العدسة – ياسين وجدي :

لم يكن النائب الهولندي الكاره للاسلام خيرت فيلدرز بمنأى عن تصاعد ظاهرة الاسلاموفوبيا في أوروبا ، وهو يعلن عن استضافة مقر البرلمان الهولندي لمسابقة دولية لرسومات كاريكاتورية حول نبي الإسلام، قبل أن يتراجع تحت الضغط العربي والاسلامي الذي رفع شعار “الا رسول الله”.

“العدسة” يسلط الضوء على الهجمة الأخيرة ضد النبي الأكرم وسياقاتها في الغرب المعادي ، والتي يبدو أنها تحتاج أكبر من اعتذار لوزير خارجية في أحد دول قارة باتت تترقب بحذر لصعود الاسلام فيها.

حملات اساءة متكررة !

قبل أن يعلن تراجعه عن حملته المسيئة ، وجه النائب الهولندي خيرت فيلدرز المعروف بعدائه للاسلام سهام حقده ضد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، مؤكدا في بيان، إنه لن يوقف حملته الشخصية ضد الإسلام ، وذلك بعد أن أعلن تحت ضغوط وقف تنظيم مسابقة للرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول في مقر البرلمان الهولندي.

 

فيلدرز كان نظام ذات المسابقة في مايو 2015 ومنح جائزة قدرها 10 آلاف دولار أمريكي للفائز، وأسفرت عن أحداث ثأر للنبي كما وصفها منفذوها ، وفي عام 2006 كتب فيلدرز الفيلم القصير المناهض للإسلام “فتنة ” الذي يدور حول تأثير الإسلام والقرآن على انتشار الإرهاب، وفي عام 2008 بث فيلدرز الفيلم على شبكة الإنترنت.

وزعم فيلدرز في الفيلم أن أفكار العنف والتكفير والإرهاب مستقاة من الآيات القرآنية، وتتردد في كل المساجد والبيوت الإسلامية، لكن في يونيو الماضي واصل فيلدرز الاستفزاز معلنا أنه سينظم مسابقة لرسوم مسيئة للرسول في البرلمان الهولندي، وذكر أنه سيمنح جائزة قدرها 5000 يورو في نوفمبر المقبل، قبل أن يقرر إلغاء المسابقة.

وليست هذه الخطوات العدائية تجاه الإسلام هي الأولى من نوعها، فقد سبق ودعا فيلدرز إلى حظر القرآن ووصف دين الإسلام ” بالاستبدادي” ، كما دعا سابقاً إلى حظر الحجاب والرموز الإسلامية.

 

وكانت جرائم  مشابهة أخرى قد حصلت في دول أوروبية أخرى، ففي العام 2015 أطلق رجل النار على 12 من رجال الأمن أمام مقر صحيفة شارلي ايبدو في باريس بعد أن نشرت الصحيفة رسماً كاريكاتورياً ساخراً عن النبي محمد وتسبب في غضب اسلامي عارم ، وفي العام 2005 شهد العالم الإسلامي احتجاجات واسعة بعد أن نشرت صحيفة دانماركية رسوماً ساخرة من الإسلام، والرسول.

 الاسلاموفوبيا مستمرة !

الاساءة إلى الرسول محمد ، أحد أبواب تصاعد ظاهرة “الإسلاموفوبيا” في أوروبا والتي تحولت من خوف إلى معاداة للإسلام وفق وصف وزير شؤون الاتحاد الأوروبي، كبير المفاوضين الأتراك، عمر تشيليك، الذي أكد أن ظاهرة “الإسلاموفوبيا” أصبحت من المسلّمات في أوروبا في ظل صعود اليمين المتطرف على المستوى السياسي، وتنامي القومية الشعبوية.

ووفق تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الامريكية في العام 2017 فإن التصريحات التى صدرت من بعض المسئولين الغربيين تؤكد تفاقم الظاهرة ومنها التصريحات التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي قال فيها “أعتقد ان الاسلام يكرهنا.. هم يكرهوننا بشكل لا يصدق” كما صعد رئيس الوزراء الهولندى مارك روته، انتقاداته للهولنديين المسلمين ممن يواجهون صعوبات بالاندماج ووصفهم بـ”الغرباء” الذين يعبثون بالقيم الهولندية، مخيرا إياهم إما أن يكونوا مع هولندا أو ضدها.

 

ووفق الاحصائيات فقد شهدت ألمانيا عداءا متصاعدا للمسلمين ، وجرى توثيق 950 هجوماً ضدّ المسلمين ومنشآت تابعة لهم كالمساجد خلال العام الماضي 2017، أما على الجانب الاسباني فقد شهدت البلاد أكثر من خمسمئة حادثة متعلقة بالإسلاموفوبيا في عام 2017، منها حوادث استهدفت نساء وأطفالاً ومساجد، طبقاً لما كشفته “منصة المواطنة الإسبانية حول الإسلاموفوبيا”، فيما أكد “تجمع مناهضة الإسلاموفوبيا في فرنسا” أن الأحداث المرتبطة بـ”معادة الإسلام” في ارتفاع!.

وبحسب مرصد الأزهر الشريف فقد شهدت هولندا في فترة ستة أشهر من سبتمبر 2017 م وحتى مارس 2018 م، تزايُدًا ملحوظًا في ظاهرة الإسلاموفوبيا، والاعتداءت العنصرية غير المبررة، والناتجة في الأساس عن تمييز قائم على أُسس طائفية وعرقية ودينية، تهدد الاستقرار المجتمعي.

الكراهية وصلت إلى تدشين حركة “بيديجا” المتطرفة دعوات لعدة احتجاجات لطرد المسلمين من أوروبا خلال العام 2017، بالتزامن مع احصائية نشرها معهد “بيو” الأمريكي للأبحاث تقريرا حول انتشار الإسلام، ووجدوا أن هذا الدين هو الاسرع انتشار بين الاديان الاخرى، متوقعا ان بحلول عام 2070 سيكون الدين الاكثر اتباعا بين الاديان الاخرى خاصة في أوروبا.

 

وتوقعت الاحصائية أنه بحلول عام 2050 سيكون عدد مسيحيي بريطانيا وفرنسا أقل من 50% من السكان وكذلك أستراليا، ويتوقع أن يشكل المسلمون 10% من سكان أوروبا في نفس العام، ويتوقع أن يصبح شخص واحد بين 50 شخصا في الولايات المتحدة مسلما.

هزيمة مبكرة !

وبحسب المراقبين ، فإن هزيمة مبكرة نالت من مساعي “فيلدرز”بعد تواصل دبلوماسي على نطاق واسع بين حكومات الدول العربية والإسلامية والحكومة الهولندية، ولكن الغضب مما حدث قد يصل هذه المرة إلى أروقة الأمم المتحدة ، وفق ما أعلنه رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، الذي تعهد بإثارة قضية الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، في جنيف.

عمران خان ألقى الكرة في ملعب منظمة التعاون الإسلامي، التي يقع مقرها في جدة ، وتنشغل في الفترات الأخيرة بالترويج للتطبيع ودعم سياسيات ولي عهد السعودية محمد بن سلمان في العلمنة ، وفق مراقبين  ، حيث طالبها بإثارة قضية الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول في أروقة الأمم المتحدة ، فضلا عن التوصل إلى سياسة جماعية يمكن طرحها في المنتديات الدولية.

 

جاء ذلك بالتزامن مع مظاهرات واسعة شارك فيها آلاف الباكستانيين احتجاجًا على فيلدرز، مع استدعاء وزارة الخارجية الباكستانية، القائم بأعمال السفير الهولندي في إسلام آباد، احتجاجًا على هذه المسابقة.

وفي السياق ذاته دانت الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان في منظمة التعاون الإسلامي التي اجراءات “فيلدرز” المسيئة للرسول والاسلام ، ووصفت ما حدث بالاعتداء التعسفي الذي يمس الحساسيات الدينية لأكثر من 1.6 مليار مسلم حول العالم، مؤكدة أن هذه المسابقة يمكن أن تؤدي إلى إشعال وتعزيز ثقافة التعصب والتحريض على الكراهية.

نطاق حرية التعبير بحسب الهيئة ليس مطلقاً كما هو منصوص عليه في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والأهم من ذلك أن المادتين 19 و20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ينصان بوضوح على أن حرية التعبير ليست حرية وحقاً مطلقاً حيث تقتضي ممارستها واجبات ومسؤوليات خاصة لضمان التماسك المجتمعي وكذلك احترام حق وسمعة الآخرين.

التحرك الاسلامي رغم أنه محدود بحسب مراقبين إلا أنه دفع رئيس الوزراء الهولندي وزعيم الحزب الحاكم مارك روته إلى اعتبار مسابقة فيلدرز “غير محترمة” و”استفزازية” وقال: “فيلدرز سياسي وهو حر في إثارة الجدل.. لكنه يجب أن يجنب الجميع في هولندا، مسيحيين ومسلمين، الضرر جراء مثل هذه المسابقات”.

 

كما أعرب وزير خارجية هولندا ستيف بلوك عن أسفه من تنظيم مسابقة للرسوم المسيئة للإسلام في مقر برلمان بلاده، في مكالمة هاتفيه له مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، ولكن يرى البعض أن سياسية الاعتذار لا تجدى مع اعلان المتطرفين في أوروبا استمرار الاساءة الى نبي الاسلام والنيل من تواجد المسلمين في القارة البيضاء .