في النهاية، كانت “صفقة القرن” أشبه بحملة تخفيضات فاشلة لتصفية بضاعة كاسدة. ووصل “جاريد كوشنر” إلى البحرين مروجا لمبادئ أساسية مع عروض هزيلة لا يمكن الدفاع عنها. وبالتالي لم يكن هناك مشترين.

لم يقدم المؤتمر الذي كان من المفترض أن يقدم طريقة جديدة للخروج من الأزمة الإسرائيلية الفلسطينية سوى القليل. وتعد فرضيته المركزية بتقديم الازدهار الاقتصادي كبديل للحل السياسي مقنعة بالكاد على جانبي الجدار الفاصل.

ولم يكن هناك اهتمام كبير في رام الله وغزة بمقترحات إدارة “ترامب”. وحتى في (إسرائيل)، قللت وسائل الإعلام المحلية من ورشة البحرين ومقترحات الإدارة الأمريكية.

ولم يكن مبلغ الـ50 مليار دولار الذي تم التعهد به لتشجيع التنمية في المناطق الفلسطينية عرضا مشجعا في الأردن ومصر ولبنان، كما أن المبلغ تم رفضه من قبل الآخرين باعتباره رشوة وقحة.

ويتم الحوافز الاقتصادية لإدماج المجتمعات الفلسطينية وإنعاش الضفة الغربية وقطاع غزة عديمة الجدوى في ظل الغياب الصارخ للبعد السياسي الذي يمكن أن يحول هذه التعهدات إلى حقائق.

وتجنب الجميع الحديث عن السياسة في المنامة. وأراد منظمو المؤتمر من الجميع أن يثقوا في إدارة “ترامب” لتحقيق سلام عادل ومنصف، عندما يأتي أوان الحديث عن البعد السياسي.

وكان من الصعب على الفلسطينيين ومؤيديهم تقديم مثل هذه الثقة، في ظل الدعم المطلق الذي تقدمه الإدارة الأمريكية الحالية للأجندة الإسرائيلية وتضييقها على الفلسطينيين، وهي حقيقة أدت إلى مقاطعة الزعماء الفلسطينيين لورشة العمل.

مشروع كوشنر
ووصل “كوشنر” إلى المنامة حاملا أوراق المشروع الذي يرى أنه سيحقق السلام الذي فشل الجميع في تحقيقه خلال العقد الماضي.

وقام “كوشنر” بالفعل بخطوات جريئة كلها تدعم المصالح الإسرائيلية التي ينحاز إليها عقائديًا. ولمح “كوشنر” إلى موقفه السياسي عندما قال إن مبادرة السلام العربية، التي توسط فيها الملك السابق “عبدالله” قبل 17 عامًا، لم تعد قابلة للحياة.

وأدى هذا إلى التشكيك في الصيغة المتفق عليها دولياً الملتزمة بحل الدولتين.

وقال “أشرف الجعبري” رجل الأعمال الفلسطيني الوحيد الذي حضر ورشة المنامة: “نطالب بدولة فلسطينية مستقلة على الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967”.

وقالت “حنان عشراوي” وهي عضو بارز في منظمة التحرير الفلسطينية عن خطة “كوشنر”: “إنها خطة منفصلة تمامًا عن الواقع”.

ومن شأن التخلي عن حل الدولتين أن يصعد النزاع ويؤدي إلى إثارة غضب المجتمع العالمي.

وكان الموقف الفلسطيني قبل المؤتمر ضعيفًا كما كان من قبل، مع سحب الولايات المتحدة تمويل المساعدات الإنسانية، وإغلاق مهامها في الضفة الغربية وغزة، وقيامها بطرد دبلوماسي منظمة التحرير من واشنطن، ما تسبب في انهيار الهياكل السياسية للمنظمة.

باختصار لا يملك الفلسطينيون دولة للتفاوض نيابة عنهم حتى لو رغبوا في ذلك. وبعد أن كشف “كوشنر” عما لديه في المنامة، أصبح حدود ما يمكن توقعه من الإدارة الأمريكية الحالية واضحا.

وتدور التخمينات اليوم حول المدى الذي ستذهب إليه الولايات المتحدة إذا لم تشترك السلطة في خطتها. وربما تلجأ إلى حصار السلطة اقتصاديا على النمط الإيراني، أو الدفع لتغيير النظام من خلال تشديد سطوة الاحتلال.

ومع اختتام المؤتمر، أكد رئيس وزراء بريطانيا السابق “توني بلير” لـ”كوشنر” على ضرورة الالتزام بمبادئ حل الدولتين من أجل نجاح أي خطط. لكن المؤتمر فشل في التعهد بهذا الالتزام مكتفيا بتعهد بأن الحلول المقترحة ستكون “عادلة ومنصفة” لكلا الجانبين.

وقال “بلير” أمام الاجتماع: “من الغباء الاعتقاد بأن بإمكانك الحصول على اقتصاد سليم بدون سياسة سليمة، كما أنه من غير المجدي تمامًا الاعتقاد بأن السياسة ستنجح دون اقتصاديات تدعمها”.

وكانت هذه أحد الحقائق القليلة التي يمكن الاتفاق عليها في قمة البحرين.