العدسة – معتز أشرف

انتهاكات لا تتوقف ضد طلاب مصر، يقودها الرئيس المصري المنتهية ولايته، عبدالفتاح السيسي، في سياق مواجهته المفتوحة قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة في مارس المقبل، والتي أطاح فيها بمعظم رموز المعارضة ودعاة مقاطعة الانتخابات، حتى وصل قطارها الأهوج إلى الطلاب، بوضع أربعة من قياداتهم علي قوائم الإرهاب، ما أدى إلى انسحاب حركة طلابية بارزة من المشهد إلى أجل غير مسمى، ويضع علامات قلق جديدة علي المشهد المصري المتأزم -وفقا للمراقبين- خاصة مع استمرار عزوف الشباب والطلاب عن المشاركة التي جلبت لهم في عهد السيسي القتل أو السجن !.

استهداف خطير !

في تجميد جديد، بعد إعلان حزب “مصر القوية” تجميد نشاطه مؤقتا، ودراسة حزب الوسط المصري للتجميد، أعلنت حركة طلاب مصر القوية (أبرز الحركات الطلابية في جامعات مصر) تجميد نشاطها لأجل غير مسمى، إثر وضع أمينها العام و3 رؤساء اتحادات طلابية سابقة على قائمة للإرهابيين بالبلاد كان على رأسها المعارض المحبوس عبدالمنعم أبوالفتوح، حيث نشرت الجريدة الرسمية المعنية بنشر القرارات في 22  فبراير الجاري، تفاصيل الإدراج بقوائم الإرهاب لـ 16 شخصا، بينهم 4 طلاب جامعيين، من بينهم الأمين العام لحركة “طلاب مصر القوية”، عمرو خطاب، الطالب بالفرقة الثالثة بكلية الهندسة بجامعة عين شمس، وعضو مجلس اتحاد الكلية بالعام الدراسي 2014-2015.

وقالت حركة طلاب مصر القوية التي تأسست في عام 2012، وترفض ربطها بحزب مصر القوية الذي يترأسه “أبوالفتوح”: “نحن لا نجد الكلمات لنصف ما حدث من إدراج “خطاب” و3 رؤساء اتحاد طلاب جامعات سابقين، على قوائم الإرهابيين، فأي إرهاب وأي قوائم تلك التي يوضع عليها من شهد لهم الجميع بالعمل وفق قواعد سلمية وقانونية ومعلنة، وما انفكوا يدينون الإرهاب بكافة أشكاله على مدار السنوات السابقة، وبالتالي؛ فلا جدوى لأي تجمع طلابي سلمي جاد، حينما لا يأمن على نفسه من الإدراج على قوائم الإرهاب يومًا ما؛ لذا قررنا تجميد نشاط الحركة لأجل غير مسمى، وتوكيل عدد من المحامين للطعن على القرار”.

وأوضحت الحركة أنه شارك أغلب أعضاؤها في الترشح لشغل عضوية اتحاد الطلاب بشتى الجامعات، وحظيت بثقة العديد من الطلاب في كل المستويات، بدءًا من عضوية لجان الفرق الدراسية بالكليات، و وصولاً لعضوية المكتب التنفيذي لاتحاد طلاب مصر، وذلك في كل من انتخابات مارس 2013، ونوفمبر 2015، و أخرها ديسمبر 2016، حرصًا على المشاركة الفعالة في تنشيط برامج التوعية والدعم لطلاب الجامعات، من خلال منصات الجامعات الرسمية، مؤكدة أنها ترى خطورة بالغة لا يغفلها مبصر في هكذا قرار لم يمس فقط طلاب مصر القوية، إنما شمل مستقلين شغلوا أعلى مستويات العمل الطلابي الرسمي في اتحادات الجامعات واتحاد طلاب مصر، والمشهود لهم بالكفاءة والإخلاص والتسامح.

من جانبه، قال القيادي الطلابي عمرو خطاب، في رسالة بعث بها إلى النائب العام المصري مساء السبت: “لست هاربا، ولكني فوجئت بإدراج اسمي ضمن قرار محكمة الجنايات على قوائم الإرهاب، و هو الحكم الذي صدر وفق تحريات فقط، دون تحقيق أدنى إجراءات العدالة الجنائية، وهي سؤال المتهم، وحقه في الدفاع عن طريق محاميه، فضلا عن عدم وجود أدلة إدانة من الأساس، مضيفا أن عمله الطلابي و السياسي كله، على مدار سنواته الخمس، تم ضمن الأطر الرسمية و القانونية، و هو العمل الذي يعتز به، ولا يتنصل منه مطلقا، مشددا علي استعداده الكامل للمثول أمام جهات التحقيق فور الانتهاء من بعض الإجراءات القانونية خلال أيام”.

أرقام مفزعة !

ويتحدث المراقبون عن عداء واضح من نظام الرئيس المصري المنتهية ولايته عبدالفتاح السيسي، منذ الإطاحة بالدكتور محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب بمصر، في 3 يوليو 2013، وتواترت تقارير حقوقية داخلية وخارجية عن تصاعد كم الانتهاكات بحق الطلاب في مصر في عهد السيسي، وهو ما رصده “مرصد طلاب حرية ” المعنيُّ بالشأن الطلابي الحقوقي في اليوم العالمي للطلاب في أواخر عام 2017، حيث أكد استمرار الانتهاكات في حق طلاب مصر للسنة الرابعة علي التوالي، وضياع مستقبل الطلاب مع تجاهل أية نداءات لإيقاف تلك الجرائم أو التحقيق مع مرتكبيها في ظاهرة تنذر بالقلق لما يشكله ذلك من خطورة جسيمة على الحريات والحقوق الطلابية والحياة الجامعية السليمة، وأيضًا لما قد يؤدي إلى ظهور انقسامات مجتمعية سيئة بناء على ازدواجية التعامل مع الآراء والانتماءات السياسية والفكرية من طرف النظام داخل مصر .

وبحسب مرصدطلاب حرية “، ووفق ما تم حصره وتوثيقه من انتهاكات بحق الطلاب، بين تاريخي 3/7/2013 – 6 /11/2017، فقد اعتقلت السلطات المصرية في عهد السيسي  5975 طالبًا وطالبة، ومازال منهم 3353 رهن الاعتقال، وأخلي سبيل البقية, كما تم فصل عدد كبير من الطلاب تعسفيًّا، وحرمانهم من استكمال حقهم الدراسي في التعليم الجامعي، حيث تعدى عدد من فصلوا من الجامعات المصرية والمعاهد 1261 طالبًا؛ منهم بالجامعات المصرية 1119 طالبًا وطالبة، وبالمعاهد 39 طالبًا وطالبة، كما تم حرمان عدد من الطلاب من حقهم في السكن بالمدن الجامعية، والذين بلغ عددهم نحو 142 طالبًا وطالبة، ولم تتوقف الجرائم عند هذا الحد، بل انتشر -بحسب المرصد- ما يعرف بجريمة الإخفاء القسري المخالفة للمادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حتى أصبح المعتاد الآن أن كل من يتم اعتقالهم تعسفيًّا يتم إخفاؤهم وتعذيبهم لفترة، قبل ظهورهم في أقسام الشرطة ومراكز الاعتقال، حيث تعرض نحو 997 طالبًا للإخفاء القسري، خلافًا للقتل العمد خارج إطار القانون، سواء داخل أو خارج الحرم الجامعي، أو داخل السجون أو خارجها، فقد وصل عدد القتلى من الطلاب نحو 254 من بينهم 6 طالبات.

ولم يتوقف السيسي عن قمع الحركة الطلابية فحسب بل ذهبت أدواته الأمنية إلى  استهداف المدافعين الحقوقيين عن الطلاب، حيث اعتقلت قوات الأمن المصرية أربعة من إدارة لجنة “توثيق انتهاكات طلاب مصر”، وهي لجنة حقوقية تهتم بشؤون الطلاب المعتقلين سياسيا، وسبق أن تلقت تهديدات من جهاز الأمن الوطني، لوقف حملات الدعم للطلاب المعتقلين، وذلك بعد أن أطلقت اللجنة عدة حملات حقوقية وإعلامية للمطالبة بالإفراج عن الطلاب والطالبات المعتقلين لأسباب سياسية، كما طالبوا بتمكين الطلاب المعتقلين من أداء امتحاناتهم، والسماح بدخول الكتب والمستلزمات الدراسية لهم داخل مقار الاحتجاز.

تاريخ لا يركع

وبحسب مراقبين، فإنه رغم الركود المتزايد في الجامعة، وانعدام أي حراك طلابي مؤثر شكلًا أو مضمونًا، إلا أن القبضة الأمنية لدولة الثورة المضادة على الجامعات لا تزال تشتد يومًا بعد يوم، وبحسب دراسة تحليلية نشرت حديثا، فإنه يمكن ”  فهم سُعار دولة السيسي وممثليها من عمداء الكليات ورؤساء الجامعات، لقمع الحركة الطلابية والقضاء عليها نهائيًّا، في حالة لم نفصله عن السياق العام لقمع الحركة الاجتماعية الثورية بالأساس في مصر، وبالتوازي مع رؤية الدولة لمفهوم “الشباب” التابع لها، حيث تعادي الدولة الحالية الحراك الطلابي لمنع أي خلل في تشابك العلاقات والمصالح بين الطبقة الحاكمة المحلية ونظيرتها العالمية، خاصة مع إدراك الارتباط الوثيق و”التاريخي” للحركة الطلابية المصرية بقضايا مناهضة التبعية والتطبيع، كما تعلم دولة الثورة المضادة جيدًا حجم الدور الذي قد تقوم به الحركة الطلابية المصرية، إن انتُشلت من الركود الذي أصابها، وضُخّت الدماء فيها مجددًا؛ لذا فهي ترى تصفية الحركة الطلابية أمرًا ضروريًّا للسيطرة التامة على الجامعة للحيلولة دون استقلالها، وضمان عدم بعث الحياة فيها من جديد”.

موقعفوكسالأمريكي أكد أن تاريخ الحركة الطلابية المصرية ضد قمع الأنظمة ومعارضة السلطات، لا يعرف الخضوع، مشيرا إلى “اعتراف اللواء مجدي عبدالغفار، وزير الداخلية، بأنَّ هناك على الأقل 3462 طالبًا جامعيًّا خلف القضبان”، ونقل عن مؤرخ الشرق الأوسط “هاوورد إيسينستيت” قوله: “هذا العدد هو أكثر من الكيان الطلابي لبعض الكليات الأمريكية بأكملها، مثل كلية فاسار وسوارثمور وأمهرست.. لماذا يعتقل هذا العدد الذي يقدر بكلية بأكملها خلف القضبان؟.. إن هذا جزء من الحملة القمعية التي يقودها الرئيس عبدالفتاح السيسي بعد الربيع العربي”.