مبارك توفي بعد 9 سنوات من خلعه بعد احتجاجات شعبية واسعة على حكمه القمعي الذي دام 30 عاماً

توفي صباح اليوم الثلاثاء 25 فبراير/شباط الجاري حسني مبارك- الرئيس المصري الأسبق، الديكتاتور المستبد الذي حكم بقبضة حديدية لثلاثة عقود متتالية قبل الإطاحة به خلال موجة احتجاجات الربيع العربي التي اجتاحت البلاد عام 2011، عن عمر يناهز 91 عاماً.

بعد توليه الحكم عام 1981، في أعقاب اغتيال أنور السادات، أصبح مبارك رمزاً للديكتاتورية والبلطجة والسلطة المستبدة، حيث تحولت الدولة في عهده إلى دولة بوليسية قمعية مدعومة بشبكة من المؤسسات العسكرية الاستبدادية ورجال أعمال فاسدين.
وعلى الرغم من الإطاحة بمبارك، الذي كان مصاباً بجنون العظمة كما قال عنه شعبه، فلازالت آثار نظامه باقية حتى الآن، حيث يرى الكثيرون أصداء أسلوب مبارك في القيادة في الرئيس المصري الحالي، عبد الفتاح السيسي.

وفاة مبارك جاءت بعد صراع طويل من المرض، سبقه عشرات الإشاعات حول خبر وفاته، تأكدت أخيراً صباح الثلاثاء، حيث قالت أسرته إنه نُقل مؤخراً إلى المستشفى ودخل العناية المركزة بعد إجراء عملية جراحية لإزالة ورم في المعدة.

الإدارات الأمريكية المتعاقبة أمطرت إدارة مبارك بمليارات الدولارات كمعونات للتنمية والتقدم، إلا أن معدلات البطالة والفقر استمرت في الارتفاع دون توقف، حتى انفجر الشعب ضده مطالباً بإسقاطه في 2011 حتى تمت الإطاحة به في الموجة الأولى لثورات الربيع العربي التي انطلقت تونس.

الاحتجاجات الشعبية التي خرجت ضد حسني مبارك انتشرت في كافة أنحاء البلاد، حيث بدأت في ميدان التحرير بوسط العاصمة، وامتدت لتشمل الميادين الرئيسية في كافة المحافظات والمدن المصرية، مطالبين إياه بالتنحي عن الحكم.
القيادة الفاسدة، وتفشي الإفلات من العقاب بين المسؤولين الفسدة مع قمع حرية الرأي والتعبير من قبل الأجهزة الأمنية، جميعها عوامل شحنت الشعب المصري ضد مبارك، وساهمت بصورة كبيرة في خلق جيل شاب يطالب بالتغيير، كانت كلمته في الاحتجاجات “عيش… حرية… عدالة اجتماعية”، مع إنهاء الحكم العسكري.

كان رد مبارك على المتظاهرين وحشيًا مثل حُكمه، حيث أشرف بنفسه على الحملة الدموية التي قادتها الأجهزة الأمنية ضد المتظاهرين والتي أسفرت عن مقتل 239 شخصاً.
وبعد 18 يوماً من الاعتصام، انتهى حكم مبارك الذي استمر 29 عامًا، بعد قيام نائب الرئيس آنذاك عمر سليمان، بإلقاء خطاب التنحي، والذي قال فيه ” أيها المواطنون في ظل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد قرر الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية”، لتتحول الاحتجاجات مباشرة إلى احتفالات، حيث هتف المتظاهرون “الشعب أسقط النظام”.

تيموثي كالداس من معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، علق على فترة حكم مبارك قائلاً: “لقد عاش طويلاً بما يكفي ليذهب لنرى ديكتاتور أكثر وحشية يحل محل عبد الناصر، مما دفع الكثير من المصريين بالاشتياق لأيام حكم عبد الناصر على الرغم من معرفتهم بمدى وحشية أيامه أيضاً”.

كان مبارك أول رئيس عربي يُحاكم بعد موجة الربيع العربي الأولى، حيث ظهر في قفص المحكمة متهماً بعدد ليس بقليل من التهم، ولكنه ظهر مريضاً في محاولة لاستعطاف الشعب.
وفي عام 2012، تم الحكم عليه بالسجن المؤبد بتهمة التآمر لقتل المتظاهرين وأُرسل إلى سجن طرة في القاهرة، إلا أنه نُقل إلى مستشفى المعادي العسكري وسط مزاعم بتدهور حالته الصحية وحاجته إلى التواجد في المستشفى.

في عام 2015، حُكم عليه في قضية منفصلة بالسجن لمدة ثلاث سنوات، واتُهم مع ولديه، جمال وعلاء، باختلاس أموال عامة لتجديد القصور الرئاسية، وهي جزء من مجموعة طويلة من التهم بالفساد، مع محاولات لاستعادة الأموال الموجودة في سويسرا.

في عام 2017، بُرئ مبارك من أعلى محكمة استئناف في مصر من قضية التآمر لقتل المتظاهرين، تم إطلاق سراحه نهائياً من مستشفى المعادي العسكري، حيث تجمعت حشود صغيرة من المؤيدين بشكل روتيني خارج نافذة غرفته لدعمه، وهو الحكم الذي أثار غضب الكثير من المعارضين والنشطاء السياسيين.
ماهينور المصري، محامية مصرية ومدافعة عن حقوق الإنسان، ومعتقلة سابقة في عهد السيسي، علقت على خبر إطلاق سراح مبارك قائلة “في أعين أولئك الذين يؤمنون بالثورة، سيظل مبارك مجرماً دائماً… هو قاتل، وأب روحي للفساد… ربما خسرنا هذه الجولة، لكننا سنواصل القتال من أجل تغيير النظام القمعي الاستبدادي الذي يُفرج عن المجرمين ويسجن الأبرياء”.

وقبل يومين، تمت تبرئة أبنائه هذا الشهر بسبب مجموعة منفصلة من التهم المتعلقة بالتجارة غير المشروعة في البورصة.

المعارضون والمؤيدون على حد سواء اتفقوا أن عهد مبارك ما هو إلا نموذج يتم تكراره حالياً وربما بصورة أسوأ تحت عهد السيسي، الذي استولى على الحكم بعد انقلاب عسكري تم في 2013، أطاح بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديموقراطياً في البلاد، والذي توفي في يونيو/حزيران الماضي نتيجة تعرضه للإهمال الطبي المتعمد أثناء فترة احتجازه التي دامت لست سنوات.

النظام الحالي في مصر قام بملاحقة العديد ممن برزوا في موجة الاحتجاجات التي أطاحت بمبارك، حيث سجن بعضهم، فيما أُجبر آخرون على مغادرة البلاد فراراً من المصير المنتظر بالسجن أو بالقتل، حيث جاء النظام الحالي بأكبر حملة قمعية ضد حرية الرأي والتعبير لم تشهدها البلاد من قبل.

من جانبها، ورغم كل شيء، أصدرت القوات المسلحة المصرية بياناً نعت فيه حسني مبارك، وأعلنت الحداد، حيث قال البيان “إن القيادة العامة للقوات المسلحة تنعي أحد أبنائها وأحد قادة حرب أكتوبر المجيدة”.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا