العدسة_ منذر العلي

اللاجئون المقيمون على أراضيها، يبدو أنهم أحدث ضحايا الدور الإماراتي المشبوه في الأزمة السورية، ولعله لن يكون الأخير.

الأزمة المتجددة كشفها قرار السلطات الإماراتية ترحيل أكثر من 250 سوريا مع عائلاتهم قسريا خلال شهر واحد فقط، ومعظمهم من أبناء محافظة دير الزور، كما وردت شهادات عن حالات تعذيب ومداهمات لمنازل بعضهم، بحسب تقارير إعلامية.

ورغم أن بعض هذه الأسر تقيم في الإمارات منذ أكثر من 20 عامًا، إلا أن السلطات الإماراتية استدعت الأشخاص المُرحلين عن طريق مركزين للشرطة في أبو ظبي، وأبلغتهم بأنهم غير مرغوب بهم وعليهم مغادرة البلاد خلال 24 ساعة.

وأفادت شهادات بعض المُرحلين قيام رجال الأمن بتعذيب أحد الأشخاص، وإجباره على الوقوف لساعات تحت الشمس قبل ترحيله، وأيضًا قيام الأمن بمداهمة بعض منازل السوريين قبيل ترحيلهم.

لكن هذا الحادث ليس الأول من نوعه، بل سبقه آخر قبل أكثر من شهر، حيث رحّلت الإمارات قسريًا نحو 50 عائلة سورية، معظمهم من أبناء محافظة درعا، دون أن تلغي إقاماتهم.

Image result for ‫اللاجئين السوريين‬‎

بعض من الاجئين السوريين 

آخر ضحايا سوريا

حوادث طرد اللاجئين السوريين، تضيف مزيدًا من التعقيد وتثير التساءلات بشأن الدور الإماراتي المشبوه في الأزمة السورية منذ اندلاعها في عام 2011.

فعلى الرغم من الصورة التي تحاول الإمارات تصديرها عن نفسها بشأن الانحياز لإرادة الشعب السوري وثورته وهو ما تمثل في سحب الإمارات لسفيرها لدى نظام بشار الأسد في بدايات الثورة، فإن الممارسات على أرض الواقع تكشف تناقضًا مريبًا.

ولعل الوثائق التي بثها الفيلم الوثائقي “الأيادي السوداء” تكشف عن العلاقات الاقتصادية التي تربط بين الإمارات ونظام الأسد والتي تجاوزت 10 مليارات دولار.

وفي 2013 زودت أبو ظبي نظام الأسد بأسلحة صاروخية طلبتها خصيصًا من مصر وتقنيات اتصالات حديثة وتسجيلات لرموز المعارضة قامت بالتجسس عليهم لصالح نظام الأسد، كما دعمت قناة “أورينت” التابعة للنظام السوري بما قيمته 15 مليون دولار من أجل تشويه معارضي الأسد، إضافة إلى تصنيفها 20 فصيلاً ثوريًا سوريًا ضمن قائمة الإرهاب.

تقارير إعلامية، قالت إن الإمارات تلعب دورا مشبوها من خلال شبكاتها السياسية والعسكرية الممتدة، التي يديرها سمسارها القيادي الفتحاوي المفصول “محمد دحلان”، من داخل الثورة السورية.

وتستضيف أبوظبي أفرادا من عائلة الأسد، وفي الوقت نفسه تقول إنها تسعى لإسقاط نظامه عبر أجهزتها وشبكاتها في قلب الثورة السورية، بما يتوافق مع سياستها الإقليمية عن طريق معارضيها مثل “تيار الغد السوري” تحت رئاسة مقربين من ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، و”الجبهة الجنوبية” والتي تملك الإمارات نفوذًا كبيرًا خلالها، إضافة للفصائل المدعومة من وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” خاصة في البادية السورية مثل فصيل “مغاوير الثورة”، وفق التقارير.

ولعل خطر دور لأبوظبي في سوريا هو عمليات الاغتيالات لمعارضين في درعا، وأبرز الاتهامات الموجهة إليها بهذا الملف، جاءت في تغريدات السوري المعروف “مزمجر الشام”، والذي اتهم الإمارات عن طريق عدة أسماء بالتورط في عدد من الاغتيالات، حيث تضم أبوظبي مقر شركة مرتزقة “بلاك ووتر” الأمنية الشهيرة، وتستعين بمرتزقتها في عمليات قذرة في حروبها في سوريا واليمن وليبيا، ضد قيادات تيار “الإسلام السياسي” في تلك الدول.

وفي الرقة شاركت قوات إماراتية خاصة تحت مسمى قوات النخبة السورية، وهي معركة نفوذ معقدة تدخل بها الإمارات بحلفائها وبنفسها هناك تارة ضد تنظيم داعش وأخرى لتحقيق مآربها من خلال فصائل تدعمها.

وبزعم الحرب ضد داعش تقدم الإمارات أوراق اعتمادها إلى الغرب، من خلال قاعدة الظفرة الجوية، والتي انطلقت، مريم المنصوري، وحينها رفعت إشارة الإعجاب بإبهامها في قمرة قيادة الطائرة، ولم يكن ذلك مثلا عمليًا ورمزيًا للحملة العسكرية ضد التنظيم، لكنه كان في الوقت نفسه مؤشرًا على الطموحات الإقليمية الإماراتية.

Image result for ‫بن زايد و بوتين‬‎

بن زايد و بوتين

دعم الأسد.. وفضيحة مصر

سياسيًا، فإن الإمارات حقيقة لا تعارض التدخل الروسي في سوريا، وهو التدخل السافر الذي يهدف لحماية النظام، ومحاربة الجماعات المسلحة التي تقاتله، وهو الموقف المتعارض مع الموقف الخليجي والدولي الذي يرفض تدخل موسكو في الأزمة السورية لصالح بقاء الأسد.

كما نجحت الإمارات في اختراق بعض الفصائل السورية وجرها لقتال بعضها البعض لحرف مسار الثورة.

دعم السد لم يتوقف عند حدود السلاح والدعم السياسي، بل امتد لما كشفته “رويترز” في أكتوبر 2015 عن تورط الإمارات في تزويد نظام الأسد بالنفط والغاز بعد فرض العقوبات الغربية على نظامه 2011 و2012، وانسحاب جميع الشركات الغربية وقامت شركات لها فروع إماراتية وكذلك موانئ مصرية تقوم بتزويد الأسد بالنفط والغاز والمشتقات النفطية.

وفي 2013 كانت الفضيحة التي اشتركت فيها مصر، عندما تلقى النظام السوري واردات ضخمة من النفط الخام العراقي عبر ميناء سيدي كرير المصري.

ففي عام 2013، أصدر الاتحاد الأوروبي قرارًا بوضع شركة “تراي أوشن تريد” المملوكة للشركة القابضة المصرية الكويتية تحت الحظر، وتجميد كل ما يتعلق بالشركة من أعمال وأموال، بعد اتهامها بخرق العقوبات المفروضة على نظام الأسد عبر إمداد سوريا بشحنات من النفط.

ونشرت رويترز في ديسمبر من العام نفسه، تحقيقًا قالت فيه إن وثائق كشفت تلقي نظام الأسد واردات كبيرة من النفط العراقي من ميناء سيدي كرير المصري في أول 9 أشهر من 2013 ضمن تجارة سرية، وقالت إن تلك التجارة التي تنكرها الشركات المعنية تدر أرباحًا طائلة؛ إذ تطلب الشركات مبالغ كبيرة فوق التكلفة المعتادة للنفط “مقابل تحمل مخاطرة شحنه إلى سوريا”.

ونقلت عن مصدر حكومي في إحدى دول الاتحاد الأوروبي قوله إن الولايات المتحدة تتحرى أمر “تراي أوشن”.

الدور الإماراتي المشبوه، انسحب على تاييد ودعم خفي لبقاء نظام الأسد، رغم مجازره التي ارتكبها بحق الشعب السوري، حيث اقترحت الإمارات على بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة إبقاء لأسد كرئيس للدولة، لكي لا تتمكن المعارضة السورية من الوصول إلى السلطة.

مصادر قالت إن الإمارات، دعت واشنطن إلى العمل مع الأسد وتخفيف دعم المعارضة السورية، مقابل ضمانات بابتعاد الأسد عن إيران.