إبراهيم سمعان

الغوطة الشرقية، منطقة متمردة لا تزال خارج سيطرة النظام، تتعرض لقصف شديد من قبل الغارات الجوية السورية والروسية، خلال أسبوع واحد، قتل ما لا يقل عن 229 شخصًا، كما يعاني السكان أيضًا من حصار غذائي، في وقت وصلت المفاوضات لطريق مسدود.

تحت هذه الكلمات، سلطت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية الضوء على الوضع المأساوي الذي تشهده منطقة الغوطة الشرقية، حيث أشارت إلى أن مشاهد الفيديو الواردة من هناك، تظهر فيها الأجساد الممزقة، والأولاد والدماء تغمرهم، والأهل وهم يذرفون الدمع وسط الأنقاض.

وأضافت “مشاهد كلها عويل وصراخ، ينشرها الناشطون يوميًّا على الإنترنت مع حصيلة القتلى والجرحى وأسماء المدن التي استُهدفت وعدد غارات الجيش السوري وحليفه الروسي”.

هذه الضاحية الواقعة في دمشق، تكتب ليبراسيون، لم تتعرض قط لقصف شديد كالذي تشهده اليوم منذ عام 2015، وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

وأوضحت أن الغوطة الشرقية هي آخر جيب لا تزال تسيطر عليه المعارضة في المنطقة المجاورة مباشرة للعاصمة، وهي منطقة خصبة تسمى “بستان دمشق”.
ولفتت إلى أنه في ربيع عام 2011، كان سكان الغوطة الشرقية من بين أول من أظهر معارضتهم لبشار الأسد، إذ رد النظام بالعنف، وفي الأشهر الأولى، قتل أو جرح مئات المتظاهرين، ومع صيف 2011، ولد التمرد المسلح.
وخلافا للمجموعات الشمالية، ظلت المعارضة المسلحة في الغوطة محلية، ولا يزال هناك عنصران رئيسيان يتراوح عددهما بين عشرة وعشرين ألف رجل؛ جيش الإسلام الذي يسيطر على دُوما، وفيلق الرحمن الذي يُدعى الجيش السوري الحر في وسط القطاع، وكلاهما يتقاتلان بانتظام.
ونشرت “ليبراسيون” شهادات عدد من سكان الغوطة متسائلة عن سبب استهدافها، حيث قال أسعد العشي، مدير تنظيم “بيتنا سوريا” للصحيفة: “هناك سببان؛ الأول، هو انضمام السلفيين التابعين لأحرار الشام وجهاديي هيئة تحرير الشام للقوات المتواجدة في محيط حرستا، وشنوا هجوما في يناير ضد القوات الموالية للنظام.

أما السبب الثاني، فهو أن روسيا ربما أرادت أن تنتقم من فشل مفاوضات “سوتشي” التي رفضت المعارضة المشاركة بها، هذا ما دعاها”، مؤكدا أنها تساهم بكثافة في القصف الجوي، بعد أن كانت تترك الجيش السوري يتولى معظم الغارات.

وتابع العشي: أرجح هذا السبب؛ لأن الطائرات الروسية تشارك على نطاق واسع، والهجمات الشرسة جاءت أيضا بعد تدمير سوخوي 25 الروسية فوق محافظة إدلب (شمال غرب)، من قبل الجهاديين التابعين لهيئة تحرير الشام.

مأساة إنسانية

ووصفت “ليبراسيون” ما تشهده الغوطة الشرقية بـ “الكارثة”، حيث يعيش أربعمائة ألف شخص، يتعرضون للقصف والجوع، ورغم حصارهم منذ عام 2013، استطاعوا التغلب على ذلك بفضل الأنفاق التي كانت تنقل من خلالها الأغذية والأدوية من المناطق التي يسيطر عليها النظام، لكن القوات الموالية لبشار دمرتها الصيف الماضي.

وبينت أنه منذ ذلك الحين،  والمدنيون يعتمدون على السلع التي يتم تهريبها عن طريق القوات العسكرية الفاسدة للنظام، لكن الرشاوى التي تدفع للجنود تضاف للضريبة التي يأخذها المتمردون، وفي غضون بضعة أشهر، انفجرت الأسعار؛ سعر الخبز الآن تضاعف أكثر من 24 مرة مما هو عليه في دمشق، والأرز 10 مرات، الأسعار لا يمكن تحملها بالنسبة لغالبية السكان.

في نوفمبر الماضي، قامت “اليونيسيف” بإحصاء أكثر من 1100 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، والمستشفيات تفتقر إلى الأدوية والمواد الأساسية، وباتت غير قادرة على العلاج.