كتب- باسم الشجاعي

بدأت مؤشرات قوية تظهر أزمة اقتصادية حادة في الإمارات، فبعد الركود الذي ضرب سوق العقارات مؤخرًا، تشهد العديد من الوجهات السياحية في دبي حاليًا، عملية إغلاق.

وبحسب تقارير إعلامية فإن عددًا من المطاعم في مدينة الجميرا أغلقت أبوابها، كما أن الكثير من الوجهات السياحية أوشكت على غلق أبوابها.

ومع مغادرة آلاف الطلاب المدارسَ هذا الشهر، وقطع شركة الاتصالات خطوط نحو ثلاثين ألف مشترك، فإن تحول دبي لمدينة أشباح يقترب من نهايته قبل سبتمبر المقبل.

ومن بين الوجهات السياحية التي أغلقت أبوابها أو باتت على وشك ذلك: “مطاعم سوق البحر والمخازن، وسوق برجمان ووافي، ومعظم مطاعم أبراج الإمارات، وسوق الغرير، وأرابيان سنتر، وصنست، ولانسي بلازا الذي تعرض لحريق في مارس الماضي ولم يفتح أبوابه بعد، وسوق الذهب في ديرة، ومخازن بور دبي خالية لأول مرة، منذ أكثر من أربعين عامًا، وأسواق الذهب في سوق دبي (دبي مول) ومدينة فيستيفالز، وفنادق سافوي كريست، وبانوراما، وجورماند، ورمادا، وريشموند، أغلقت أبوابها، فندق شاطئ الجميرا مغلق للإصلاحات، وأغلقت جميع مطاعمه وحاناته، وحديقتا دبي المعجزة ودبي سفاري مغلقتان، ومن المتوقع أن تغلق حديقة بوليوود قريبًا”.

ويبدو أن إمارة دبي تعاني من ركود اقتصادي كبير؛ فلا يمكن فك الارتباط بين ما يحدث حاليًا وما سبق من تدهور لسوق العقار.

Image result for ‫صورة لإمارة دبي‬‎

ففي الربع الأول من العام الحالي 2018، شهد سوق العقارات المباعة على الخرائط في دبي تراجعًا بنسبة 46%، بينما تراجع سوق العقارات الجاهزة بنسبة 24%، ومن المتوقع استمرار الركود في الربع الثاني من العام.

كما أن إيجارات المساكن انخفضت في دبي بنسبة 10 إلى 15%، ومن غير المحتمل حدوث انتعاش لهذا القطاع قبل العام 2020، وذلك حسب تقرير أصدرته وكالة “ستاندرد آند بورز” العالمية للتصنيف، في فبراير الماضي.

لكن يبقى السؤال الأبرز حاليًا، كيف ضرب الركود الاقتصادي إمارة دبي التي كانت تشكل مقصدًا للاستثمارات الأجنبية؟ وهل ثمة علاقة بين سياسات “أولاد زايد” في الشرق الأوسط وما يحدث حاليًا؟.

إرهاصات أزمة اقتصادية

من ضمن الأسباب الرئيسية التي تقف وراء الأزمة الاقتصادية التي تشهدها الإمارات، فرض ضريبتي القيمة المضافة والضريبة الانتقائية.

وفي نهايات العام الماضي، فرضت حكومة الإمارات الضريبة الانتقائية على عدد من السلع، قبل أن تدخل العام الجاري بفرض ضريبة القيمة المضافة على معظم السلع والخدمات في الدولة بنسبة 5%، وهو ما أثر بصورة ملحوظة وسريعة على حجم التضخم وعلى الأعمال.

وبدأت مؤشرات انهياره تظهر في السوق المحلي بعد نحو 6 شهور فقط من فرض ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية على الأفراد والمستهلكين، وهو ما قاد لضعف القوة الشرائية، وتسبب في بوادر أزمة اقتصادية لم تنفجر بعد، بحسب ما أكد خبراء الاقتصاد.

وكشف مؤشر التضخم الصادر عن مركز دبي للإحصاء، عن أن مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك ارتفع 1.99% في الربع الأول من عام 2018، مقارنة بالربع الرابع من عام 2017، وجاء ذلك نتيجة لارتفاع أسعار الكثير من السلع والخدمات في مجال الاتصالات والتعليم والمطاعم وغيرها، بسبب الضرائب الجديدة المفروضة في البلاد، ما أدى لارتفاع تكلفة المعيشة إثر الضرائب الجديدة، والذي تسبب بإغلاق العشرات من المحال التجارية والشركات الصغيرة والمتوسطة أبوابها وتصفية أعمالها ومغادرة البلاد، كما دفع الآلاف من المقيمين الأجانب للهجرة وعرض عقاراتهم للبيع، ما تسبب بوجود فائض من العرض في مقابل تدني مستوى الطلب.

حصار قطر

ومن ضمن الأسباب  التي تسببت في الركود الاقتصادي في الإمارات، يأتي الحصار المفروض على قطر؛ حيث كانت إمارة دبي إحدى الأماكن التي كان يقصدها المستثمرون والمواطنون القطريون.

وعلى خلفية قطع العلاقات مع قطر منذ منتصف 2017 توقف القطريون عن الذهاب للإمارات، ما أدى إلى تراجع حركة البيع والشراء والسياحة.

وقدر خبراء خسائر الإمارات العربية المتحدة جراء مشاركتها في محاصرة قطر بنحو 1.950 مليار ريال، مشيرين إلى أن الإمارات ستخسر ما يناهز 11 مليار ريال في حال تواصلت الأزمة.

ويبلغ حجم الاستثمارات المشتركة بين قطر والإمارات 16 مليار درهم إماراتي، بإجمالي نحو 1078 شركة، من بينها 487 شركة فعالة في الإمارات تستثمر في صناعة الأغذية والمشروبات.

Image result for ‫صورة لرباعي حصار قطر‬‎

صفعات متكررة

بالإضافة إلى أزمة حصار قطر، تأتي الصفعات المتكررة التي تلقتها الإمارات بشكل متتابع خلال الآونة الأخيرة.

ففي الفترة بين نوفمبر 2017 وأبريل 2018، فقدت الإمارات السيطرة على عدد من موانئ البحر الأحمر في 3 دول.

بدء الأمر من جيبوتي، التي أعلنت فسخ عقدها مع شركة “موانئ دبي العالمية” لإدارة محطة حاويات في مينائها الرئيسي، ثم صوت بعد ذلك برلمان الصومال في مارس الماضي لصالح حظر عمل الشركة في البلاد، وانتهاءً بالسودان، توالت خسائر الإمارات بعد معركة سابقة وصامتة دارت نهاية العام الماضي، وتحديدًا في شهر نوفمبر 2017، للسيطرة على ميناء بورتسودان من شركة موانئ دبي، لكن آمالها خابت بعد اتفاق إستراتيجي مع دولة قطر لإنشاء ميناء “بورتسودان”، وتتوالى الخسائر.

اليمن على الخط

كما تضغط الحرب الدائرة في اليمن منذ أكثر من 3 سنوات، على اقتصاديات دول الخليج المنتجة للنفط، خاصة السعودية والإمارات.

فاستمرار الحرب في اليمن يزيد من الضغوط الاقتصادية على دول الخليج، في ظل ارتفاع تكلفة الحملة العسكرية وطول المدة، بالتزامن مع استمرار أسعار النفط منخفضة، ما أدى إلى تفاقم عجز الموازنة في الإمارات.

وكانت توقعت الحكومة الإماراتية عجزًا في الموازنة قدره 6.2 مليارات درهم في 2018، أو 1.56% من الناتج المحلي الإجمالي.

Related image

وسبق أن أشارت ورقة بحثية أعدها مركز الإمارات للدراسات والإعلام، في فبراير الماضي، إلى أن الإمارات تنفق قرابة 1.3 مليار دولار شهريًّا (على أقل تقدير) في اليمن، في العمليات البرية والجوية ضمن التحالف الذي تقوده السعودية، ما يصل إلى (16 مليار دولار) سنويًّا.

وخلال المُدة بين 2015 ونهاية عام 2017، كانت الإمارات تعاني من اقتصاد هشّ، وتضاعف الجبايات على المواطنين والمقيمين للتخلص من عجز الموازنة الذي تفاقم في الدولة.

وما زاد الطين بلة، بالإضافة للحرب في اليمن، رعاية حروب أخرى في مصر وليبيا، ولأجل تغطية نفقات الحرب قامت الإمارات بعدة خطوات.

فقامت باللجوء إلى الصندوق السيادي للدولة وهو ما حدث فعلاً حيث تشير التقارير الدولية إلى أن أصول الصندوق السيادي (جهاز أبوظبي للاستثمار) تراجعت من 502 مليار دولار عام 2014 إلى 475 مليار دولار مع نهاية العام 2015، ما يعني الحاجة إلى اللجوء لسحب ما يقرب من 27 مليار دولار لسد عجز الموازنة.

وخفضت الإمارات حيازتها من سندات الخزانة الأمريكية بنحو 200 مليون دولار إلى 66 مليار دولار، حتى نهاية يوليو 2017.

كما قامت الإمارات بزيادة الرسوم والجبايات الحكومية على المقيمين والمواطنين، في المشتقات النفطية ورسوم الكهرباء والمياه والمعاملات الحكومية، وزيادة القوانين التي تُفَعل الضرائب والمدفوعات إلى جانب إيرادات جديدة كرسوم البلديات.