نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريراً حول الحرب الدائرة في ليبيا، بينت فيه كافة التفاصيل المتعلقة بالحرب منذ بدايتها وحتى اليوم، مع الاستشهاد بآراء بعض المحللين والخبراء حول مستقبل ليبيا بعد انتهاء هذه الحرب.
التقرير جاء في أعقاب الأحداث الأخيرة التي شهدتها ليبيا بعد تمكن القوات المتحالفة مع رئيس الوزراء الليبي المدعوم من الأمم المتحدة، فايز السراج، على قاعدة جوية رئيسية من الجنرال المتمرد خليفة حفتر، والتي اعتبرها خبراء أنها ضربة استراتيجية ضخمة لحملة حفتر التي وصفته بـ “زعيم الحرب” كناية عن الدمار الذي سببه للبلاد، خاصة بعد الهجوم الشرس الذي قاده في أبريل/نيسان 2019 لإسقاط الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة.
ولفت التقرير إلى أن القوى الأجنبية المختلفة، وتحديداً الإمارات وروسيا وقطر وتركيا، أصبح لهم دوراً بارزاً ونشاط ملحوظ في الفصل الجديد الذي بدأته الحرب الليبية، مما أثار مخاوف حول تكرار السيناريو السوري على الأراضي الليبية والممتد حتى الآن بسبب ما يُسمى “الصراع بالوكالة” الذي نتج عن تدخل قوى أجنبية في المشهد.
وأشار التقرير أن التصعيد الأخير في القتال حدث على الرغم من الضغوط الدولية المتزايدة من كلا الجانبين للعودة إلى التفاوض على تسوية سياسية ووقف العنف بسبب المخاوف بشأن انتشار فيروس كورونا، حيث أبلغت ليبيا عن وجود 65 حالة إصابة مؤكدة بالفيروس على الأقل، بما في ذلك ثلاث وفيات.
فيما يلي أهم النقاط التي تناولها التقرير:
كيف بدأت الحرب في ليبيا؟
دخلت ليبيا في حالة من الفوضى منذ بداية حركة الربيع العربي وحملة قصف الناتو التي أطاحت بالقذافي عام 2011، واستمرت الفوضى حتى تأججت ذروة الصراع بعد بدء حرب أهلية جديدة بين الحكومات المتنافسة في 2014، لتتفكك بذلك كافة محاولات بناء دولة ديموقراطية بعد سقوط القذافي.
انتشرت الجماعات المسلحة، وأصبحت البلاد مرتعاً لعدد من التنظيمات المتطرفة، كـ “تنظيم الدولة الإسلامية”، كما أصبحت الدولة إلى نقطة عبور مهمة لكافة الراغبين في الهجرة غير الشرعية من أفريقيا إلى أوروبا، نتيجة لانعدام سيادة القانون فيها.
من هم أطراف النزاع؟
منذ عام 2014، كان القتال بشكل رئيسي بين الجهات المتنافسة على لسلطة السياسية في شرق وغرب ليبيا: إدارة طرابلس، المعروفة باسم حكومة الوفاق الوطن، بقيادة فايز السراج، وبين إدارة طبرق التي عينت حفتر لقيادة الجيش الوطني الليبي واستعادة سيادته، وذلك بعد سقوطها في الانتخابات.
وعلى الرغم من اعتراف الأمم المتحدة رسمياً بحكومة الوفاق الوطني كحكومة شرعية في ليبيا، إلا أن تلك الحكومة لا تملك سوى القليل من السلطة على الأرض، حيث يرى البعض أنها ديكتاتور عسكري محتمل، في حين ترى إدارة حفتر انها حكومة تدعم التطرف ويجب التصدي لها.
كيف تعامل المجتمع الدولي مع الأوضاع؟
على مدى السنوات القليلة الماضية، تدخلت القوى الأجنبية بشكل متزايد في الحرب الأهلية الليبية؛ ولم يكن هذا إلا للدفاع عن مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية.
من جهة، تحصل حكومة الوفاق الوطني على دعم من الأمم المتحدة والدول الغربية، لكن حلفاءها الرئيسيون هم تركيا وقطر وإيطاليا، وعلى الصعيد الآخر، يتمتع الجيش الوطني الليبي بدعم روسيا ومصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وبدرجة أقل فرنسا والأردن.
لقد غمرت الأطراف الأجنبية ليبيا بالأسلحة والمعدات العسكرية المختلفة والطائرات بدون طيار، متجاهلة قرارات حظر الأسلحة التي تفرضها الأمم المتحدة، كما أرسلت روسيا جيش من المرتزقة وتم تجنيد الرجال السودانيين للقتال إلى جانب الجيش الوطني الليبي.
وعلى الجانب الآخر قامت تركيا بإرسال مجندين سوريين مع جنودها للدفاع عن حكومة طرابلس، وفقاً للغارديان في يناير/كانون الماضي.
من الجدير بالذكر أن محادثات السلام رفيعة المستوى التي جرت في برلين هذا العام لم تسفر عن أي هدنة دائمة.
ما هي الأضرار الإنسانية التي خلفتها الحرب؟
تحت حكم القذافي، والذي كان يتسم بالوحشية والقمع، كان مستوى المعيشة في ليبيا من أعلى المستويات في أفريقيا، أما الآن، وبعد الفوضى التي عمت البلاد بفضل الحرب، تدهور الاقتصاد الليبي بصورة كبيرة، وارتفعت تكاليف المعيشة خاصة مع انهيار البنية التحتية والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي ونقص الأدوية.
بالإضافة إلى ما سبق، فإن حياة المدنيين في خطر دائم بسبب عمليات القصف العشوائي التي تستهدف أماكن تجمعهم وسكنهم، ما يعرضهم لخطر الموت أو الخطف من قبل الميليشيات المسلحة للحصول على فدية.
وفقاً للأمم المتحدة، تسببت الحرب في نزوح أكثر من 200.000 شخصاً داخلياً، وأصبح هناك 1.3 مليون شخص بحاجة إلى مساعدة إنسانية.
أعداد الضحايا مسيسة للغاية ويصعب التحقق منها، مع تقديرات تتراوح من 2500 إلى 25000 ضحية سقطوا خلال انتفاضة 2011 وحدها.
وتقدر منظمة الهجرة الدولية أن هناك حوالي 636،000 مهاجر ولاجئ في البلاد، معظمهم من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بعضهم محتجزون في مراكز احتجاز تديرها الحكومة وفي سجون غير رسمية تديرها جماعات مسلحة، حيث المعاملة السيئة وظروف الاحتجاز غير الآدمية: أفاد المعتقلون أنهم محتجزون في ظروف غير صحية داخل زنازين مكتظة لا يتوفر بداخلها ما يكفي من الغذاء والماء.
ماذا سيحدث بعد ذلك؟
يُعتبر فقدان قاعدة الوطنية الجوية نكسة كبيرة لحفتر، وسيساعد ذلك تركيا على توسيع عملياتها الجوية في الصراع بالوكالة عن حكومة طرابلس، ومن المرجح أن يزيد مؤيدو الجيش الوطني الليبي من دعمهم لمواجهة سلسلة من النجاحات التركية منذ تدخل أنقرة في يناير/كانون الثاني
.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا