العدسة -ياسين وجدي:

كارت أحمر ، بات يلاحق المسئولين الإيرانيين في الغرب ، ووصل في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أبناء المسئولين بالتزامن مع تصعيد العقوبات الأمريكية ضد طهران.

“العدسة” توقف عند قرار ألبانيا بطرد دبلوماسيين إيرانيين ، والذي حظي بدعم أمريكي مباشر وتحريض ضد النظام الإيراني وبحث في كواليس المشهد المقلق دوليا ، ويبدو أن الأيام القادمة ليست في صالح إيران نهائيا ، إنها أيام يسودها القلق وفق المراقبين.

موجة طرد !

تعرض سفراء وشخصيات ذات حيثيات في إيران إلى الطرد في الفترة الأخيرة بشكل لافت، وفق ما هو مرصود.

وفي الساعات الأخيرة طردت دولة ألبانيا دبلوماسيين إيرانيين من بلادها كانوا يخططون لأعمال تهدد أمن ألبانيا، مؤكدة أنها قد اتخذت القرار بعد التشاور مع الدول الحليفة بعد  اكتشاف السلطات الأمنية لمخطط يحضر لاستهداف لاعبي كرة القدم من المنتخب الوطني الصهيوني.

وشهد يوليو الماضي ، قرار هولندا طرد دبلوماسيين إيرانيين اثنين، على خلفية أعمال عدائية، صنفت وقتها بأنها تأتي في ظل حملة ضد شبكات إيرانية في أوروبا.

وفي أكتوبر الماضي وجه الادعاء الألماني الاتهام رسميا، إلى الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي، كونه كلّف زوجين في بلجيكا لتنفيذ مخطط إرهابي كان يستهدف تجمعا ضخما للمعارضة الإيرانية في العاصمة الفرنسية باريس، ووافقت ألمانيا على تسليمه بناء على مذكرة توقيف أوروبية.

وكشفت منظمة خلق الإيرانية المعارضة عن صدور تقرير لوکالة الاستخبارات الداخلية في ألمانيا يضاعف طرد جواسيس النظام الإيراني من ألمانيا وإدراج قوات الحرس في قائمة المنظمات الإرهابية.

وقبل أيام أعلن مجموعة العمل الخاصة بإيران في وزارة الخارجية الأميركية، براين هوك، في مقطع فيديو بأن بلاده ستنظر في مسألة طرد عوائل وأقارب مسؤولي النظام الإيراني.

الطرد من سوريا ، لاحق إيران كذلك ، وطالبت أمريكا والسعودية والكيان الصهيوني وفق تقارير متواترة بشار الأسد رئيس النظام السوري بطرد الإيرانيين من سوريا مقابل استقرار النظام.

المواجهة مستمرة !

ويشير البعض أن هذه الخطوات الأمريكية الغربية تجاه إيران لها أبعاد أخرى في إطار الأزمة مع المملكة العربية السعودية حيث يرى هذا الفريق أن الغرب يريد أن يحافظ على توازن العلاقة مع المملكة ففي الوقت الذي يصعد فيه ضد ولي العهد محمد بن سلمان يجامل السعودية في قضية إيران في إطار المحافظة على التوازن السياسي والمصالح المشتركة في ظل أن إيران لن تقم بأي تهديد يذكر للمجتمع الدولي وأن التخوفات من إيران لصالح السعودية ودول الخليج العربي.

واستدل هذا الفريق  بتصريح وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الخميس، الذي أكد أن العالم يجب أن يتحد لفرض عقوبات على النظام الإيراني، لحين تغيير سياسته المدمرة، وأثنى على قرار رئيس وزراء ألبانيا بطرد إيرانيين خططا لهجمات إرهابية، فيما اعتبر مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، أن القرار هو تصدي إيجابي لسلوك إيران المتهور في أوروبا والعالم بحسب وصفه.

ويرى مراقبون أن الضغوط الغربية والأمريكية تأتي في إطار تصعيد معركة إيران للواجهة مرة أخرى بعدما احتلت موضوعات أخرى المشهد الدولي ومن بينها مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وتورط ولي العهد السعودي في اغتياله، خاصة أن  محمد بن سلمان دعا في وقت مبكر إلى تصعيد الضغوط على إيران لتجنب المواجهة متوقعا حدوث حرب مع طهران خلال 10 أو 15 عاماً إذا فشلت جهود تجنّب المواجهة العسكرية”.

ويذهب البعض أن إيران مع استمرار التصعيد ضدها ، زودت قواعدها الاستخبارية في السفارات ، ما أضر بعلاقاتها الدبلوماسية وهددها بشكل غير مبرر ، وهو الرأي الذي يستند إلى قيام الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي، بالتورط في تنفيذ مخطط إرهابي كان يستهدف تجمعا ضخما للمعارضة الإيرانية في العاصمة الفرنسية باريس، مؤكدا أن هناك سوابق كثيرة تدعو إلى هذا القلق، حيث أن طوال عقود، كانت طهران ترسل عملاءها إلى أوروبا لتنفيذ عمليات اغتيال والقيام بأعمال إرهابية أخرى وفق هذا الرأي.

إيران كالعادة ذهبت لإلقاء اللوم على “الشيطان الأكبر” ، بحسب وصفها التلقيدي للولايات المتحدة الأمريكية ، وعزت القرار لضغوط أمريكية صهيونية تستهدف ضرب علاقاتها بأوروبا، وقال بيان للناطق باسم الوزارة، بهرام قاسمي : “نعتبر هذا الإجراء غير المعقول والمفروض على ألبانيا استمرارا لنهج تدمير والمساس بالعلاقات الخارجية الإيرانية، خاصة مع أوروبا، بهدف مضايقة إيران ونشر الإيرانوفوبيا من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل”.

عناد ايراني !

الحشد الغربي الذي يستخدم كذلك ورقة المعارضة وتفجير النظام من الداخل واضح مثلما العناد الإيراني تماما ، بحسب ما هو مرصود.

وكرر مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، تعاهداته مؤخرا بممارسة “أقصى درجات الضغط” على إيران ، كما ندد بالتزامن براين هوك، المبعوث الأميركي الخاص لإيران، ومستشار وزير الخارجية الأميركي بإفقار وسرقة الشعب الإيراني من قبل النظام، ومواصلة أنشطته الخبيثة في أنحاء المنطقة.

ويظهر في المشهد الضاغط مؤتمر الجاليات الإيرانية الأخيرة ومنها ما أعلنته منظمة خلق عن عقد مؤتمرات للجاليات في 42 مدينة في أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا وهو ما يستخدم كأداة للضغط الدولي، بجانب تصريحات تصعيدية من المنظمة ، تتصدرها تصريحات  مریم رجوي الرئيسة الموازية لإيران بحسب وصف المعارضة في الخارج ، حيث تطالب دوما المجتمع الدولي بمحاكمة رموز النظام الحالي والتدخل الصريح لإنقاذ الشعب الإيراني.

ويرى البعض أنه لا يمكن لأحد أن يستبعد أن تنقلب الطاولة تماما إذا ما تفجرت الأوضاع الداخلية في إيران بصورة لا يمكن السيطرة عليها دافعة النظام الإيراني لتجاوز خطوطه الحمراء، وساعتها سيكون هناك الكثير ليقلق العالم بشأنه.

ويستند ذلك الفريق إلى إقرار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في أكتوبر بأن إيران تواجه فترة حساسة بسبب الضغوط الأمريكية والمصاعب الاقتصادية قائلا :” حساس بمعنى أننا من ناحية لدينا صياح القوى المتعجرفة وساسة الإمبريالية الأمريكية… ومن ناحية أخرى لدينا المشكلات الاقتصادية التي تواجهها الأمة وتضييق العيش على قطاع كبير من الضعفاء في البلاد”.

ولكن طبقا لبعض المتابعين فإن تلك الإجراءات بجانب الأحداث الأخيرة التي استهدفت إيران كان بمثابة طوق النجاة للنظام الإيراني الذي يعاني منذ فترة ، من توتر الأوضاع الداخلية في إطار الصراع على من يخلف المرشد الأعلى ، على خامنئي، ولذلك جاءت هذه الأزمة لتعيد الاصطفاف الإيراني مرة أخرى لمواجهة الضغوط الغربية كما كان الوضع قبل التوقيع على الاتفاقية النووية.

إيران بحسب وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، تسعى لتحويل الضغط الحالي عليها إلى فرصة، لكي تعرف الولايات المتحدة أنه يتعين عليها التخلي عن إدمان فرض العقوبات وملاحقة طهران، وهو ما أكده مساعد وزير الدفاع الإيراني للشؤون القانونية والبرلمانية، رضا طلائي، مؤكدا أن أي رئيس أمريكي وأي صهيوني هدد إيران حصل على نتيجة معاكسة تماما.