كبير في اليمن لأن ما يقرب من 85 ٪ من جميع المواد الغذائية يتم استيرادها، وأضاف أن العائلات تعيد توجيه الأموال بعيدًا عن التعليم والرعاية الصحية من أجل تناول الطعام فقط.

وكشف سكينر بأنه وفقاً للدراسات والإحصاءات “لاحظنا زيادة في معدلات زواج الأطفال وتسول الأطفال كرد فعل لنقص الطعام، ونعلم أن الأسر تقلل عدد الوجبات التي تتناولها”.

وتابع “لكن النتيجة الأكثر إثارة للصدمة بالنسبة لنا هو أن مصدر القلق الرئيسي الذي سيطر على المواطنين في المحافظات الجنوبية، لا سيما في عدن، كان تدهور الاقتصاد وتأثير ذلك على أمن غذائي، حيث لم يعر المواطنون أي اهتماماً للحالة الصحية ولا لانتشار وباء كورونا…. الجوع اغتصب كافة المشاعر لدى المواطنين وأنساهم حتى الخوف من اعتلال الصحة”.

من جانبها دعت لجنة الإنقاذ الدولية الأمم المتحدة إلى زيادة التمويل الإنساني للبلاد، كما دعت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا إلى إنهاء الدعم العسكري والاستخباراتي للأطراف المتورطة في النزاع.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا

اقرأ أيضًا: صحيفة فرنسية: الكوليرا تثير المخاوف من وقوع كارثة في اليمن