أظهرت وزارة الخارجية الأمريكية، ليلة السبت، 100 صفحة من الوثائق السرية الخاصة بإدارة الرئيس “دونالد ترامب”، والتي تكشف عن اتصالات متكررة بين وزير الخارجية “مايك بومبيو” ومحامي الرئيس الأمريكي “رودي جولياني”، خلال مارس/ آذار الماضي.

وأتيحت الوثائق في الساعة 11 مساء بتوقيت واشنطن، وهي آخر ساعة في المهلة التي حددتها محكمة أمريكية، استجابة لدعوى رفعتها هيئة رقابية مستقلة، للكشف عن وثائق متعلقة بقضية تواصل الرئيس الأمريكي مع نظيره الأوكراني، “فولوديمير زيلينسكي”، التي فتح الكونجرس بشأنها تحقيقا لإطلاق إجراءات عزل “ترامب”.

ومن بين تلك الوثائق، كشفت رسالة إلكترونية بتاريخ 27 مارس/آذار، أن مساعدة “ترامب” الشخصية السابقة “مادلين ويسترهوت”، ساعدت في توصيل “بومبيو” بـ”جولياني”، بعد أن حاول فريق الأخير عبر القنوات النظامية التواصل وفشل.

وتدعم هذه الوثائق ما جاء في شهادة سفير واشنطن لدى الاتحاد الأوروبي “جوردون سوندلاند”، هذا الأسبوع، والتي كانت بمثابة قنبلة؛حيث قال إن كبار مسؤولي الإدارة الأمريكية كانوا ضمن دائرة جهود “ترامب” و”جولياني” لدفع أوكرانيا للتحقيق مع نجل منافس “ترامب” الديمقراطي المحتمل للانتخابات الرئاسية 2020 “جو بايدن”.

وقال “سولاند” في شهادته: “الجميع كان في دائرة الضغط (على الرئيس الأوكراني).. لم يكن الأمر سرا”.

وأكد الرواية نفسها المبعوث الأمريكي السابق لمحادثات السلام في أوكرانيا، كبير الدبلوماسيين في الخارجية الأمريكية “كورت فولكر”، في شهادته أمام محققي الكونجرس، حيث قال إن “بومبيو” كان على اتصال مع “جولياني”.

وأضاف أنه لم يدعم دائما تعاملات “بومبيو” مع أوكرانيا، قائلا إنه أعرب عن قلقه لوزير الخارجية بشأن ما يفعله “جولياني” من إدخال أوكرانيا في الشأن الأمريكي وتوصيله سردا خاطئا عن الوضع لـ”ترامب”، فما كان من “بومبيو” إلا أن أعرب له عن سعادته باهتمامه لتصحيح هذا السرد.

كما تكشف الوثائق أيضا أن النائب المقرب من “ترامب”، “ديفين نونيس”، وهو أعلى جمهوري في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، كان على قائمة مكالمات “بومبيو”، بعد أيام قليلة فقط من اتصالات أجراها الأخير مع “جولياني”.

كانت شبكة “سي إن إن” الأمريكية ذكرت أن “ليف بارناس”، وهو زميل سابق لـ”جولياني” تم توجيه الاتهام إليه، سيكون على استعداد لإخبار الكونجرس عن لقاء مزعوم بين “نونيس” والمدعي العام الأوكراني المقال “فيكتور شوكين” في فيينا، ديسمبر/كانون الأول الماضي.

الوثائق تضمنت أيضا خطابا موقعا من قبل 6 سفراء سابقين للولايات المتحدة يمتدحون فيه السفيرة الأمريكية في أوكرانيا “ماري يوفانوفيتش”، التي تم استدعائها للعودة إلى واشنطن  في مايو/أيار الماضي، قبل عدة أشهر من نهاية الفترة التي كان من المقرر أن تقضيها هناك.

وأدلت “يوفانوفيتش” بشهادتها في تحقيقات الكونجرس، الشهر الجاري، قائلة إنها “تشعر بالتهديد” على إثر مكالمة بين الرئيس الأمريكي ونظيره الأوكراني قال فيها الأول: “حسنا، ستعاني (يوفانوفيتش) من بعض الأشياء”.

وخلال شهادتها، قالت: “لم أعرف ماذا كانت تعنيه هذه الإشارات، وكنت خائفة جدا ولا أزال”.

وقال المدير التنفيذي للهيئة الرقابة الأمريكية “أوستن إيفرز”، في بيان، إن الوثائق التي تم إطلاقها مساء الجمعة تعرض أدلة دامغة فيما يتعلق بتحقيق إجراءات عزل “ترامب”، وتوضح الجهود  المستمرة التي تبذلها الإدارة الأمريكية لعرقلة التحقيقات وإعاقة العدالة.

وكتب في بيانه: “يمكننا الآن أن نرى لماذا رفض بومبيو تقديم هذه المعلومات للكونجرس منذ البداية”.

ويسعى الديمقراطيون إلى إثبات أن “ترامب” ربط تقديم مساعدة عسكرية لكييف بقيمة 400 مليون دولار وزيارة للرئيس “فلوديمير زيلينسكي” إلى البيت الأبيض، بحصوله على تعهد من أوكرانيا بفتح تحقيق بشأن لفتح تحقيق في أعمال “جو بايدن” وابنه “هانتر” في أوكرانيا؛ حيث كان الأخير يشغل منصب عضو في مجلس إدارة شركة نفطية أوكرانية.

ففي عام 2014، بينما كان والده نائبا للرئيس “باراك أوباما” ويشرف على العلاقات الأمريكية مع أوكرانيا، انضم “هانتر” إلى مجلس إدارة شركة “بوريسما” القابضة للنفط.

ويتمحور التحقيق الرامي إلى عزل “ترامب” حول مكالمة هاتفية تمت بينه و بين “زيلينسكي” الصيف الماضي.

وكشف البيت الأبيض، الخميس، أن “ترامب” يريد أن تمضي محاكمته بغرض العزل قدما في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون، كما يصر على الاستماع خلالها إلى شهادات كل من “جو بايدن” ونجله، إضافة إلى من يطلق عليه مسرب المعلومات.