“طعنة جديدة في الظهر”.. فلسطينيون ضد تطبيع السودان وإسرائيل، وترامب يسعى لحصد مزيد من النقاط
اتفق إسرائيل والسودان على العمل من أجل تطبيع العلاقات في صفقة توسطت فيها الولايات المتحدة تجعل السودان ثالث دولة عربية تنحي جانباً الأعمال العدائية مع إسرائيل في الشهرين الماضيين.
الاتفاق تم من خلال اتصال هاتفي يوم الجمعة جمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره السوداني عبد الله حمدوك ورئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان.
وجاء في بيان مشترك للدول الثلاث أن “القادة اتفقوا على تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل وإنهاء حالة العداء بين البلدين”.
ومع ذلك، لم يتضح ما إذا كانت الحكومة الانتقالية في السودان لديها سلطة إبرام مثل هذا الاتفاق؛ إذ لا تزال البلاد بلا برلمان ومن المقرر إجراء الانتخابات في عام 2022.
الخطوة الأخيرة في إقناع السودان بالتطبيع مع إسرائيل تأتي ضمن سعي ترامب إلى تسجيل نقاط سياسية محلية على منافسه جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستقام الشهر المقبل، بل إنه سأل نتنياهو “هل تعتقد أن جو “الكسول” كان بإمكانه إتمام هذه الصفقة؟”
إلا أن نتنياهو لم يرضي غرور ترامب، وأجابه “شيء واحد يمكنني إخبارك به هو، نحن نقدر المساعدة من أجل السلام من أي شخص في أمريكا”.
في عهد ترامب، الذي يسعى لجذب الناخبين المؤيدين لإسرائيل، انطلقت العديد من الدول العربية نحو تطبيع العلاقات مع الدولة اليهودية، وذلك تحت رعايته هو شخصياً، وتوجت جهوده باتفاق الإمارات والبحرين على إقامة علاقات مع إسرائيل في صفقة احتجت عليها القيادة الفلسطينية، ووصفتها بالخيانة.
التطبيع بين السودان وإسرائيل رافقه العديد من الانتقادات أيضاً، إذ وصف واصل أبو يوسف المسؤول البارز في منظمة التحرير الفلسطينية قرار السودان بأنه “طعنة جديدة في الظهر”، في إشارة إلى الطعنات السابقة التي تلقتها القضية الفلسطينية من الإمارات والبحرين.
على الرغم من أن الخرطوم كانت هامشية إلى حد كبير فيما يتعلق سياسات الشرق الأوسط في العقود الأخيرة إلا أن التطبيع له قيمة رمزية كبيرة لدى إسرائيل، فبعد حرب 1967، اجتمعت القوى العربية في الخرطوم لتعهد بثلاث “لاءات”: لا سلام مع إسرائيل، ولا اعتراف بإسرائيل، ولا مفاوضات مع إسرائيل.
قال نتنياهو إن السودان يقول الآن عكس ذلك، “نعم للسلام مع إسرائيل، نعم للاعتراف بإسرائيل، ونعم للتطبيع مع إسرائيل، هذه حقبة جديدة “.
كما كتب رفائيل أهرين، الصحفي بصحيفة تايمز أوف إسرائيل، أن السلام مع السودان سيكون “لعبة كرة جديدة كاملة” مقارنة بصفقات الإمارات والبحرين، مضيفاً “على سبيل المثال، من المحتمل أن يكون لإبداء الموافقة الدافئة من العاصمة المعروفة بـ” اللاءات الثلاث “تأثير نفسي إيجابي هائل على الإسرائيليين، وتابع “أولئك الذين اعتادوا على رفضنا بمرارة قد احتضنونا أخيرًا”.
كذلك فإن التطبيع مع السودان يعد انتصاراً من نوع آخر على عكس الإمارات والبحرين، فهما لم تقاتلا أبداً ضد إسرائيل، أما السودان، فقد أرسل قوات للقتال في الحرب حول إنشاء إسرائيل في عام 1948 وأثناء حرب الأيام الستة عام 1967، لهذا فإن اتفاق التطبيع معه له دلالة كبيرة عند الإسرائيليين.
تعرضت حكومة الخرطوم الانتقالية الهشة لضغوط شديدة من واشنطن للقبول بهذا الاتفاق، حيث قدمت حوافز من بينها المساعدة في الحصول على مليارات الدولارات من المساعدات المالية التي تشتد الحاجة إليها من المنظمات متعددة الأطراف.
وكجزء من الاتفاقية، اتخذ ترامب خطوات لإزالة السودان من قائمة الحكومة الأمريكية للدول المتهمة بالترويج للإرهاب.
وقال البيت الأبيض، في بيان، إن السودان وإسرائيل اتفقا على إنهاء حالة الحرب بين بلديهما، وبدء العلاقات الاقتصادية والتجارية، مع التركيز في البداية على الزراعة.
من جانبه، صرح غاريد كوشنر صهر ترامب ومستشاره لرويترز “من الواضح أن هذا انتصار عظيم”، “إبرام اتفاقيات السلام ليس بالسهولة التي تبدو عليها.. من الصعب جدا تحقيقها”.
الجدير بالذكر هنا، أن الإعلان جاء بعد غروب الشمس في إسرائيل وخلال يوم السبت، أي يوم العطلة اليهودي المقدس، عندما تغلق الجهات الرسمية والعملية أبوابها، مما يعني أنه لم يكن هناك استجابة فورية من السياسيين أو الجمهور.
على الصعيد الآخر، من المرجح أن تكون معارضة هذا الاتفاق كبيرة في السودان، ومع ذلك، لم تتراجع السلطة الانتقالية عن تقدمها نحو التطبيع مع إسرائيل.
على سبيل المثال، عقد البرهان، أكبر شخصية في إطار ترتيب تقاسم السلطة في البلاد، اجتماعا غير معلن مع نتنياهو في أوغندا هذا العام، وقال نتنياهو في وقت لاحق إن الحكومتين “تقيمان علاقات تعاون”، ووافق السودان على السماح للرحلات الجوية إلى إسرائيل بالتحليق فوق أراضيها.
يبدو أن القادة العسكريين في الحكومة الانتقالية المختلطة كانوا أكثر حماسًا لتطبيع العلاقات مع إسرائيل من القادة المدنيين، الذين يخشون أن تقوض شرعية الإدارة الجديدة بهذه الخطوة.
مع ذلك، تُعد الصفقة دليل على النفوذ الذي ما زالت تمارسه الولايات المتحدة في شرق إفريقيا، حيث تحركت واشنطن لاستعادة العلاقات مع السودان تدريجيًا خلال السنوات الأخيرة، لكنها أصرت على تسوية المطالبات القانونية العالقة قبل شطب البلاد من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهو ما يسعى إليه ترامب الآن، إذ أبلغ الكونغرس يوم الجمعة أنه سيشطب السودان رسمياً من قائمة الإرهاب.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا