إبراهيم سمعان

بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة للقاهرة تستمر ثلاثة أيام، فالعلاقات التجارية بين البلدين تزدهر، خاصة بالنسبة لمبيعات الأسلحة، وهو أمر له تأثير مباشر على تدهور حالة حقوق الإنسان في مصر.

 

إن الكعكة الضخمة التي قدمها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان بمناسبة عيد ميلاده في يوليو الماضي فسره الكثيرون على أنه علامة ممتازة للمفاوضات الجارية حول بيع فرنسا لمصر 24 طائرة رفال جديدة، أو 30 طائرة بدون طيار من طراز باترولر.

يجب أن تؤكد زيارة الرئيس ماكرون لمصر أن العلاقات التجارية بين باريس والقاهرة في أيد أمينة، خاصة مبيعات الأسلحة، فالروابط التي تجعل مصر أول زبون لفرنسا على المستوى العالمي في هذا المجال، تجعل فرنسا في المرتبة الثالثة بين الدول المصدرة للأسلحة في العالم.

ووفقا لصحيفة “ليبراسيون” هذا الاهتمام الواضح من الرئيس المصري في مجال التسلح من فرنسا هو، على أقل تقدير، مشكوك فيه، يود السيسي أن يشتري صمت باريس، وحتى اليوم كل شيء يميل إلى إثبات أن هذه الاستراتيجية تؤتي ثمارها.

خلال الزيارة الأخيرة لنظيره المصري في باريس في أكتوبر 2017 ، وبينما كانت مصر قد أبرمت عقودًا في مجال الدفاع، كان إيمانويل ماكرون حريصًا على تحديد أنه كان يوقع ” عقودًا ” لا يمكن إعطاء دروس ” في مجال حقوق الإنسان.

رسميا، مبيعات الأسلحة تأتي ضمن إطار “شراكة متميزة” تحتفظ بها الدولتان تحت اسم مكافحة الإرهاب، وهي  ذريعة كاذبة ظاهرة لأي شخص مهتم بالوضع الداخلي المصري، حيث أصبح قمع أي رأي مخالف هو المحور السياسي الوحيد والواضح بشكل متزايد.

إن دعم الإليزيه الثابت للرئيس المصري له عواقب مباشرة لتدهور حالة حقوق الإنسان في مصر، فهو يتغاضى عن قمع غير مسبوق للحريات، بينما من المرجح أن تخدم صادرات فرنسا من الأسلحة وتكنولوجيات المراقبة أو السيطرة على الحشود مقاصد القمع، وليس مكافحة الإرهاب.

الكثير من العقود المربحة التي توضح صمت السلطات الفرنسية، فالعديد من الإجراءات الصارمة التي صدق عليها هذا العام عززت ترسانة القمع المصرية، إذ يسمح قانون الجرائم الإلكترونية للسلطات المصرية، على وجه الخصوص، بحجب أي موقع إلكتروني يشكل “تهديدًا للأمن القومي” ، ويقضي بالسجن لمدة تصل إلى عامين على الأشخاص الذين يديرون أو ينشئون هذه المواقع.

قانون آخر اعتمد في عام 2018 يجرم نشر محتوى محدد بعبارات فضفاضة جدا ويسمح بالرقابة من قبل المجلس الأعلى لتنظيم وسائل الإعلام بمعايير غامضة، إلى درجة أن مصر تحتل الآن المرتبة 161 من بين 180 دولة في تصنيف منظمة مراسلون بلا حدود حول حرية الصحافة، ولديها أكثر من 30 صحفيًا وراء القضبان.

كذلك تتزايد الهجمات على المدافعين عن حقوق الإنسان، مثل مالك عدلي وإبراهيم متولي وأمل فتحي، وشملت “حملة القمع” في نوفمبر الماضي اعتقال 40 ناشطًا في مجال حقوق الإنسان.

لم ينج القطاع الفني أيضا، مع المرسوم رقم 1238 الصادر في يوليو الذي يضع إطارًا جذريًا لحرية الفنانين، ومع ذلك لا يوجد رد فعل من قبل وزارة الخارجية الفرنسية أو قصر الاليزيه على هذه الرقابة واسعة النطاق على المستوى الوطني، ويقولون “لا نعطي دروسا”.

كما تم اعتقال العديد من الشخصيات المعارضة ، لدرجة أن هناك الآن حوالي 60 ألف سجين سياسي في مصر، كذلك  الاختفاء القسري هو أيضا شائع، مع 129 حالة وفاة في الحجز عام 2017.

هذا الوضع الكارثي لا يمكن أن يستمر ويكون الرئيس ماكرون غير مبال به،  يجب أن تكون زيارته فرصة لتحدي السيسي، والمطالبة بالمساءلة عن سياسته “لمكافحة الإرهاب”، في الوقت نفسه، يجب على فرنسا أن تنظر بجدية في سياستها ودعمها غير المشروط والتعامل مع قضية مبيعات الأسلحة، فاحترام الالتزامات الدولية لفرنسا ليس أمرًا اختياريًا.

ينبغي وقف مبيعات المراقبة وتكنولوجيا الأسلحة طالما سيتم استخدامها ف انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بموجب معاهدة تجارة الأسلحة، التي وقعت عليها كما أنه على البرلمان الفرنسي لعب دوره من خلال مساءلة السلطة التنفيذية، ومن خلال إنشاء لجنة برلمانية دائمة للسيطرة على الصادرات الفرنسية من المعدات العسكرية والمراقبة.

 

للاطلاع على النص الأصلي للتقرير  اضغط هنا