في البداية، كان الشقيقات الثلاث، فوزية ومناهل ومريم، ينشرن على مواقع التواصل تحت أسماء مستعارة وحسابات مجهولة، في المقابل كانت السلطات السعودية تُشكك في حقيقة هذه الحسابات وتتهمها بأنها مجرد حسابات ضمن لجان الذباب الإليكتروني هدفها تشويه صورة المملكة. كانت مريم غاضبة من هذه المحاولة لتشويه صورتهن والاستهزاء بأصواتهن، لذلك قررت الإفصاح عن هويتها دون خوف، لتصبح واحدة من أوائل النساء السعوديات اللاتي أعلنن عن وجودهن واستخدمن اسمها الحقيقي. تم القبض عليها فور الإعلان عن هويتها، وبعد أيام قليلة، تم القبض على فوزية أيضًا. حطم ضباط الشرطة باب منزلها وسحبوها إلى الشارع بعد أن نشرت خبرًا عن اعتقال أختها… قالت في حديثها مع صحيفة الغارديان عن هذه الواقعة: “كان الأمر أشبه بعملية الاختطاف”.

بدورها، بدأت المناهل بنشر أخبار اعتقال مريم وفوزية، وقد تناولت وسائل الإعلام الدولية قصة اعتقالهن وانتشرت على نطاق واسع، وبعد فترة تم إطلاق سراح الشقيقتين، لكن فوزية تقول إنه منذ تلك اللحظة فصاعدًا، بدأت السلطات حملة لا هوادة فيها من الترهيب والضغط على أسرتهما لمحاولة إسكاتهما جميعًا.

وأضافت فوزية أنه بعد بضعة أشهر “طلبوا من عائلتنا قتلنا” بحجة التخلص من “العار الذي جلبناه للعائلة”، تقول: “قالوا: سنساعد ابنك على القيام بذلك، لكن عائلتي رفضت… ولم تنس السلطات أمرنا بالرغم من ذلك… لقد رأوا كيف طالب الجميع بالإفراج عن مريم… لقد كانوا ينتظرون فقط معاقبتنا”.

بينما كانت فوزية تعيش في دبي، أصبحت الحياة في المملكة العربية السعودية صعبة بشكل متزايد على أخواتها، أُجبرت مريم على ترك وظيفتها في إحدى الوزارات الحكومية وتم منعها من السفر، وبعد أن نشرت ما يحدث لها، صدر أمر بالقبض عليها.

تقول فوزية: “قالت مريم إن الحياة في السعودية كابوس وطلبت مني ألا أعود… إنها كانت تعيش في خوف دائم من الاعتقال والسجن مرة أخرى – لكنني اعتقدت أنها كانت تعاني من اضطراب ما بعد الصدمة وتبالغ في الأمور”.

بدت المناهل، التي أصبحت مدربة لياقة بدنية معتمدة، أقل تأثرًا بما يجري وأكثر إصرارًا على عدم الخضوع، وواصلت نشر دعمها لحقوق المرأة وصورها وهي تمارس حياتها أمام متابعيها، حتى يوم اعتقالها في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

تصف فوزية الأسابيع التي تلت هروبها واعتقال مناهل بأنها كانت مليئة بالذعر، وتقول: “لقد أسكتوا مريم بالفعل وكانوا ينتظرون تواجدي في البلاد طوال هذه السنوات حتى يتمكنوا من اعتقالنا معًا”.

وعلى الرغم من أنها تمكنت من الفرار، إلا أن فوزية لم تشعر بالأمان في البحرين -حيث ذهبت إليها عبر جسر الملك فهد بعد فرارها من السعودية- وسافرت إلى تركيا، وتقول: “لقد تركت كل ممتلكاتي وحياتي خلفي في دبي… لم يكن لدي أي خطط – فقط أحاول أن أكون آمنًا.”

لقد كان وقت خوف وحوار محموم مع العائلة والمحامين، في محاولة لاكتشاف ما حدث لمناهل. تقول فوزية: “لم أستطع النوم… كنت أقفل الأبواب بإحكام ولا أخرج كثيراً”.

وفي يناير/كانون الثاني 2023، مثلت مناهل أمام المحكمة، وشملت التهم الموجهة إليها نشر صور على تطبيق سناب شات لنفسها في مركز تجاري دون العباءة (رداء تقليدي) ونشر منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي لدعم حقوق المرأة، وتعود كلا الجريمتين المزعومتين إلى عام 2018.

وأحيلت قضية المناهل إلى محكمة متخصصة في الجرائم المتعلقة بالإرهاب، واتهمتها السلطات بقيادة حملة دعائية لتحريض الفتيات على التنديد بالمبادئ الدينية، والتمرد على العادات والتقاليد في الثقافة السعودية. وفي الأسبوع الماضي، أكد مسؤولون سعوديون في بيان للأمم المتحدة أن المناهل قد حكم عليهم لارتكابها “جرائم إرهابية”.

وتقول فوزية إنه منذ اعتقال مناهل، تعرض والداها لضغوط شديدة من السلطات حتى لا يتحدثا عما يحدث لبناتهما، ووصفت الحالة النفسية لمريم حيث قالت إنها أصبحت في عزلة تامة وخوف مستمر “إنها تشعر أنها سوف تختفي من قبل النظام في أي لحظة.”

انتقلت فوزية إلى إدنبرة في عام 2023، وتقول إنها اختارت المدينة حتى تشعر بأنها قريبة من مناهل، التي كانت تحلم دائمًا بالعيش هناك “لقد قرأت عنها في العديد من الكتب، عن الأشخاص الودودين، والمناظر الطبيعية، والتاريخ.”

الآن، تدور حياة فوزية حول محاولة إطلاق سراح مناهل ورفع حظر السفر عن مريم، إنها تعرف مخاطر التحدث علنًا ضد المملكة ونشر ما حدث لأخواتها، لكنها مصرة على أن هذا هو ما يريدون منها أن تفعله. وتقول: “لقد قطعنا عهداً بعد كل ما حدث لنا بأن ندافع عن بعضنا البعض”. ولا تزال تعتقد أن الضغط الدولي يمكن أن يعجل بالإفراج عن مناهل، “لأن السعودية تهتم حقًا بما يقوله الناس من خارج البلاد”.

على الرغم من أن المملكة العربية السعودية تحاول تقديم نفسها كدولة إصلاحية – فقد تم اختيار البلاد مؤخرًا كمضيف للجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق المرأة وهي حريصة على تقديم عطاءات لاستضافة بطولة كأس العالم للسيدات المقبلة – إلا أن فوزية تصر على أن ما حدث لها ولأخواتها يُكذب كل هذه الروايات ويكشف النسخة الحقيقية لكيفية معاملة النظام للنساء.

إن نشاط فوزية المستمر بالنيابة عن شقيقاتها – ورفضها التزام الصمت عند المطالبة بحقوق المرأة – يعني أنها تواجه وابلًا مستمرًا من المضايقات والإساءات عبر الإنترنت من حسابات مجهولة، ومن مسؤولين حكوميين سعوديين يقولون إنها تجلب العار لعائلتها وللوطن.

وتقول: “أرادت الكثير من النساء في السعودية أن يصبحن مثلنا، لكنهن كن خائفات للغاية من التحدث، لذلك انتظرن لمعرفة ما سيحدث لنا… على الرغم مما فعلوه بعائلتنا، لن أسمح لهم بإسكاتي… إنهم لا يريدون تغيير حياة المرأة في السعودية… إنهم يريدون إبقاء وضعهم سراً. لقد تركوا العالم يعتقد أنهم تغيروا قبل أن يعتقلوا جميع النساء اللاتي طالبن بالتغيير”.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا