في حوار أُجري معه في منفاه في إسبانيا: محمد علي يخشى أن يتعرض للاغتيال بعد موجة الاحتجاجات التي أشعلها في مصر

في حوار صحفي أجرته الغارديان مع رجل الأعمال المصري محمد علي في منفاه في برشلونة، أعرب “علي” عن قلقه الشديد من أن يتعرض للاغتيال على أيدي الأجهزة المصرية بسبب موجات الاحتجاج التي اعترت الشوارع المصرية الأسابيع الماضية بعد دعواته المصريين للتظاهر ضد عبد الفتاح السيسي، في تصرف نادر لم تشهده مصر منذ سنوات تحت حكم السيسي.

وأضاف “علي” في حواره أن يشعر بمسؤولية كبيرة تجاه المئات الذين تعرضوا للاعتقال على خلفية مشاركتهم في المظاهرات التي خرجت ضد السيسي، أو دعواتهم للمشاركة فيها، مشدداً أنه في “حالة صدمة” بسبب وجود المئات في السجن بسببه كما صرح، مؤكداً أن معركته للإطاحة بالسيسي لم تنته بعد، وستدخل مرحلة جديدة خاصة وأن العديد من ضباط الجيش يدعمون دعواته للقضاء على الفساد، بحسب ادعاءاته.

تسببت مقاطع الفيديو التي قام محمد علي بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي الأسابيع الماضية بإثارة موجات عارمة من الغضب ضد السيسي، بعد اتهامه بطريقة مثيرة للسخرية بالفساد وتبديد الأموال العامة في ظل فرض سياسات تقشفية على الشعب المصري الذي يعيش 32.5٪ منه تحت خط الفقر.

الاحتجاجات الصغيرة نسبياً التي بدأت في 20 سبتمبر/أيلول الماضي، تبعتها حملة اعتقالات واسعة النطاق شملت نحو 4321 شخصاً بحسب رصد اللجنة المصرية للحقوق والحريات.

بعد تلك الاحتجاجات قام محمد علي بتوجيه نداء إلى المصريين طالباً منهم النزول إلى الشوارع في مليونية الجمعة 27 سبتمبر/أيلول، إلا أن السلطات توعدت لتلك الدعوات، وأعلنت أنها ستستخدم القوة لقمع تلك المظاهرات، وهو ما نجحت فيه نسبياً.

وتعليقاً على ذلك، أعلن محمد علي توقفه عن نشر مزيد من مقاطع الفيديو في الفترة الحالية، ليكون هذا اعتراف ضمني منه أن دعواته لحشد الناس في الشوارع قد فشلت.

محمد علي صرح في الحوار الصحفي انه يلعب الآن دوراً هاماً في توحيد صفوف الجماعات والأحزاب المعارضة للنظام الحالي في مصر، من ليبراليين أو إخوان مسلمين، أو غيرهم من الجماعات، ليتم تكوين قوة جديدة جاهزة للإطاحة بالسيسي الذي وصل إلى السلطة في مصر بعد انقلاب 2013، ليقود بعدها حملة صارمة ضد حرية الرأي والتعبير، والقضاء على المعارضة بكافة أشكالها، وهو ما اعتبرها المراقبون للوضع في مصر أنها الحملة الأسوأ في تاريخ مصر الحديث.

وكشف علي أنه تلقى دعوات من جماعات المعارضة المختلفة للانضمام إليهم في منفاهم في إسطنبول وقطر، إلا أنه رفض تلك الدعوات، مؤكداً تمسكه بالبقاء في اسبانيا.

وحول نشاطه التجاري في مصر، وصفقاته مع الجيش، قال محمد علي إنه كان يترأس شركة مقاولات بنائية كبيرة في مصر يعود تاريخها لـ15 عاماً، حققت خلالها أرباحاً كبيرة من عقودها وصفقاتها مع الجيش، خاصة خلال السنوات الأخيرة بعد تولي السيسي الحكم في مصر.

وقال “علي” أن شركته قامت ببناء قصر رئاسي كبير ومزخرف للسيسي، وعدد من القصور الأخرى للضباط أصحاب الرتب العالية في المخابرات، كما تم بناء فنادق للجيش غير مفتوحة لأفراد الشعب العاديين، مضيفاً أنه كان عالماً مليئاً بالمحسوبية والرشاوى مع تبديد أموال الشعب دون حساب، وقال “إذا لم تدفع الرشاوى فلن تتمكن من انهاء مصالحك”، “في أغلب الأحيان كانت الميزانيات مفتوحة دون حساب، ولا تمنعهم التكلفة العالية لأي مبنى من استكمال العمل به طالما أن لهم مصلحة في ذلك”.

محمد علي كانت له نشاطات فنية أيضاً، حيث أنه ممثل في المقام الأول، وعلى خلفية ذلك قام بإنتاج وتأليف فيلم “البر التاني” عام 2016، بالاشتراك مع وزارة الهجرة المصرية، وناقش الفيلم ظاهرة الهجرة غير الشرعية التي يقوم بها الشباب المصري عن طريق البحر لأوروبا بحثاً عن العمل، رغم خطورة هذه الرحلات.

بعد سنوات من العمل مع الجيش، دبت الخلافات بين محمد علي وعدد من المسؤولين العسكريين، أسفرت عن امتناعهم عن تسديد نحو 200 مليون جنيه مصري من قيمة صفقات بينهم وبين شركته، إلا أن محمد علي لم يملك القدرة وقتها على المطالبة بحقوقه بسبب تواجده داخل مصر مع زوجته وأبنائه، وبعد تأكده من مغادرتهم البلاد بسلام، ورحيله إلى إسبانيا، خرج “علي” على وسائل التواصل الاجتماعي وصمم على فضح فساد الجيش ومؤسسة الرئاسة، والانتقام منهم عن طريق مقاطع مصورة خرج فيها بنفسه وأعلن عن تفاصيل وخبايا كثيرة من مطبخ الأحداث، وهو ما أدى إلى نزول الناس إلى الشوارع في موجات احتجاجية هزت عرش النظام القمعي نسبياً.

وأضاف علي “إن هذا التفاعل أصبح عبئاً عليّ، خاصة وأن المئات تم اعتقالهم بسبب دعواتي، وتعرضوا للتعذيب على أيدي الأجهزة الأمنية، كما أنه تم اعتقال أشخاص كانت جريمتهم أن هواتفهم النقالة أظهرت أنهم شاهدوا مقاطع فيديو خاصة بي”.

رداً على ما قام محمد علي بنشره، قام النظام المصري عن طريق وسائل الإعلام الموالية له بشيطنته ووصفه بأنه زير نساء ومدمن المخدرات، وخائن للوطن، وعضو في جماعة الإخوان المسلمين، وهي الجماعة الإسلامية السنية التي خرج منها محمد مرسي الذي حكم مصر لمدة عام بعد الثورة التي أطاحت حسني مبارك في عام 2011، وهي ادعاءات ينكرها محمد علي بالكلية، بل قال أنه في حالة صدمة من تفاعل الشعب المصري معه الذي لم يكن يتوقعه، فهو -على حد قوله- “لا يفهم” في الأمور السياسية ولا هو خبير سياسي، بل هو مواطن عادي لم يكمل تعليمه الجامعي، “ولم يكن لدي سوى عدد قليل من المتابعين على الفيسبوك، ولم أتوقع سوى أن يشاهد فيديوهاتي كل هذا الكم”.

الآن، وبعد فشل دعوات محمد علي لمزيد من الاحتجاجات الشعبية، أعلن “علي” أنه أُجبر على تغيير المسار، وادعى أنه يملك خطة سرية للإطاحة بالسيسي “ستكون مفاجأة للعالم بأسره”، سيكشف عنها قريباً.

وتابع “علي” في حواره مع الغارديان، أنه يريد “أن تصبح مصر مثل أوروبا، إذا أردت أن تصلي، ستصلي بحرية، إذا أردت الذهاب لأي مكان أخر غير المسجد، ستفعل ذلك دون قيود.. أن يصبح الجميع أحراراً في مصر… يجب أن تكون القاعدة الأولى في الدستور المصري هي أن يقرر الشعب ما يريد عن طريق انتخابات حرة”.

من جهتها، حاولت الغارديان التواصل مع المكتب الرئاسي المصري للتعليق على ادعاءات محمد علي، إلا أنه رفض الرد، على الرغم من أن السيسي نفى سابقاً جميع المزاعم التي تفيد بارتكاب أي مخالفات وقال إنه “صادق ومخلص” لشعبه والجيش.

أكد محمد علي في حواره أنه ليس منافقاً بسبب موقفه الحالي من الجيش ومؤسسة الرئاسة التي لطالما عمل معها في السابق، وأن موقفه الحالي ليس بدافع الانتقام فقط لاسترداد أمواله، حيث قال “إذا أردت استرداد أموالي، فيمكنني ذلك بسهولة بمواصة العمل معهم ومن أجلهم، بل بالعكس، ربما أصبح أحد أهم رجال الأعمال في مصر”، وأرجع انقلابه على النظام الحالي إلى “التناقض الكبير بين تصريحات السيسي ومطالبته المستمرة للشعب بالتقشف من جهة، والبذخ الذي يتبعه كأسلوب حياة”، متابعاً “البلد مشتعلة وعلى حافة الانهيار، وهو وأسرته يتناقشون حول تصميم المطبخ”.

وأضاف “أنا لا أتخذ أي قرار عبثاً ودون تفكير، بل خططت لمغادرة البلاد منذ سنوات عديدة، وقمت بإخراج أموالي خارج البلاد من فترة وعلى مراحل”.

واختتم “علي” حواره متحدثاً عن المشاكل التي يعاني منها الآن في منفاه بسبب موقفه السياسي، حيث قال “لقد أسقطوا عني الجنسية، وخلال عام سينتهي جواز سفري، وإذا طلبت اللجوء السياسي لإسبانيا سيتعين عليّ البقاء هنا لفترة طويلة دون سفر حتى انتهاء إجراءات اللجوء”، وتابع “وصل الأمر إلى أن بعض الموالين للنظام الحالي في مصر حددوا مكافأة لمن يقوم بقتلي، كما هددوا بمقاضاتي في المحاكم الدولية”.

وادعى “علي” أن السفارة المصرية في مدريد دعته للتفاوض داخل السفارة مع تعهد رسمي بتسديد الأموال التي تدين بها الدولة له في حالة أنه توقف عن نشر تلك المقاطع المصورة.

وأخيراً قال محمد علي “لا أعتقد أنهم سيقتلونني… هذه الخطوة ستشكل كارثة بالنسبة لهم في حال تم اغتيالي في أوروبا، إلا أنني أخشى أن يتم استئجار أحد لقتلي”.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا